أقامت جامعة طرابلس، تلبية لدعوة رئيس مجلس أمناء الجامعة الشيخ محمد رشيد الميقاتي، احتفالها السنوي بتخريج الدفعة الثلاثين من كلية الشريعة والدراسات الإسلامية في مراحل (الليسانس والماجستير والدكتوراه) والدفعة السادسة من كلية إدارة الأعمال، والتاسعة عشرة من قسم الدراسات العليا، والدفعة الأولى من كلية الآداب والعلوم الإنسانية، ومنح شهادة الدكتوراه الفخرية للعلامة الداعية الدكتور عمر عبد الكافي.
حضر الاحتفال في مقر الجامعة الرئيس المكلف تشكيل الحكومة سعد الحريري ممثلا بالنائب عثمان علم الدين، الرئيس نجيب ميقاتي ممثلا بالدكتور عبد الاله ميقاتي، مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان ممثلا بأمين الفتوى في طرابلس الشيخ محمد إمام، وزير التربية في حكومة تصريف الاعمال مروان حمادة ممثلا برئيسة المنطقة التربوية في الشمال نهلا حاماتي، وزير العمل في حكومة تصريف الاعمال محمد عبد اللطيف كبارة ممثلا بسامي رضا، الوزير السابق محمد الصفدي ممثلا بالدكتور مصطفى الحلوة، وحشد من ممثلي السفارات والهيئات وممثلي الجمعيات والهيئات التربوية والاجتماعية والنقابية والنسائية.
استهل الاحتفال بتلاوة عطرة من القرآن الكريم للشيخ الدكتور خالد بركات.
وبعد تقديم من عريف الاحتفال أمين سر الجامعة محمد حندوش، جرت قراءة الكتاب الوارد من رئاسة الجمهورية إلى رئيس مجلس الأمناء الشيخ محمد رشيد الميقاتي، وقد جاء فيه: ” لمناسبة الاحتفال بتخريج دفعة من طلاب جامعتكم في الخامس من تشرين الأول الجاري، يسرنا أن ننقل اليكم تحية فخامة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون وتقديره لرسالتكم التربوية وتهنئته للطالبات والطلاب المتخرجين. وإذ نشكركم باسمه على دعوتكم له لحضور الاحتفال، نتمنى لكم دوام التوفيق والنجاح مع الشكر والتقدير”.
ثم تم عرض فيلم وثائقي عن مسيرة الشيخ المحامي محمد رشيد الميقاتي على مدى ستين عاما من العمل الإسلامي.
ثم ألقى رئيس أمناء الجامعة الشيخ محمد رشيد كلمة قال فيها: “حضارة تتجدد عنوان احتفالنا اليوم، حضارة عالمية إنسانية أخلاقية ربانية لا شرقية ولا غربية تجمع بين الإيمان والعلم وتمزج بين المادة والروح وتوفق بين حرية الفرد ومصلحة المجتمع. إنها حضارة الإسلام التي أنتجت خير أمة أخرجت للناس وصنعت أمثل حضارة عرفها التاريخ، حضارة تنبع من ضمير الأمة وعقيدتها وتراثها. نوصي أنفسنا وخريجي وخريجات جامعتنا أن يكونوا دعاة للخير والإصلاح في هذا العالم الذي يعاني من الشرور والآثام وسوء الأخلاق الذمم وضعف الوازع واضطراب الأسرة وتفكك المجتمع والصراعات الدامية، هذا المجتمع الذي يشكو من إساءة فهم الدين ومن الذين انحرفوا عن تعاليمه فعصوا الله تعالى ونفروا الناس من الدِّين وهم يظنون أنهم يحسنون صنعا”.
اضاف: “حضارة نجددها بالدعوة إلى الاعتدال في وجه التطرف وبالدعوة إلى الدين الحق في وجه الانحلال وبالدعوة إلى الحوار في وجه الإرهاب، هذه هي هويتنا نحارب النزعات الجاهلية وإثارة النعرات الطائفية والمذهبية”.
وشكر كل من دعم مسيرة جامعة طرابلس طيلة 36 عاما، كما زف في ختام كلمته إلى الحاضرين مضمون قرار مجلس التعليم العالي الذي صدر اليوم والمتعلق بالمصادقة على قرار اللجنة الفنية لجهة إذن المباشرة بالتدريس في كلية التربية في جامعة طرابلس.
ميقاتي
ثم ألقى الدكتور ميقاتي كلمة الرئيس ميقاتي، فقال: “ما تمتاز به جامعتكم الكريمة ومؤسسات الإصلاح جميعا أنها تزرع في نفوس الناشئة الإيمان مع العلم حتى يؤتي الزرع ثماره يانعة. فالتطرف في المواقف أصبح سيد الساحات الاعلامية، وسياسة النأي بالنفس التي أرسيناها في أصعب الظروف أصبحت حبرا على ورق، والتغني بالقوة والعزف على وتر الطائفية حل محل الدعوة إلى المواطنة، وتفضيل مصلحة الوطن على ما سواها من مصالح فئوية ضيقة”.
