زار الرئيس فؤاد السنيورة بطريرك انطاكية وسائر المشرق للروم الملكيين الكاثوليك يوسف العبسي، في المقر البطريركي في الربوة، وتناول البحث موضوع القدس وزيارة مجلس العلاقات العربية والدولية الى الفاتيكان وموضوع تشكيل الحكومة اللبنانية.
السنيورة
بعد اللقاء، قال السنيورة: “انا اليوم شديد السعادة بهذا اللقاء، وهو اللقاء الثاني مع غبطة البطريرك العبسي. وكان اللقاء الاول عندما زار مدينة صيدا. والآن هذه الزيارة الثانية، وقد حظيت بهذا اللقاء الطيب والغني أولا بكل مشاعر الود والصداقة التي بدأناها وانا سعيد بها، والغني ايضا بالموضوعات التي بحثناها”.
اضاف: “كانت مناسبة لأضع غبطة البطريرك في أجواء لقاء مجلس العلاقات العربية والدولية، الذي انا عضو فيه، مع قداسة البابا في حاضرة الفاتيكان، من اجل موضوع القدس، في ضوء قرارات الادارة الاميركية والقوانين التي تصدرها اسرائيل والمبنية على التمييز العنصري الكامل الذي تمارسه ضد الفلسطينيين، وفي ما يتعلق بالقدس ايضا بالقرارات التي تتخذها. وبعد اللقاء مع قداسة البابا، عقد اجتماع موسع ومطول مع امين سر الدولة الكاردينال بارولين وايضا مع وزير الخارجية بول غالاغر من اجل البحث في المواضيع المتعلقة بالقدس والقضية الفلسطينية وايضا العيش المشترك الاسلامي المسيحي في المنطقة العربية”.
وتابع السنيورة: “كان هناك بحث مطول حول الوضع اللبناني. وفي خضم موضوع تشكيل الحكومة أبديت لسيدنا البطريرك وجهة نظري في ما آلت اليه الامور. وانا اعتقد ان لبنان الآن يمر بفترة شديدة الصعوبة، وعلى الجميع ان يدرك المخاطر المتأتية من عدم التنبه لهذه المشكلات. وفي اعتقادي ان هناك على الاقل ثلاث مجموعات من المشكلات والتحديات في لبنان، ولا ادخل هنا في مسائل قطاعات الكهرباء والمياه والصرف الصحي والمدارس وغيرها وكلها مهمة، لكن هناك ثلاث مجموعات أساسية من المشكلات: الاولى هي المشكلة الاقتصادية والمالية وتداعياتها الكبرى، والثانية تتعلق بالحالة التي آلت اليها الدولة في لبنان من تناثر وتقاسم واستتباع من قبل الاحزاب والميليشيات. فلكل واحد وزارة ويعتقد انها مسجلة باسم عائلته او حزبه، وبالتالي الامور ليست كذلك والدولة لا تقوم على هذا الشكل. اما الثالثة فهي المشكلات المتأتية عما يجري عن علاقة لبنان مع محيطه العربي وايضا مع العالم، والمخاطر التي نلحظها ونشاهدها مع ملامح غير مريحة، وهي تناقض حالة التسامح مع لبنان من قبل العالم الخارجي، سواء أكانت الدول الاجنبية ام الدول العربية”.
وتابع: “هذه كلها مشكلات يقتضي التنبه لها، والمسارعة الى تشكيل الحكومة أمر ضروري جدا وأساسي. يجب ان نتنبه الى اننا تخطينا مرحلة المعالجة بالمراهم وبالطريقة الكلاسيكية التي اعتدنا عليها. أعتقد أننا بحاجة الى صدمة سياسية كبرى لان الملاءة السياسية هي التي تشكل الملاءة الاقتصادية، واعتقد ان هذه الصدمة لم تعد الآن من خلال حكومات، كما عهدناها، فضفاضة كبيرة وموسعة”.
وقال السنيورة: “بتقديري الشخصي، اننا بحاجة الى حكومة استثنائية قائمة على ما يسمى بحكومة اقطاب، أهميتها ان الاقطاب هم المشاركون الاساسيون في القرار في البلد، وبالتالي عندما يكونوا موجودين هم يتحملون المسؤولية وبالتالي يحرصون على بذل الجهد لانجاح هذا المسعى. عندما تتألف حكومة مصغرة من 10او 14 وزيرا، يكون بامكانها اتخاذ ما يقتضي من قرارات للمعالجة بشكل فعال، وبالتالي تسهم في ان نستعيد ما يسمى الثقة التي اصبحت مفقودة بين المواطن والدولة وبين المواطن والأحزاب السياسية”.
وختم: “كلما تأخرنا تصبح المعالجة أصعب، وهذه مشكلة نواجهها الآن. نحن بحاجة ماسة الى حكومة تكون متلائمة بطبيعتها وعددها ومكوناتها، وليس كما يحصل الآن من تنازع للوزارات. فاذا اجتمع الاقطاب، تكون حكومة كاملة متكاملة، فلربما حينها نستطيع ان نبدأ باستعادة الثقة وان نعالج المشكلات التي تقاعسنا، ولزمن طويل، عن اتخاذ القرارات اللازمة من اجلها، ولربما نستطيع ان نكون على مستوى المسؤولية والتحديات التي نواجهها”.
العبسي
بدوره، شدد البطريرك العبسي على “ضرورة الاستمرار بالسعي لشرح القضايا العربية، خصوصا وانها تعني مسيحيي المشرق كما تعني العيش المشرقي المشترك في ظل التطورات الاقليمية والدولية المتسارعة”، داعيا الى “تكثيف الجهود الايلة الى تشكيل الحكومة بعد ان تخطت الازمات المعيشية الخطوط الحمر ولامست حافة الهاوية”.