كتب المعلق في صحيفة “الغارديان” ريتشارد وولف مقالا، يعلق فيه على نتائج الانتخابات النصفية في الولايات المتحدة، وتأثيرها على إدارة الرئيس دونالد ترامب.
ويقول الكاتب إن سيطرة ترامب اللامحدودة على السلطة وصلت إلى نهايتها، عندما صوت الأمريكيون لصالح الديمقراطيين، الذين انتزعوا من الجمهوريين مجلس النواب.
ويرى وولف في مقاله، أن “الانتخابات النصفية غيرت حياة الرئيس بشكل أساسي، وربما لم يعرف بعد، لكنه سيكتشف ذلك لاحقا”.
ويقول الكاتب: “في نقطة مظلمة من دماغ ترامب الضخم جدا جدا هناك شعور يزعج حفرة النرجسية المتعجرفة لديه، فداعموه لم يعودوا معه كما في الماضي، ولم يتخلوا عنه بالجملة، والرجل العجوز الغاضب لا يزال موجودا يوزع الشتائم على المهاجرين والإعلام وأي شخص ليس رجلا عجوزا غاضبا”.
ويستدرك ووولف بأن “هؤلاء النساء البيضاوات كلهن –لأن البقية ليست محسوبة عليه- هربن للأبواب التي كتب عليها (تريكست/ مخرج ترامب)”.
ويلفت الكاتب إلى أن “النتائج أعطت الديمقراطيين تقدما هائلا، بنسبة 21 نقطة بين النساء، أما الجمهوريون فقد سجلوا نقطتين متقدمتين على الديمقراطيين بين الرجال، وانقسمت النساء البيضاوات بين معكسر ترامب والديمقراطيين بنسبة 50- 48، والفئة الوحيدة التي فاز فيها الجمهوريون هي الرجال البيض فوق سن 65 عاما وبنقطة واحدة”.
ويفيد وولف بأنه “في استطلاعات سابقة، منحت النساء ترامب تقدما بنسبة 9 نقاط ضد أول امرأة رشحت نفسها للرئاسة الأمريكية، لكنهن قررن الوقوف مع الديمقراطيين يوم الثلاثاء”.
ويجد الكاتب أن “انتخابات عام 2018 كانت قصة الهروب الكبير للنساء البيضاوات للضواحي من ترامب، وغيرن وضع تكساس، ولأول مرة منذ عقدين، ولا تحتاج لأن تكون مستشارا سياسيا لتعرف أهمية تكساس للرئيس”.
ويؤكد وولف أنه “لهذا السبب، فإن المعلقين السياسيين يقولون إن الانتخابات النصفية هذه المرة مختلفة عن الدورات الرئاسية السابقة، فقد خسر أوباما وبشكل كبير انتخابات عام 2010 النصفية، وفاز في ولاية ثانية بشكل كاسح بعد عامين، بعد أن تعلم وحاول الوصول إلى الناخبين في الوسط، لكن ترامب لا يبدو أنه تعلم أو أنه قادر على عمل هذا”.
ويرى الكاتب أن “ترامب لن يتغير مهما قال له الناخبون، بل سيحاول التمسك بالسلطة ونظريات اليمين المتطرف، إلا أن انتخابات عام 2018 لم تكن هزيمة ساحقة للجمهوريين، ودمرت كل موقف من مواقفهم، وكان يمكن للجمهوريين المضي في النصر في وقت تنعم فيه أمريكا بالسلام والازدهار، لكن الناخب الأمريكي أظهر في انتخابات مجلس النواب، وعلى خلاف مجلس الشيوخ، أن هناك محدودية لهجمات ترامب المعادية على المهاجرين والعنصرية ومعاداة للمرأة دون حياء”.
ويقول وولف: “اتضح أن الشعبوية لم تكن شعبية في النهاية، وكُشف عن أن نساء الضواحي لا يدعمن فصل العائلات وتفريقها، ولا قطع العناية الصحية، ففي كنساس فشل كريس كوباتش في الفوز في ولاية فاز بها ترامب بعشرين نقطة، وبهزيمته في مجلس النواب أنهى الديمقراطيون عامين من رفض الجمهوريين القيام بعملية رقابة على سياسات ترامب”.
وينوه الكاتب إلى أنه “ستكون هناك تحقيقات كثيرة في خسارة آلاف الأرواح في بورتوريكو بعد إعصار ماريا، فقد منع الجمهوريون أي تحقيق في عقود بمئات الملايين التي كان يمكن أن تنقذ أرواحا، وبدلا من الهوس في إلغاء قانون العناية الصحية لأوباما، ستكون هناك تحقيقات أخرى مثل التدخل الروسي في انتخابات عام 2016، والتضارب بين الحملة الانتخابية ومصالح منظمة ترامب”.
ويذهب وولف إلى أن “ترامب خسر سلطته اللامحدودة، وإذا كان أسلافه دليلا فلن يعود إليهم قريبا، لكن ترامب سيظل يرشح قضاة للمحكمة العليا، وبالنسبة للديمقراطيين فلا يعد هذا سيناريو جيدا، إلا أن سيطرة الجمهوريين على الكونغرس ليست سيناريو جيدا أيضا”.
ويبين الكاتب أن “هذه المنافسة هي مقدمة للمنازلة القادمة للكونغرس والبيت الأبيض، فدون عودة الرئاسة للديمقراطيين فلن يستطيعوا معالجة القروح التي تركتها الترامبية”.
ويقول وولف: “من المهم أن هناك نساء فزن في الحزب الديمقراطي أكثر من الرجال، ولأول مرة ستكون هناك امرأة متحدثة، وستقود امرأة نصف الكونغرس، وهما إنجازان تاريخيان”.
ويختم الكاتب مقاله بالقول: “لم تكن انتخابات عام 2018 النصفية موجة زرقاء ساحقة للديمقراطيين، لكنها كانت فوزا ساحقا بالنسبة للمرأة ناخبة ومرشحة”.
“عربي 21”