يواصل الرئيس المكلف سعد الحريري تدوير الزوايا، علّه ينجح في إيجاد صيغة ترضي “القوات اللبنانية” الرافض رئيسها سمير جعجع المشاركة في الحكومة ما لم يحصل على حقيبة وزارة العدل، أو على حقيبة وزارة أخرى تعادلها، فيما عاد رئيس الجمهورية ميشال عون إلى الإصرار على جعل “العدل” في حصّته.
وقالت مصادر الرئيس الحريري لـ”السياسة” إن الوضع المستجد استدعى تفعيلاً لحركة المشاورات من جانب الرئيس المكلف، الذي “قد يزور قصر بعبدا في أي وقت” لبحث المستجدات الحكومية مع الرئيس عون، نافية أي توجّه لدى الحريري للاعتذار عن التكليف.
في المقابل، علمت “السياسة” من أوساط “قواتية” أن لقاء الحريري وجعجع الأخير بحث في سبل تجاوز المأزق، بما يساعد على تشكيل حكومة متوازنة تحفظ حقوق الأطراف. وشددت الأوساط على أن الحريري جدد التأكيد على أنه لن يشكل حكومة من دون القوات، مؤكدة أن قنوات الاتصال مفتوحة للتوصل إلى حل لا يشكل استفزازاً لأحد.
وكشفت مصادر الرئيس الحريري أنه مستاء من الضغوط التي تُمارس عليه لتوزير سنّة 8 آذار، وأنه يريد إبلاغ الرئيس عون رفضه توزير أحد من النواب السنّة خارج تيار المستقبل، لأن تركيزه منصبّ على إيجاد حل لمأزق وزارة العدل، وأنه منذ الأساس لا يعترف بشيء اسمه عقدة سنّة 8 آذار.
وقالت مصادر القوات: “لم نطالب بحقيبة العدل، إنما الحريري هو من عرضها علينا، والرئيس عون هو من بدّل موقفه تجاهه، وبالتالي باتت المشكلة بين عون والحريري، ونحن ننتظر عرضاً جديداً من الرئيس المكلّف”، مشيرة الى انّ “البحث جارٍ لإسناد حقيبة للقوات ترضيها، غير حقيبة العدل”. في المقابل، أشارت مصادر مطلعة إلى انّ وزارة العدل “حُسمت للرئيس عون، ولن يتراجع عنها، ولا مانع لديه من أن تنال القوات حقيبة أخرى غيرها؛ فهو يعتبر أنه تنازل كثيراً للقوات في موضوع نيابة رئاسة الحكومة”.
في السياق، نقلت «الأنباء» عن مصادر مطلعة في عدد امس لتجيب اليوم على سؤال محدد: ماذا بعد «وإلا» التحذيرية؟!
تقول المصادر: وإلا فإن الرئيس المكلف سعد الحريري سيشكل حكومة بالمعايير التي يراها مناسبة وضمن الاطار المتفاهم عليه مع الرئيس ميشال عون، بصرف النظر عن العقبات التي استجدت، أكان على صعيد توزيع الوزارات او توزير بعض الفئات، آملا ان تحصل على موافقته، عندها يذهب الى مجلس النواب واثقا من الحصول على الثقة بأصوات الحلفاء المؤكدين على الأقل، لكن المشكلة تبرز في حال امتناع الرئيس عون عن توقيع التشكيلة الحكومية، في هذه الحالة ـ تقول المصادر ـ انه لن تكون امام الرئيس المكلف خيارات كثيرة، فهو لن يقدم على الاعتذار ولن يتقبل تعديلات في الاسماء والحقائب، خارج دائرة رؤيته للحكومة، وبذلك تصبح الكرة في مرمى غيره، ما يحرره من سمة التنازل، وادعاء ابوة الطفل وحده.
ويرى المصدر انه لا خيار آخر امام الحريري الذي بدأ يشعر بمحاولات تعريته من الحلفاء الاقربين تمهيدا لاستفراده، بدليل «فرملة» تشكيل حكومته اول من امس وفي آخر لحظة والعودة بالوضع الى مشارف البدايات.
وردا، تقول اذاعة «صوت المدى» ان الرئيس ميشال عون ادى قسطه للعلا، وان الترقب سيد الموقف.
وتضيف الاذاعة الناطقة بلسان التيار ان رسالة من القصر الجمهوري بأن الكرة لم تعد في ملعب رئيس الجمهورية الذي قرر الاحتفاظ بوزارة العدل التي كانت بعهدته في الحكومة السابقة، وابلغ قراره الى الرئيس المكلف سعد الحريري بعدما «تنازل» ـ اي عون ـ عن موقع نائب رئيس الحكومة الذي كان عرفا من ضمن حصته، وهو الآن بانتظار جواب القوات اللبنانية.
الرئيس المكلف كان استقبل مساء اول من امس رئيس حزب القوات اللبنانية د.سمير جعجع في بيت الوسط يرافقه وزير الاعلام في حكومة تصريف الاعمال ملحم رياشي، وتناول اللقاء آخر المستجدات السياسية، لاسيما ملف تشكيل الحكومة، د.جعجع لم يتحدث بعد اللقاء، لكن الوزير رياشي اشار الى ان البحث تناول تأليف حكومة متوازنة.
بدوره، اكد رئيس المكتب الاعلامي في رئاسة الجمهورية رفيق شلالا على ما وصفه «نوعا من الفرملة لتشكيل الحكومة» افساحا في المجال للمزيد من الاتصالات، وقال للاذاعة عينها ان تمسك رئيس الجمهورية بوزارة العدل ليس لاعتبارات خاصة انما لما لها من دور في مكافحة الفساد، كون وزارة العدل هي امتداد لمسيرة مكافحة الفساد والعملية الاصلاحية.
وهنا، نصل الى الحدود الزمنية للتأليف التي رسمتها المصادر اللبنانية المتابعة لـ «الأنباء» منذ يومين، وهي الرابع من نوفمبر، موعد بدء تطبيق العقوبات الاميركية المشددة على ايران وحلفائها مع التحذير من ان تجاوز هذا التاريخ يجعل تشكيل الحكومة اللبنانية في مهب رياح الخريف الاقليمية العاصفة.
وكان حزب الله اصر على توزير كرامي ودعمه الرئيس نبيه بري، فيما يرفض الرئيس المكلف توزير كرامي او سواه من هؤلاء النواب لارتباط كل منهم بكتلة نيابية او اتجاه سياسي مختلف.
وفي معلومات «الأنباء» ان هذا المقعد كان مقررا للنائب عبدالرحيم مراد لكن القوى الداعمة لهذا الاتجاه صرفت النظر عن تسميته.
(السياسة-الانباء الكويتية)