خطر تفشّي مرض السرطان في لبنان، يزداد من سنة إلى أخرى، فالأرقام سجلت 8976 حالة وفاة، وأكثر من 17294 إصابة جديدة، حيث أكد تقرير «الوكالة الدولية لأبحاث السرطان (IARC)، احتلال لبنان المرتبة الأولى، بين دول غربي آسيا، بعدد الإصابات قياساً بعدد السكان، وإنّ 242 مصاباً بالسرطان، بين كل 100 ألف لبناني، فيما كشف وزير الصحة العامة في حكومة تصريف الأعمال غسان حاصباني عن أنّ «ما يحدث أمر مخيف ومرعب، لأن نسبة المصابين بالسرطان ازدادت بنسبة 5.5% سنوياً، ما بين 2005 و2016، وهناك 7000 مريض بالسرطان، يُعَالَجون على نفقة الوزارة، التي خصّصت مبلغ 54 مليون دولار، في العام 2016، لتقديم الدواء المجاني لمرضى السرطان، الذي يعالج 42% منهم، على حساب الدولة اللبنانية».
ضمن هذا الإطار، التقت «اللواء»رئيس قسم أمراض الدم والسرطان، ومدير مركز علاج سرطان الثدي، في الجامعة الأميركية في بيروت، ورئيس الجمعية اللبنانية لمكافحة سرطان الثدي، البروفسور ناجي الصغير، الذي لفت إلى أنّ لغة الأرقام في لبنان وجهة نظر ورأي.
وقال: «إنّ عدد حالات الإصابات بمرض السرطان في لبنان، تزداد بشكلٍ لافت وواضح، فيما الأرقام المعتمدة، من قِبل منظمة الصحة العالمية، تفتقر إلى وجود سجل وطني واضح ودقيق لحالات السرطان في لبنان. إذ لم نشهد على تحديث فعلي وجدي له، منذ عدة سنوات.
لذلك، المطلوب إلزام المراكز الطبية والمستشفيات ومختبرات الزرع، التواصل مع وزارة الصحة العامة، والإبلاغ عن كل حالات السرطان ونوعه، والتشخيص الدقيق للورم، والمرحلة والعلاج ومصيرالمريض.
مع الأسف، هناك غياب ونقص واضح، لهذه التفاصيل الطبية الدقيقة، التي من شأنها أن ترسم صورة مفصّلة، لحالات مرضى السرطان في لبنان، فالأرقام التي نُشِرَتْ قدّرت عدد مرضى السرطان بـ 8976 حالة وفاة، في العام 2018، بالإضافة إلى 17294 إصابة، فيما بلغ عدد الوفيات، بهذا المرض الخبيث، للعام 2007-2008، 9000 حالة، فالزيادة خلال السنوات العشر الأخيرة بلغت 8000 حالة، ونذكّر بأنّ مستشفى الجامعة الأميركية في بيروت، تستقبل لوحدها 2000 حالة، فيما يبلغ عدد المصابين من السوريين والعراقيين 4000 شخص، يقصدون لبنان من أجل التشخيص والعلاج».
الأسباب!!
وبالنسبة إلى أبرز الأسباب التي تؤدي إلى الإصابة بمرض السرطان، أشار البروفسور الصغير إلى أنّ «هناك أسباباً عديدة تؤدي إلى الإصابة بمرض السرطان، وهي تتوزّع على النحو الآتي:
1ـ التدخين: 35% من حالات الإصابة بمرض السرطان، سببها التدخين بكل أنواعه، و22% من الوفيات السرطانية، سببها المباشر التدخين، فـ60% من الشعب اللبناني يدخّنون كل أنواع السجائر والتبغ والتنباك، و30-40% من النساء يدخنون الأركيلة، فكل نفس معسّل منها يعادل علبة دخان، والذي يتضمن 40 مادة سامة ومسرطنة. والمطلوب رفع سعر علبة الدخان والمعسل، إلى 20 ألف ليرة لبنانية، فيما السؤال المطروح، لماذا لم يطبّق قانون عدم التدخين، في الأماكن العامة، الذي أقر منذ فترة ليست ببعيدة، وفرضت غرامات مالية لكل من يخالفه؟!
