ذكرت صحيفة “الاخبار” ان الرئيس المكلف سعد الحريري كان حتى غروب يوم أمس، غائباً عن السمع. تجاهَل اتصالات الأصدقاء التي كانت ترِد إليه من لبنان بغية جسّ نبضه، كما التزم مستشاروه سياسة الصمت نفسها.
واضافت الصحيفة انه حتى نواب كتلة “المستقبل” عُمّم عليهم التزام الصمت، فلم يخرُج منهم من يُدلي بتصريح أو يُعلن في بيان رأي التيار في ما قاله الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله.
ورات الصحيفة ان حالة من الصدمة يعيشها الحريري. فقد كان اعتقاده في غيرِ مكانه يومَ تصوّر أن حزب الله سيذهب في اللحظة الأخيرة الى تسوية حكومية على حساب حلفائه، خصوصاً أن وزير الخارجية جبران باسيل، بحسب معلومات “الأخبار”، أبلغَ الرئيس المكلّف بأنه سيلتقي بنصرالله، مراهناً على قدرته على حلّ المسألة. إلا أن نصرالله رفَع سقفه في وجه الجميع، من دون استثناء، تحت عنوانين: “ولّى زمن التواضع”، و”لا عودة عن دعم تمثيل السنّة المستقلين في الحكومة الجديدة”.
وتابعت الصحيفة ان الحريري اصبح في “خانة اليك”. الخيارات المتاحة أمامه كلها مُرّة. إما الانكسار والقبول بما سبق أن رفضه، وإما الاعتذار عن عدم التأليف، وفي أحسن الأحوال، ترك الأمور على ما هي عليه، ما يعني مواجهة سياسية مع الحزب.
في غمرة التصعيد الحكومي، يؤكّد المستقبليون أن “الحريري لن يعتذر، ولن يقبل بتمثيل السنّة من حصّته”. ويخضع هذا الثابت لاعتبارين أساسيين: الأول سعودي، لأن التراجع عن موقفه من مشاركة سنّة 8 آذار يعني التنازل للحزب، وبالتالي زعزعة العلاقة مع المملكة العربية السعودية من جديد”. والثاني “داخلي للحفاظ على ما تبقّى له من هيبة داخل الساحة السنية”.
ولفتت الصحيفة الى ان في محيط الرئيس المكلف من ينصحه بعدم التنازل، والذهاب الى مزيد من التصلّب، متسلّحاً بدعم رؤساء الحكومات السابقين ودار الفتوى، لا سيما أن “كلام السيد نصرالله حمل تحدياً واستفزازاً واضحين” بالنسبة الى المستقبليين. ومع أن خيار الاعتذار ليسَ مستبعداً تماماً، لا سيما أن الحريري سبق أن اعتذر عام 2009 وأعيدت تسميته، فقد نجد أنفسنا أمام المشهد نفسه.
لكن المستقبليين يرجّحون، بحسب ما اشارت الصحيفة، أنه “سيصّعد في الشكل ويؤكد موقفه عدم التفريط بحصته، إلا أنه قد يعلن عدم ممانعته تمثيل السنّة المستقلين من حصّة المكونات الأخرى”. وبذلك “يكون قد وضع جميع المكونات أمام الأمر الواقع. فهو بذلك لا يفجّر التسوية، لكنه ينقل الكرة الى رئيس الجمهورية العماد ميشال عون الذي يلمّح الجميع الى أن حلّ العقدة السنية لا يُمكن أن يخرُج الا من عنده”. ويعتبر هؤلاء أن “من مصلحة عون أن يأتي الحلّ من كيسه لما فيه مصلحة للعهد والبلد”.
الى ذلك افادت المعلومات ان باسيل ناقش مع عدد من حلفاء التيار فكرة ان يكون الحل من خلال ترك امر تسمية الوزير السني السادس لرئيس الجمهورية، بمعنى ان يتنازل هو عن تسمية مقرب منه لهذا المقعد، مقابل تنازل اللقاء التشاوري عن تسمية أحد أعضائه للمقعد، وتنازل الحريري عن رفضه تمثيل هذا الفريق بالمطلق، فيكون الحل بأن يختار عون شخصية من الطائفة السنية لا تعارضها القوى كافة، على ألا تتبنّاها قوة من دون أخرى.
وفيما أكدت مصادر تيار “المستقبل” عدم معرفتها بما سيعلنه الحريري في مؤتمره المقرر غداً، كانت المعلومات بدأت تتسرّب حول رأيين داخل المستقبل. واحد يُطالب بمقاطعة الجلسة التشريعية التي دعا إليها الرئيس نبيه برّي رداً على كلام نصرالله، في مقابل رأي آخر يشدد على ضرورة المشاركة “لتمرير بعض المشاريع المهمّة، منها مشروع مرفأ طرابلس، وأخرى ترتبط بمجلس الإنماء والإعمار”. وكان نواب الكتلة قد تجمّعوا ليلَ أمس في وادي أبو جميل في انتظار عودة الحريري من باريس، “ليقرر هو الموقف من المشاركة أو عدمها”.