عَكَسَ “التدافُعُ الخشنُ” على “مثلّث” التوتر العالي في المنطقة والمحكوم باستقطابات الحدّ الأقصى، حساسية “المسرح السياسي” الذي تدور عليه معركة تأليف الحكومة الجديدة في لبنان.
واقتحمتْ “مضبطةُ الاتهام” الاسرائيلية لحزب الله ومن على منبر الأمم المتحدة ثم بلسان القيادة العسكرية حول استخدامِه محيط مطار بيروت الدولي لتخزين جزء من منظومته الصاروخية الدقيقة وتطوير مقذوفاتٍ غير دقيقة الى أخرى أكثر دقة المَشهدَ اللبناني في غمرة استمرار “الأبواب الموصدة” بوجه الملف الحكومي الذي يدور في مكانه منذ 24 أيار الماضي.
وتمّ التعاطي في بيروت مع الاندفاعة ضدّ حزب الله على أنها، إما في سياق رفْع الضغط على الحزب بعد إعلان أمينه العام السيد حسن نصرالله ان “المهمة أٌنجزت وأصبحنا نملك ما يكفي من الصواريخ الدقيقة”، وإما في إطار “مراكَمة إعلامية” تمهيداً لعملٍ عسكري، ولا سيما أن المزاعم الاسرائيلية جاءت بعد نحو 3 أسابيع من تقرير لقناة “فوكس نيوز” نقل عن مصادر استخباراتية غربية ان إيران تهرّب الأسلحة إلى حزب الله من خلال “شركات طيران مدنية” (سمّت خطوط “قشم فارس”) حملت في تموز وآب الماضيين مكوّنات لتصنيع أسلحة دقيقة في مصانع إيرانية داخل لبنان.
وإذا كانت حسابات أي ضربة اسرائيلية لمواقع الصواريخ المفترضة ترتبط بـ“توازن الردع” الذي أرساه حزب الله والذي يمكن ان يجعل أي استهداف للحزب في لبنان يفجّر “الحرب الأخيرة”، فإن التماهي اللبناني الرسمي مع الحزب والذي عبّر عنه الرئيس ميشال عون، يجعل أوساطاً مطلعة تبدي خشية كبيرة من ان يدفع كل لبنان ثمن تضييق الخناق الذي يتصاعد على الحزب، الذي يواجه اتجاهاً بريطانياً غير مسبوق، لحظره.
وفيما اكتفى وزير حزب الله محمد فنيش بالقول، “لنترك نتنياهو مع أكاذيبه وأوهامه. والمقاومة لديها قدراتها كما عبّر الأمين العام، والاسرائيلي يعرف تماماً ماذا ينتظره إذا أقدم على اي عدوان ضدّ لبنان، واذا لم يعرف فسيتفاجأ”، رد وزير الخارجية جبران باسيل بتغريدة قال فيها: “ها هي اسرائيل مجدداً تختلق الذرائع لتبرّر الاعتداء، ومن على منبر الشرعية الدولية تحضّر لانتهاك سيادة الدول، متناسيةً ان لبنان دحرها وهزم عدوانها وغافلةً ان غطرستها و(صداقاتها الجديدة) مجدداً لن تنفعها”.
وفي موازاة ذلك، يجري رصْد إذا كان هذا الضغط الخارجي المتصاعد على حزب الله و”ارتفاع المَخاطر” سيجعل الأخير يتشدّد أكثر في الملف الحكومي أو يدْفع في اتجاه الإسراع بالتأليف لتكوين “شبكة أمان” تكون بمثابة “واقي صدمات”، وسط اقتناع الأوساط السياسية ان طرح تشكيل حكومة “امر واقع” او “حكومة أكثرية بمَن حضر” كما لوّح عون مسألةً غير قابلة للتحقق، ليس فقط لأن التوازنات لا تسمح بذلك، بل أيضاً لأن حزب الله من مصلحته وجود حكومة وحدة وطنية، وإذا لم يكن راغباً بالضغط في اتجاه تسهيل ولادة الحكومة فإن لا مصلحة له بالتأكيد بإشعال جبهاتٍ داخلية تجعل ظهْره مكشوفاً.
وكان الملف الحكومي سجّل مجموعة انتكاساتٍ سبقت عودة عون الى بيروت وانطلاق جولة جديدة من التفاوض وعكستْ استمرار المرواحة في دائرة المأزق، وأبرزها ان فريق عون ما زال يرفض تمثيل “القوات اللبنانية” بشكل وازن وأن المرونة حيال منْحها منصب نائب رئيس الحكومة بلا حقيبة قابلها تشدُّد بإزاء رفْض حصولها على أكثر من حقيبتين الى جانب وزير دولة وهو ما ترفضه “القوات” التي عادت الى مطلب 5 وزراء مع حقيبة سيادية.
وفي السياق المتشدّد نفسه، جاء كلام عون عن وجود “نوعين من الحكومات، حكومة اتحاد وطني ائتلافية او حكومة اكثرية، واذا لم نتمكن من تأليف حكومة ائتلافية، فلتؤلف عندها حكومة أكثرية وفق القواعد المعمول بها، ومن لا يرد المشاركة فليخرج منها”، مكرّراً الدفاع عن حزب الله وسلاحه.
(الراي الكويتية)