وما إن أطلق حكم اللقاء الإثيوبي صافرة نهاية اللقاء، حتى صبت جماهير الأهلي جام غضبها على المدرب الفرنسي، الذي رأى البعض إنه “جاء إلى تونس بقرار الخسارة”، حتى إن تعليماته بدت واضحة في الاعتماد على الاستحواذ السلبي على الكرة وكبح الطموح الهجومي للفريق.
وجاءت نتيجة اللقاء عكسية، حيث فشل الفريق القاهري في الاحتفاظ بأفضليته التي حققها في مصر بالفوز بنتيجة 3-1، لتتلقى شباكه ثلاثية نظيفة على ملعب “رادس” في تونس ويخسر اللقب من الدور النهائي للنسخة الثانية على التوالي.
أما خطأ كارتيرون الثاني من وجهة نظر جماهير الأهلي فكان الدفع بلاعبين ليسوا على قدر المباراة، ومنهم قلب الهجوم مروان محسن الذي جاءت مشاركته اضطرارية بدلا من المهاجم الأساسي وليد أزارو، الموقوف بعد واقعة تمزيق القميص الشهيرة في لقاء الذهاب.
ومع غضب جماهير الأهلي من قرار الاتحاد الأفريقي لكرة القدم (كاف) بإيقاف المهاجم المغربي لمباراتين مما حرمه المشاركة أمام الترجي، فإنها لم تعفِ كارتيرون من التسبب في هذا الإيقاف، بعد أن كشفت إعادات تلفزيونية أن اللاعب مزق قميصه على ما يبدو بعد توجيه من مدربه، لإقناع حكم لقاء الذهاب بالتعرض لمخالفة تستوجب احتساب ركلة جزاء نالها الأهلي بالفعل في لقاء الإسكندرية.
ويكشف إحصاء بسيط الطريقة “العقيمة” التي اعتمدها كارتيرون في لقاء الإياب، حيث إن فريقه لم يسدد ولو مرة واحدة على مرمى معز بن شريفية حارس أصحاب الأرض، في حين كان اللعب بطريقة أكثر توازنا وأقل تحفظا، كفيلا بتهديد شباك الترجي المندفع للهجوم معظم أوقات المباراة.
المعنويات قبل الفنيات
على الطرف الآخر، قاد المدير الفني للترجي معين الشعباني كتيبة لاعبيه لتحقيق تقدم فني ملحوظ على ضيوفهم، ونجح في انتشالهم من دوامة “عقدة رادس”، حيث يتمتع الأهلي بميزة نسبية بتحقيقه 4 انتصارات على الترجي بآخر 4 لقاءات على أكبر ملعب في تونس.
ومنذ مطلع اللقاء، بدا لاعبو الترجي عازمين على تحقيق انتصار يعوض تأخرهم ذهابا، مدفوعين بروح الشعباني الذي خاض نزالا نفسيا قبل أن يكون فنيا، وعوض النواقص والغيابات في فريقه بمعنويات عالية بثها في لاعبيه، تكللت بنية الفوز.
وبعد تجاوز رهبة البداية، سجل أصحاب الملعب تفوقهم النسبي على أرضية الميدان، ونجحوا في السيطرة على المباراة بلغة كرة القدم، مستفيدين من تراجع مفاجئ من الضيوف الذين كان شغلهم الشاغل الحفاظ على نتيجة التعادل لأطول وقت ممكن.
وتعكس تصريحات الشعباني تركيزه على تحرير لاعبي الترجي من الضغط قبل اللقاء وإعادتهم لتركيزهم في مواجهة “رادس”، لا سيما بعد خسارتهم 1-3 ذهابا ملعب برج العرب في الإسكندرية، ورؤيتهم الحلم الأفريقي يتبخر أمام أعينهم.
لكن العوامل النفسية لم تحسم وحدها تفوق الترجي، حيث لعبت تحركات لاعبي الوسط، لا سيما نجم اللقاء سعد بقير، وقلب الهجوم طه ياسين الخنيسي، دورا كبيرا في خلخلة وسط ودفاعات الأهلي الذي فشل في مواجهة الهجمات المباغتة للترجي، خاصة في الشوط الثاني.
كما كان لتوقيت الهدف الأول للترجي مفعول السحر على أصحاب الملعب وضيوفهم في الوقت ذاته، حيث جاء بينما يستعد الجميع لمحاضرة الاستراحة، ليحفز أبناء الشعباني بقوة وينذر منافسيهم بأن بساط اللقاء قابل للسحب في أي لحظة، ويؤشر على انفتاح النزال الساخن على كافة الاحتمالات.