2ـ أيضاً هناك التلوّث البيئي بكل أنواعه: عدم نظافة الهواء، حرق النفايات في الهواء الطلق، واختلاط مياه الصرف الصحي بالمياه الجوفية ومياه الري، ما عرّض سكان لبنان إلى مخاطر صحية جمّة، رغم الاحتجاجات التي قام بها الحراك المدني، في العام 2015، بخصوص تراكم النفايات وانتشارها في مختلف المناطق والمدن اللبنانية، وصولاً إلى رميها في عمق البحر، وعلى الشواطئ والسواحل، ما ألحق الضرر بالثروة السمكية وسواها، وباتت التربة ملوثة وحركة الغيوم لناحية هطول الأمطار، فيها تراكمات مُضرّة وسلبية، دون أنْ ننسى ما ينتج عن المعامل والمصانع، المنتشرة على طول الساحل اللبناني، وفي عمقه الداخلي من أضرار خطيرة ومؤذية، وهناك أكثر من 150 مكب نفايات في الهواء الطلق، تُحرق فيها كل أنواع النفايات، والتي تفتقد إلى غياب الإدارة الصحيحة لها، ما يعرض سكان المناطق المجاورة، لمخاطر صحية خطيرة، نتيجة التنشق المستمر للدخان، وهو ما يؤدي إلى ظهور أمراض تنفسية، تزيد خطورة الإصابة بالسرطان، فلو أخذنا مثلاً البطاريات التي تحمل مواد مسرطنة، تُرمى في البحر، أو تُطمر من دون معالجة، وأيضاً باتت كل الأنهر اللبنانية ملوثة، وتحولت إلى مكبات للنفايات والردميات، والبقايا التي تنتجها المصانع، والكسارات التي شوّهت الواقع الطبيعي للجبال اللبنانية.
3ـ النظام الغذائي غير الصحي والسليم واتباع حميّات غير صحية، فالمطلوب التقليل من اللحوم والدهون والشحوم، والتخفيف من تناول لحم الغنم والبقر، والإكثار من تناول الخضراوات والفاكهة، على مختلف أنواعها.
4ـ عدم ممارسة الرياضة وقلّة الحركة والنشاط وغياب الأنشطة الرياضية، وتعوّد المواطن اللبناني على الخمول والكسل، فلا توجد أماكن محدّدة وكافية، لممارسة رياضة المشي، في ظل غياب البيئة الصحية النظيفة، وبتنا نفتقد إلى وجود مساحات خضراء، في العاصمة بيروت، والتعرّض والتشويه والأذى، طال المساحة المتبقية في حرش بيروت، ما أدى إلى ظهور حالات من الوزن الزائد، لدى أجساد اللبنانيين، والتي سميت بفئة البدناء من رجال ونساء.
5ـ الإصابة ببعض الإلتهابات، ومنها تشمّع الكبد، وعنق الرحم لدى النساء، ما يرفع نسبة الإصابة بالسرطان، والوقاية السريعة تكون بأخذ الطعم، ضد هذا النوع من السرطان».
الأكثر انتشاراً
{ وعن نوع السرطان الأكثر انتشارا، قال البروفسور الصغير: «لا يزال سرطان الثدي يحتل النسبة الأكبر بعدد الإصابات الجديدة، والأكثر انتشاراً بنسبة 18.6%، أي 3219 إصابة، ويتصدّر قائمة الأمراض السرطانية في لبنان، حيث يشكّل 35 إلى 40% من حالات السرطان، عند السيدات، وننصح كل سيدة بعد سن الأربعين، بإجراء فحص للثدي وهناك 127 مستشفى ومركزاً ومستوصفاً طبياً، أبوابها مفتوحة للقيام بالصورة الشعاعية للثدي بالمجان.
المطلوب من كل امرأة بين سن 20 و40، القيام بالفحص الذاتي مرّة كل شهر، وبالفحص عند الطبيب مرّة كل 3 سنوات، وبعد سن الـ 40، يستمر الفحص الذاتي مرّة كل شهر، والفحص السريري عند الطبيب مرّة كل سنة، وإنّ التطوّر المستمر في علاج سرطان الثدي يجعل نسبة الشفاء، تقارب الـ 90%، في المراحل المبكّرة من المرض، و60% تشفى من هذا المرض الخبيث، وتتمثل القاعدة الطبية بالتشخيص الدقيق والصحيح للورم، من خلال الخزعة والفحوص والصور الشعاعية، والتي تحدد تفاصيل الورم ومدى انتشاره».
(اللواء)