اضاف: “لقد شكل المسلمون السنة في لبنان الوعاء الجامع لجميع الطوائف في هذا البلد الصغير في مساحته، الكبير في تعدديته، باعتدالهم ووقوفهم لنصرة الوطن، وحرصهم على علاقات لبنان الجيدة بل والمميزة مع جميع الدول العربية كما نص عليها اتفاق الطائف الذي شكل زورق الإنقاذ من الحرب الأهلية التي عصفت في لبنان في العام 1975، واليوم مطلوب منا أكثر من أي وقت مضى أن نقوم بهذا الدور الجامع، انطلاقا من هذا التاريخ العريق في حماية لبنان والحفاظ عليه، وليس صدفة أن تناط السلطة التنفيذية برئيس الحكومة السني الهوية والوطني الانتماء، بالتعاون مع فخامة رئيس الجمهورية ومجلس النواب، على قاعدة فصل السلطات وتعاونها. من هنا أجدد دعم مهمة رئيس الحكومة المكلف من أجل وقف النزف الحاصل في موضوع تشكيل الحكومة، مع الأخذ في الاعتبار الالتزام بالدستور وعدم خلق أعراف جديدة”.
امام
بعد ذلك، ألقى الشيخ محمد إمام كلمة مفتي الجمهورية وقال فيها: “نصنع حضارتنا التي تتجدد، والتي هي عنوان هذه الدفعة في هذه الجامعة الكريمة، هذه الحضارة كانت فعلا نموذجا وعنوانا ومثالا، أسسها التاريخ ولا نحتاج الى البديل، فحضارتنا نابعة من وحي الله عز وجل في القرآن والسنة النبوية الشريفة، وأخيرا نبارك لأبنائنا وإخواننا وأخواتنا وأهاليهم ونقول لهم نحن وأنتم في بداية طريق العلم، فطريق العلم لا نهاية له”.
بعد ذلك، ألقى الطالب الكازخستاني يرجن دويسنبك كلمة الخريجين وجاء فيها: “أدركنا أن الغربة ليست أن تترك بلدك، لكن الغربة الحقيقية أن تترك دينك وعلمك، فالإنسان خلق لمهمة جليلة أن يزرع الخير أينما حل”.
ثم ألقت الطالبة هبة أحمد مرعب كلمة الخريجات، فدعت أهل السياسة إلى دعم مسيرة الجامعة، وقالت: “رسالتنا إلى الساسة والمسؤولين، طلب ممزوج برجاء وتمن ممزوج بدعاء، أن تمكنوا هذه الجامعة من تأدية رسالتها النبيلة على مساحة لبنان والخارج، لاسيما في زمن كثر فيه المتاجرون بالعلم وانتشرت فيه صناعة الشهادات بدل صناعة الإنسان”.
علم الدين
بعد ذلك، ألقى النائب علم الدين كلمة الرئيس الحريري وقال: “لا تتخلوا عن طموحاتكم ولا تتنازلوا عن أهدافكم، بل بادروا وجاهدوا وأصروا على اجتياز جميع الحواجز والعوائق، فبالشباب تنتصر الأمم وتتحقق الأحلام العظيمة. فالأزمة الاقتصادية التي تمر بها البلاد هي الأقسى والأصعب وقد تشكل عائقا كبيرا أمام الكثيرين منكم، ولكن لا بد أن ننجح سوية باجتيازها، ومن هنا ندعو الجميع دون استثناء لتتضافر الجهود ولتتشابك الأيادي من أجل التغلب على هذه المحن، فالأوضاع المعيشية الصعبة لا تفرق بين مواطن ومواطن ولا بين منطقة وأخرى، فكل لبناني ولبنانية يعاني منها. ولا سبيل للخروج منها سوى بوحدة الصف وتوحيد الرؤية والنظرة المستقبلية لهذا البلد. فالتنازل من أجل الوطن ليس تنازلا بل تضحية والتمسك بحكومة وحدة وطنية ليس شعارا أو مزايدة بل صونا للميثاق وللعهد الذي نلتزم به بكل اقتناع وتفاهم. وأخيرا نبارك لجميع الخريجين ولأهاليهم الكرام ولجامعاتهم التي احتضنتهم وللشيخ محمد رشيد الميقاتي ونتمنى لهم الحياة اللائقة والكريمة التي يستحقونها”.
رئيس الجامعة
ثم ألقى رئيس الجامعة الدكتور الميقاتي قصيدة فكرية عن طرابلس الفيحاء، حملت في طياتها العديد من الرسائل للمسؤولين عما آلت إليه الأحوال المتردية في طرابلس ولبنان والمنطقة.
وفي الختام، تم تسليم شهادة الدكتوراه الفخرية للعلامة الداعية الدكتور عمر عبد الكافي، الذي شكر الجامعة على هذه اللفتة الكريمة، وقال: “أنا على مدى 47 عاما أعمل بالدعوة، وعندما سمعنا كلمة الخريج الكازخستاني من هذه الدولة الشقيقة سعدنا بعربيته، وعندما تكلم بلغة قومه أبكانا، لقد تحقق هذا الإنجاز الكبير، وكان من ثمرات جامعة طرابلس فهنيئا للقيمين على هذه الجامعة”. وقال: الشعوب قد تمرض وأتمنى أن يظل لبنان الوردة الناضرة في هذا العالم الذي نعيشه، وأن تظل الابتسامة على وجوه اللبنانيين وأن يعيش الناس في لبنان أعزاء كراما وأن يجمعهم الها على قلب رجل واحد وأن ينزل عليهم الرخاء”.
وأخيرا، تم توزيع الشهادات على الخريجين والتقاط الصور التذكارية.