العقوبات الأميركية ضد إيران، في حزمتها الثانية (النفط والمصارف)، تدخل حيّز التنفيذ، ايذاناً بحزمة جديدة من التجاذب الدولي – الإقليمي في المنطقة، لم يكن لبنان، كما هو مرجح بمنأى عنه، على الرغم من ان سياسة «النأي بالنفس» كانت من بين أبرز التفاهمات التي تحكم وضعية البلد، إزاء ما يحيط به من احداث ونيران.
وعلى وقع هذا الترقب، ارجأ الرئيس سعد الحريري، الموجود في باريس، عودته التي كانت متوقعة اليوم إلى بيروت، فيما ترددت معلومات، لم يؤكدها أي مصدر فرنسي ان موفداً إلى بيروت هو Amelien Le ChevaliER سيصل لبنان ومن المحتمل ان يتطرق في لقاءاته إلى الوضع السياسي، بما في ذلك تأخر تأليف الحكومة.
وفي السياق الحكومي، كشفت مصادر مطلعة ان لبنان يمر بأزمة تأليف مفتوحة، تنتظر جلاء الغبار الإقليمي، وعودة الرئيس المكلف لاستئناف الاتصالات، في ضوء جمود يضرب الموقف، وإن تحدثت مصادر نيابية عن اتجاه لزيارة وفد من كتلة الوفاء للمقاومة إلى بعبدا.
على الرغم من اقتناع كثير من المراقبين أو المعنيين بموضوع تأليف الحكومة، بأن الأزمة الحكومية المستجدة، أو المفتعلة، ليست في وارد إيجاد الحلول لها، قبل ان تتبلور مفاعيل العقوبات الأميركية على إيران، فإن بعض المعلومات تتحدث عن إمكان ان يشهد الأسبوع الطالع اتصالات ولقاءات لحلحلة عقدة تمثيل النواب السنة المستقلين، في حال عودة الرئيس الحريري من باريس، علماً ان هذه الاتصالات ستتركز اساساً على معالجة موضوع الخلاف في وجهات النظر بين الرئيس ميشال عون و«حزب الله»، على اعتبار ان حل هذا الخلاف يمكن ان يمهد أو يؤسّس لصيغة حل من شأنها ان تفتح «كوة» في موضوع تمثيل النواب السنة من خارج تيّار «المستقبل»، إلا إذا أراد «سعاة الخير» الذين يعملون على رأب الصدع الذي أصاب العلاقة بين الطرفين، بعد الموقف الذي أعلنه رئيس الجمهورية في حواره التلفزيوني الأخير، على حصر وساطتهم في معالجة نقاط التباين من دون الدخول في معالجة موضوع الأزمة أو الخلاف، بقصد إبقاء الكرة في ملعب الرئيس المكلف، وليس في ملعب الرئيس عون أو «حزب الله»، الذي قالت مصادره أمس ان المشكلة ليست مع عون الذي نختلف معه في وجهات النظر، لكن ليست هناك قطيعة معه.
وفي اعتقاد أوساط «سعاة الخير» ان موضوع الخلاف بين الرئيس عون و«حزب الله» يمكن إيجاد حلول له بالحوار أو عبر اتصال مباشر، وهو ليس مشكلة لدى الطرفين، في حين ان موضوع تمثيل النواب السنة الستة غير قابل للمعالجة في الوقت الراهن، على الرغم من وجود مقترحات عدّة ما زالت قيد التداول، لكن من دون ان يتبناه أحد كحل مقبول، وقد تحتاج إلى شهرين أو أكثر، ريثما تتضح ابعاد «الكباش الاقليمي» الحاصل في المنطقة سواء على صعيد العقوبات الأميركية أو إيجاد الحلول للازمات المشتعلة في اليمن وسوريا.
وقالت هذه الأوساط لـ«اللواء» ان المساعي التي تقوم بها أكثر من جهة، وخاصة المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم لم تصل إلى مرحلة إيجاد الحلول المقبولة، وانه لا مجال الآن للدخول في أية محاولات ناجحة قبل ان تبرد الأمور بين أطراف الأزمة، وبخاصة بين الرئيس عون و«حزب الله» وبين الرئيس الحريري والنواب السنة المستقلين.
وزاد من تعقيد الأمور، الاتهام المباشر لـ«حزب الله» بتنفيذ أجندة إيرانية بتعطيل تشكيل الحكومة اللبنانية، عبر ربط التشكيل بتمثيل حلفائه من النواب السنة، بسبب الصراع الدولي والإقليمي بين الإدارة الأميركية وإيران، هذا الصراع الذي أشار إليه مرجع سياسي رسمي، مبدياً مخاوفه من انعكاسه السلبي على لبنان، خاصة إذا جعل الطرفان من لبنان ساحة لتصفية الحسابات، بحيث يصبح التفاوض بين الكبار اصعب من التفاوض بين أهل البيت اللبناني لحل أي خلاف أو اشكال داخلي، من دون ربطه بتعقيدات الأزمات الإقليمية.