أكد وزير الداخلية والبلديات في حكومة تصريف الاعمال نهاد المشنوق، أن “الخزان الكبير الذي اسمه المسؤولية الوطنية لدى أهل السنة بدأ ينفد، بعدما تعرض للاستنزاف حتى لا أقول للابتزاز. فلسنا وحدنا المسؤولين والمعنيين بالميثاقية، ولسنا وحدنا أم الصبي، فكيف إذا عوملت الأم بطريقة سيئة، ليس أكيدا بعدها أن يبقى الصبي على قيد الحياة لنحرص عليه”.
كلام الوزير المشنوق جاء في خلال جولة في منطقة البقاع الأوسط، حيث افتتح مشروع “هوم سكايب” في منطقة تعنايل لأصحابه المغتربين من آل ياسين، بحضور النائب عاصم عراجي، النائب السابق انطوان سعد، مفتي البقاع الشيخ خليل الميس، محافظ البقاع القاضي كمال أبو جودة، مستشار الرئيس المكلف سعد الحريري لشؤون البقاع علي الحاج ومستشاره للشؤون الإسلامية الشيخ علي الجناني، الى عدد من المشايخ ورؤساء البلديات وفاعليات.
المشنوق
وقال الوزير المشنوق: “لن نكون كاريتاس سياسي، وكما علينا واجبات فلنا حقوق، ومن غير المقبول أن تصبح رئاسة الحكومة وحدها مركز خبرات لتفكيك العبوات السياسية وإزالة الألغام المتتالية التي تتكاثر يوما بعد يوم”.
وروى المشنوق قصة من كتاب للأديب زكريا تامر، “عن طفل يضربه جمع من الناس، فاقترب منهم رجل وسألهم لماذا يضربونه، فأجاب الطفل: يريدون مني أن أقول حرف الألف. فقال له الرجل: قل الألف وتخلص من هذا الضرب. فأجابه الطفل: يريدونني أن أقول حرف الألف اليوم، وغدا سيطلبون الباء والتاء والثاء، ولن ننتهي من الضرب والأحرف”، واضاف المشنوق: “نحن اهل السنة، بالإذن من المفتي، لم نصل إلى هنا بعد ولن نقول حرف الألف”.
وتابع: “كل يوم يخلقون لغما جديدا، ويبتكرون معايير جديدة ويطبقونها بشكل إنتقائي وحيث يحلو لهم، ويطبقون عكسها في مكان آخر”، سائلا: “لماذا لا تكون مثلا مبادلة الوزراء بين كل الأطراف؟ وإذا كانت المبادلة مكسبا وطنيا، فلتكسب كل الأطراف منها، ونحن نقبل أن نكون آخر الكاسبين. بصراحة لقد طفح الكيل لأن الامور وصلت إلى مكان حيث لا يمكن السكوت ولا تكفي المراقبة”.
واكد “حسابنا هو الحساب الوحيد المفتوح والكل يريد أن يغرف منه، وقد وصلت الأمور إلى مكان حيث يجب أن يعاد النظر في كل القواعد المفتعلة، رغم تأكيدنا أننا أهل دولة وأهل عيش واحد، ولا شيء ندعو إليه، لا بأفكارنا ولا في نفسيتنا ولا في تربيتنا غير الدولة، لكن في الوقت نفسه ليس اختصاصنا وحدنا أن ننقذ المعادلة الوطنية، فمن دون شراكة فاعلة وحقيقية من الآخرين لا يمكن أن ننقذ هذه المعادلة”.
وإذ دان المشنوق “الكلام البذيء والتافه الذي نشر عن المملكة العربية السعودية وعن ولي العهد السعودي وعن السفير السعودي”، اكد انه “يتجاوز كل ما يمكن لأي إنسان محترم أن يتحمله، وهو أسوأ من البذاءة بكثير”.
