نجح رئيس حكومة اسرائيل بنيامين نتنياهو في ايقاع حكومة لبنان ووزير خارجيتها جبران باسيل في الفخ الديبلوماسي الذي نصبه لهما. اسرائيل لا تسعى لتوجيه ضربة عسكرية الى «حزب الله»، ولا لافتعال حرب معه… ما تريد اثباته هو ان التماهي بين حكومة لبنان والحزب بلغ ذروته، وان باسيل يتحدث باسم الحزب اللبناني، ويدافع عنه، ويحاول المساهمة في التمويه على مواقع تخزين سلاحه… هذه هي الخلاصة التي خرج بها بعض المسؤولين الاميركيين المعنيين بالسياسة الخارجية في جلسة خاصة.
والتماهي بين حكومة لبنان و«حزب الله» يعني حكماً انعدام الفارق بينهما، اي ان العقوبات التي تفرضها أميركا والعواصم الغربية على إيران والحزب ينبغي ان تتوسع لتشمل مسؤولين لبنانيين، وربما مؤسسات حكومية.
ومن المطالب التي يرددها اصدقاء اسرائيل في العاصمة الأميركية، على مدى السنوات القليلة الماضية، ضرورة وقف وزارة الدفاع الأميركية المعونة السنوية التي تقدمها للجيش اللبناني، والبالغة 100 مليون دولار، على اعتبار ان مساعدة الجيش هي مساعدة لـ «حزب الله».
وتردد اسرائيل واصدقاؤها في العاصمة الأميركية، ان الجيش اللبناني لا يحاول فرض سيادة الدولة وحصر استخدام العنف بالقوات الامنية الشرعية، وانه يتعاون مع الحزب في امور لوجستية متعددة، وان التنسيق بين الاثنين قائم الى اقصى حدود.
وتعتقد المصادر الأميركية ان سبب اختيار نتنياهو الاعلان عن مواقع تخزين صواريخ في اماكن مأهولة، يهدف ايضاً إلى تبرير الاداء الاسرائيلي في اي حرب – ممكنة وان مستبعدة – بين اسرائيل و«حزب الله».
يقول احد المشاركين في الجلسة الأميركية، ان «اسرائيل ستلجأ، في اي حرب مقبلة لها ضد حزب الله، الى توظيف قوتها النارية الهائلة في ضرب كل الاهداف التي تشتبه في ارتباطها بالحزب، من دون التردد الذي كان يمليه في الماضي امكانية ارتباط اي من المواقع بالحكومة اللبنانية او الجيش او الاماكن المأهولة بالسكان».
في الشق السياسي، قال احد المشاركين ان «باسيل يطمح الى خلافة ميشال عون في الرئاسة، لكن اداء باسيل المؤيد لحزب الله صار يعني ان رئاسة وزير الخارجية ممكنة فقط في حال صار لبنان تحت السيطرة الايرانية بالكامل، مع ما يعني ذلك من عقوبات اقتصادية دولية ستلحق ببيروت وحكومتها».
ويعتقد الخبراء الاميركيون ان واشنطن أبقت دولة لبنان خارج دائرة العقوبات التي تفرضها على ايران و«حزب الله» للاعتقاد بان لبنان بمثابة رهينة بأيدي الايرانيين، ولكن قيام باسيل بالدفاع عن «حزب الله» والالتصاق به سياسياً، يعني ان كل دولة لبنان وحكومته وجيشه صاروا يدورون في فلك ايران، وان فرض العقوبات على لبنان بأكمله صار واجبا، على غرار العقوبات التي تفرضها أميركا على حلفاء إيران الآخرين في المنطقة، مثل الرئيس السوري بشار الأسد ونظامه.
ويختم احد المشاركين بالقول ان التصنيف الاميركي والعالمي للحكومات والمجموعات مبني على اعتبار ان الحكومات لا يمكن ان تكون ارهابية، ولكن يمكنها ان تدعم تنظيمات ارهابية، فتصبح بذلك «حكومات راعية للارهاب». في الحالة اللبنانية، الصورة معكوسة: «تنظيم ارهابي يرعى حكومة دولة، ما يعني ان بيروت ليست راعية ارهاب، بل هي في رعايته، ولكن على العالم الا يسكت عن تواطؤ مسؤوليها مع التنظيمات الارهابية وممحاولتهم الافادة سياسيا من هذا التواطؤ».
(الراي)