أَسْقط إعلان حزب «القوات اللبنانية» أمس، قبولَه المشاركة في الحكومة الجديدة بالحصة الرباعية التي عُرضتْ عليه العقبةَ الرئيسية التي كانت لا تزال عالقة أمام ولادة التشكيلة الثلاثينية التي عاشت بيروت في أجواء أنها ستحصل اليوم، ما لم تنكشف عقدة تمثيل النواب السنّة الموالين لـ «حزب الله» عن خفايا…
وفي هذا الاطار، وفيما بدأ الرئيس المكلف سعد الحريري، بتسلّم أسماء الوزراء من الأطراف المشارِكين في الحكومة تمهيداً لإكمال «بازل» التشكيلة النهائية، رفض «حزب الله» مساءً تسليمه أسماء وزرائه الثلاثة رابطاً ذلك بتسمية وزير من النواب السنّة الموالين له، وسط إعلان مصادر قريبة منه ان «مَن انتظر القوات أشهراً يستطيع الانتظار أياما»، في حين كررت أوساط الرئيس المكلف انه لن يقبل بتوزير أي من هؤلاء من حصته وإلا لن يشكّل الحكومة «وليفتّشوا عن رئيس حكومة غيري».
وجاء سحْب «القوات» نفسها من دائرة التعقيدات بإعلان رئيسها الدكتور سمير جعجع بعد اجتماع كتلته البرلمانية الموافقة على دخول الحكومة «رغم الظلم الكبير بحقّنا (في الحقائب) مقارنة مع بقية الكتل» وذلك «كي نكمل من الداخل تحقيق أهدافنا التي من أجلها ترشّحْنا إلى الانتخابات النيابيّة واستشهدنا واعتُقلنا وعانينا كل ما عانيناه»، ليحصر «موانع» التأليف بتمثيل السنّة المؤيدين لـ «حزب الله».
وفي حين كان مُتَوَقَّعاً أن يزور الحريري مساء أمس عون حامِلاً معه آخر تشكيلةٍ في ضوء سير «القوات» بحصّة «الأمر الواقع» (تشمل نائب رئيس الحكومة مع حقائب العمل والشؤون الاجتماعية والثقافة) التي اعتبرتْ أنها أحبطتْ من خلالها نيةً بإحراجها لإخراجها من الحكومة، فإنّ هذا التطور وَضَعَ الرئيس المكلف في موقع أكثر قوّة لحشْر الآخرين في ما خص تمثيل النواب السنّة من خارج عباءته، وسط اعتقاد غالبية الدوائر أن من الصعب جداً على رئيس الجمهورية أن يجعل هذه المسألة، التي حرصتْ أوساطه أمس على اعتبار انها «نقطة عالقة وليست عقدة»، سبباً لإسقاط فرصة استيلاد الحكومة اليوم ودخوله غداً السنة الثالثة من ولايته بحكومةٍ طال انتظارها خمسة أشهر ونيف، وخصوصاً بعدما لم يعد أمام صدور مراسيمها إلا تدوير زوايا تمثيل السنّة الموالين لـ «حزب الله».
وعُزي تأخير ولادة الحكومة حتى اليوم مبدئياً الى المزيد من التشاور في كيفية إيجاد مخْرج يوفّق بين مسألتين: الأولى عدم رغبة الرئيس في أن يكون تمثيل السنّة المؤيدين لـ «حزب الله» من «كيسه» بمعنى عدم تحبيذه توزير شخصية من هؤلاء تكون أقرب الى «الوديعة» في حصّته التي كان الحريري تنازل له في إطارها عن وزير سني (مقابل مسيحي من حصة الحريري)، ولا سيما ان ثمة نواب سنّة هم أعضاء في كتل هي على خلاف كبير مع فريق رئيس الجمهورية مثل فيصل كرامي المنضوي في كتلة رئيس «تيار المردة» سليمان فرنجية.
والثانية قرار الحريري الحاسم برفْض اي مسعى لكسْره من بوابة هذه المسألة التي لها تأثيرات على زعامته وإمساكه بقرار طائفته والتي تنطوي، حسب أوساط مطلعة، على رغبة من «حزب الله» في إحداث «دفرسوار» داخل البيئة السنية.
وكان جعجع استعان في معرض إعلانه قرار المشاركة في الحكومة بمثلين الأول بالفرنسية ومفاده، «ليس هناك من أعمال حقيرة وإنما أناس حقيرون، وسأستعمل هذا المثل بتصرّف لأقول، ليس هناك حقائب وزاريّة حقيرة وإنما أناس حقيرون». أما الثاني ففي يوم من الأيام سألوا تشرتشل، لماذا تجلس إلى آخر الطاولة وليس إلى رأسها، فردّ، حيث أجلس أنا يكون رأس الطاولة».
(الراي)