وقدم وزير الداخلية اعتذارا “باسم أهل البقاع وكل من أمثله من اللبنانيين، إعتذارا من ولي العهد السعودي ومن سفير المملكة العربية السعودية”، لافتا الى ان “لولي العهد تطلعات وأفكار وأحلام، قد يختلف أحدنا أو يتفق معه، لكل رأيه؟ لكن لا نقبل بأن يربط الهجوم عليه بمقتل الصحافي جمال خاشقجي. فالمسؤولون عن الجريمة تم توقيفهم وهم قيد المحاسبة والمسؤولية، وتعود إلى القضاء السعودي التركي المشترك”، معتبرا انه “يجب عدم الربط بين هذين الموضوعين، فنحن لسنا دولة مهينة للدولة العربية الأولى، ولا نقبل أن يهان سفيرها الذي يجول في كل المناطق اللبنانية ويتابع أمور اللبنانيين بدماثة خلق وبلطافة، ولا نقبل أن يشتم ولي العهد في وسيلة إعلامية”.
وأعلن المشنوق هذا الموقف “من ضمن المسؤولية الشخصية، دون العودة إلى أحد، وربما هذا الكلام لا يعجب آخرين، لكن لا أقبل أن أبقى في مقعد المتفرج إلى أن يقضي الله أمرا كان مفعولا. فهناك شيء آخر غير الدعاء يجب أن نفعله، وهو أن نحدد موقفنا من الذي يحصل، لأن هذا الخزان الكبير الذي اسمه المسؤولية الوطنية بدأ ينفد واستنزف أكثر من قدرة أي مجموعة أو طائفة على التحمل”.
ولفت الى ان “حديث أجريناه مع أصحاب الفضيلة والسماحة عن صور المسؤولين الإسرائيليين التي نراها في أكثر من دولة”، وقال: “يجب أن نكون واضحين. نحن ملتزمون بالمبادرة العربية للسلام التي قدمها العرب في بيروت العام 2002، والتي نصر عليها لأننا نريد السلام ولا نخجل به. فالسلام مطلبنا ومشروعنا وليس تهمة، السلام القائم على المبادرة العربية، وان شاء الله يصب هذا الجهد في سقف المبادرة العربية لأن غير ذلك لن يقبل به الفلسطينيون ولا العرب”.
وتحدث المشنوق عن اصحاب المشروع، فقال: “قصة نجاح آل ياسين توحي بالثقة بلبنان، لأنهم شباب لبنانيون، ونأمل أن يكون نجاحهم معديا بين المغتربين لتأسيس مشاريع وخلق فرص عمل لأبناء مناطقهم وبلداتهم، لأنه يجب أن نعترف بأن مؤسسات الدولة ووزارتها تأخرت كثيرا عن إعطاء هذه المنطقة حقها، وهناك القصة المتداولة والشهيرة، ولا أعرف إلى متى ستبقى تؤرقنا، وهي مسألة تلوث مجرى نهر الليطاني وضرورة تنظيفه”، واعدا “من موقعي، أينما أكون، سأعمل على متابعة هذا الملف، نائبا كنت أو مواطنا، رغم أن التسمية الأحب على قلبي أنني مواطن من جمهور الرئيس الشهيد رفيق الحريري”.
الميس
كما ألقى المفتي الميس كلمة، في الافتتاح، فقال: “من الوجوه نقرأ ومن القلوب يكون المعنى، الكلام الذي نقرأه بعيوننا هو أنه بالأمس هاجر النبي من مكة إلى المدينة، ومكة كما نعلم فيها بيت الله الحرام، ولكن كان فيها ما فيها… هاجر النبي ثم عاد إلى مكة فاتحا بمن هاجر. ووطني أصيب بما أصيب، هاجر من هاجر وهؤلاء الفاتحون لأبواب الوطن العظيم آل ياسين الكرام”.
وكان المشنوق تفقد “مستوصف الرئيس الشهيد رفيق الحريري” في بلدة تعنايل الذي يديره آل ياسين وأشرفوا على إعادة تفعيله وتطويره، واطلع على سير الأعمال فيه من النواحي الطبية والتقنية والإدارية، ثم زار “مستشفى تعنايل العام” للاطلاع على أوضاعه.
بر الياس
وبعد ذلك، تفقد المشنوق معمل فرز النفايات في بر الياس، الممول من الإتحاد الأوروبي ضمن مشروع مشترك بين وزارة الداخلية وبين الصندوق الاقتصادي الاجتماعي للتنمية.