اكثر من شهرين ونصف الشهر مرت على زيارة الوفد الدبلوماسي-العسكري الروسي برئاسة مبعوث الرئيس الروسي الى سوريا ألكسندر لافرينتييف الى بيروت ناقلا مبادرة خماسية البنود لاعادة النازحين السوريين من لبنان وسائر دول الجوار السوري واوروبا الى بلادهم، وسط تضارب في المعلومات حول مصير المبادرة بين من اعتبر ان المواقف الاميركية التي ربطت مسار العودة بإعادة اعمار سوريا اجهضتها في مهدها، ومن يراهن على انها ما زالت حية تشق طريقها ولو ببطء شديد في اتجاه تحقيق الحل الشامل المطلوب للأزمة .
ووسط تأكيدات موسكو انها نسقت مع سوريا وحصلت على ضمانات بعدم التعرض للعائدين، فيما تم تشكيل اللجان المشتركة للتنسيق والمتابعة مع الجانب الروسي في سبل العودة وآلياتها، تبقى اشكالية تمويل العودة عائقا اساسيا في وجه استكمال المبادرة، اذ لم تتمكن موسكو حتى اليوم من اقناع الاميركيين والاوروبيين بتأمين المساهمات المالية الباهظة المطلوبة لاعادة الاعمار للبنى التحتية المدمرة، خصوصا ان مراكز الايواء المفترض ان ينتقل اليها العائدون في المرحلة الاولى قبل انتقالهم لاحقا الى بلداتهم، تتطلب موارد مالية لا يستهان بها .
وتؤكد مصادر سياسية لبنانية مطلعة على الخطوات الروسية في هذا الاتجاه لـ”المركزية” ان المبادرة قائمة وستشهد في وقت غير بعيد خطوات عملية خلافا لما يعتقد البعض، كاشفة عن انه تم حتى الساعة انشاء اكثر من 65 مركز ايواء في معظم الاراضي السورية لاستقبال العائدين حينما تتوافر الظروف.
وفيما تثير مسألة الضمانات التي يمكن لروسيا أن تقدِّمها حول سلامة اللاجئين العائدين تحديّا آخر، برزت منذ ايام خطوة لافتة للرئيس بشار الاسد الذي اصدر مرسوما تشريعيا يقضي بمنح عفو عام عن “المنشقين والفارين من الخدمة الإلزامية والاحتياطية في الجيش السوري”. وتضمن المرسوم الذي أوردته وكالة سانا، وبُث على موقع رئاسة الجمهورية السورية أن “العفو العام يشمل كامل العقوبة لمرتكبي جرائم الفرار الداخلي والخارجي قبل اليوم الموافق التاسع من تشرين الأول على أن يسلموا أنفسهم خلال أربعة أشهر بالنسبة للفرار الداخلي، وستة أشهر بالنسبة للفرار الخارجي”. وبموجب المرسوم “تسقط العقوبة عن كافة مرتكبي الجرائم المنصوص عليها في قانون خدمة العلم الصادر عام 2007 وتعديلاته”.
في هذا المجال، توضح المصادر ان المرسوم المشار اليه ما هو الا نتاج التنسيق الروسي مع الأسد في اطار تمهيد ارضية العودة، على ان تليه خطوة اخرى مرتقبة في وقت غير بعيد تتصل بتأمين ضمانة عدم استدعاء الفارين ممن شملهم مرسوم العفو الى الاحتياط لاحقا، على قاعدة الاستنهاض العسكري على الحدود، وقد وعد الاسد الروس باتخاذها.
وفور انجاز الخطوتين المطلوبتين روسياً من الاسد، بما يؤمن الضمانات اللازمة للعودة، سيضغط الجانب الروسي في اتجاه تحويل مفوضية شؤون اللاجئين مساعداتها الى العائدين في الداخل السوري بما يشجع من تبقى منهم في دول النزوح على العودة، بحسب المصادر التي تتحدث عن بداية تجاوب دولي مع المبادرة الروسية، موضحة ان التحفظ يقتصر على واشنطن التي تربط العودة بإعادة الاعمار. وتشير الى أن ثمة قرارا اميركيا بالانسحاب من التنف ينتظر اشارة محددة تتصل بالاتفاق السياسي، الذي يُفترض ان يسبقه او يتزامن مع بدء انسحاب ايران من سوريا من ضمن سلة الحل.
(المركزية)