بقيت بيروت أمس تحت تأثير «بصيص الأمل» الذي غلّف ملف تشكيل الحكومة الجديدة مع زيارة الرئيس المكلف سعد الحريري لرئيس الجمهورية العماد ميشال عون (الأربعاء) وما رافقَها من أجواء أوحتْ بارتفاع حظوظ إمكان تذليل العقبات التي تعترض مسار التأليف منذ 24 الماضي.
وفيما كانت كل الأنظار أمس على إطلالة الحريري التلفزيونية المسائية عبر شاشة «ام تي في»، فإن المؤتمر الصحافي لرئيس «التيار الوطني الحر» (حزب الرئيس عون) وزير الخارجية جبران باسيل اليوم سيكون مفصلياً في تحديد إما جدّية مرتكزات «هَبّة الأمل» ببدء العدّ التنازلي لاستيلاد الحكومة وإما أن هذا المناخ مجرّد «إنذار كاذب» جديد.
وفيما تبدي أوساطٌ مطلعة اقتناعها بما سبق لـ «الراي» ان أوردتْه عن ان الملفّ الحكومي وتعقيداته باتَ «ملبْنناً» منذ «إرجاء» المواجهة في إدلب وتَعاطي طهران مع العقوبات النفطية الأميركية المرتقبة على أنها من «مواجهات النفَس الطويل» الأمر الذي أخْرج «حزب الله» من وضعية «التفرج» حيال استحقاق تشكيل الحكومة الى تحبيذه ولادتها بملاقاة «نوفمبر الاميركي – الإيراني» والتحديات الاقتصادية – المالية المتصاعدة والتهديدات الاسرائيلية المتزايدة، فإنها ترى أن هذا الأمر يعني أن العمل الذي يجري على تذليل العقبات حالياً يحظى نظرياً بإمكاناتٍ أعلى من الفترة السابقة لتحقيق اختراقاتٍ ولو احتاج حسْم كامل لوحتها الى المزيد من الوقت انطلاقاً من معادلة «التوازن في التنازلات» بين كل الأطراف، وإلا فإن العكس سيعني طغيان «حسابات السلطة» بالكامل على ملفٍ بات التأخر في بتّه باهظ الكلفة على الواقع اللبناني.
وتشير الأوساط في هذا السياق الى أن عقدة تمثيل «القوات اللبنانية» باتت «مَخارجها» الممكنة معروفة بعدما تأكّد ان عون وافق على مَنْحها منصب نائب رئيس الحكومة بلا حقيبة مع 3 وزراء آخرين، في ظلّ استمرار الأخذ والردّ حول إذا كانت «القوات» ستكتفي بحقيبتيْن وهل تقبل بأن تكونا التربية والشؤون الاجتماعية او تصرّ على العدل، ووسط توقُّف هذه الأوساط باهتمام عند تسريب معلومات حول طرْحٍ عُرض على «القوات» ويقضي بمنْحها 3 حقائب (مع نيابة رئاسة الحكومة) هي التربية والشؤون الاجتماعية والثقافة، الأمر الذي ردّت عليه الأخيرة مبدية أسفها «لأن يقوم البعض بالتلهي بالمناورات التي لا هدف لها سوى إلقاء اللوم على الآخرين ومحاولة رمي مسؤولية تأخير التأليف على (القوات)».
وإذ أكدت «القوات» في بيان «اعتراضي» أوحى بأن عقدة التمثيل المسيحي ما زالت في مرحلة «شدّ الحبال» القاسي أنه «لم تُطرح علينا اي صيغة حكومية جديدة»، أعلنتْ «لا نريد من أحد، مشكوراً، التنازل عن مقاعد وزارية لمصلحتنا (…) و(القوات) حصلت على ثلث الصوت المسيحي في لبنان ككل، وبالتالي من حقها الطبيعي، ومن دون منة من أحد، ان تحصل على ثلث التمثيل المسيحي في الحكومة إن على مستوى عدد الوزراء أو نوعية الحقائب، ولن ترضى ببعض الفتات من هنا وهناك كما يروّج له في التركيبة المزعومة».
ويتمّ التعاطي في بيروت مع مسألةِ تمثيلِ «القوات» على أنها متى حُلّت فإن عقدة تمثيل الحزب التقدمي الاشتراكي بزعامة وليد جنبلاط لن تكون من النوع الذي يستعصي على تدوير الزوايا ولا سيما ان جنبلاط كان فتَح الباب لمَخارج تراوح بين تَشارُك الوزير الدرزي الثالث مع رئيسيْ الحكومة والبرلمان (نبيه بري) عبر اسمٍ مثل نجل النائب انور الخليل، وسط عدم استبعاد سيناريو مبادَلة وزير درزي بآخر مسيحي يكون من حصة «التقدمي»، من دون ان يُحسم اذا كان «ثمن» مثل هذه الحلول سيكون محاولة الحصول على حقيبة وازنة مثل الصحة او الأشغال اللتين «حجزهما» مسبقاً كل من «حزب الله» وتيار «المردة»، علماً ان «التيار الحر» يضع عيْنه أيضاً على «الأشغال».
وكان نُقل عن مصادر «تيار المستقبل» (يقوده الحريري) انّ جديداً ما طرأ على الملف الحكومي، مستخلصة وجود قبول من الأطراف المعنيين بتليين مواقفهم حول حصصهم في الحقائب «لكن الأمور تستلزم مزيداً من الاتصالات قبل لقاء الرئيسَين المرجح خلال الأسبوع المقبل»، وموضحة أن الحريري لم يحمل معه (الى اللقاء مع عون) صيغة جديدة، بل ما زال الأمر عالقاً عند توزيع الحقائب، لكن بمجرد أن يلتقي الرئيسان ويتم البحث في صيغ بديلة فهذا يعني أن «الامور ليست مقفلة بل مفتوحة للحل وأن الجميع قبل بفكرة التنازل».
(الراي)