غاصب المختار:
توقفت فجأة وبصورة شبه تامة مساعي تشكيل الحكومة، بعدما توقفت اتصالات الرئيس المكلف سعد الحريري عند النقطة الاخيرة التي عرض فيها على «القوات اللبنانية» والحزب التقدمي الاشتراكي و«التيار الوطني الحر» و«تيار المردة»، تعديل الصيغة الحكومية التي تقدم بها الى رئيس الجمهورية ميشال عون، فجوبه برفض شديد من «القوات» التي لا زالت ترفع سقفها مطالبة بحقيبة سيادية أو منصب نائب رئيس الحكومة وثلاث حقائب وازنة للقبول بحقيبة دولة، بينما استشعر المتصلون برئيس الحزب التقدمي وليد جنبلاط امكانية القبول بحقيبة دولة مقابل منحه حقيبتين اساسيتين، فيما طالبت «المردة» بحقيبة الطاقة اذا تم «نزع» حقيبة الاشغال منها، فيما يرد البعض السبب الاساسي لعرقلة التشكيل الى مطلب «التيار الوطني الحر» بإحدى عشرة حقيبة بينها حقيبتان سياديتان وحقائب اساسية وخدماتية.
ومنذ اللقاءات الاخيرة للرئيس الحريري مع ممثلي «القوات» و«الحزب التقدمي»، لم يشهد بيت الوسط أي لقاء مع اي طرف وتوقفت المفاوضات بانتظار «شيء ما» لم تعرف طبيعته بعد او بانتظار تغيير مواقف الاطراف وتليينها بسبب ضغط الظروف الاقتصادية والمعيشية على البلاد والعباد.
وفيما غابت الاطراف المعنية عن السمع، قالت مصادر الرئيس المكلف: انه لم يوقف اتصالاته وهو لا زال يسعى لتدوير الزوايا ولكنه لا يلقى تجاوباً من الاطراف، مشيرة الى ان العقدة ليست عند الحريري بل عند الاخرين، و«فتشوا عن ما هي حسابات الاطراف المعرقلة للتشكيل».
ويرد مصدر نيابي مخضرم مستقل التعثر في تشكيل الحكومة الى ان مطالب الاطراف اتخدت طابعا طائفيا وحزبيا ضيقا جدا، بحيث لم يعد كل طرف يرى الا مصلحته الخاصة في التشكيلة الحكومية لينفذ منها الى تلبية متطلبات حزبه ومحازبيه وطائفته ومنطقته بما يُشبه «المنهبة»، وبات يتمسك كل طرف بحقيبة او حقائب معينة وكأن الوزارة اصبحت حكرا لهذا الحزب او ذاك.
وانتقد المصدر النيابي المستقل طريقة «توزيع الحصص في تشكيل الحكومات، بحيث لم يعد البحث في تشكيل الحكومة يراعي المعايير المهنية والوطنية والادارية والاخلاقية بل يراعي مطالب هذا الحزب او ذاك اياً تكن النتائج التي ستتمخض عن عمل هذا الوزير في هذه الوازرة او تلك». مشيراً ايضا الى ما وصفه «بدعة» ان تكون الحكومة نسخة مصغرة عن المجلس النيابي تضم نوابا او ممثلين عن الكتل النيابية الكبيرة من دون اي حساب للشخصيات الوطنية والادارية والتكنوقراطية الكفوءة والقادرة على تولي حقائب اساسية خدماتية وإنتاجية من دون محسوبية او تزلّم. عدا عن تصنيف الحقائب وتوصيفها بما يراعي مصلحة كل فريق سياسي لتلبية خدمات حزبه أو طائفته او جمهوره او سياسته الخاصة.
ورأى المصدر النيابي المخضرم «ان قانون الانتخاب الذي اعتمد النسبية المشوّهة المطعّمة بلمسة واضحة طائفية ومذهبية ومناطقية ضيقة، انتج كتلا نيابية تكرس لديها منطق الاستئثار والهيمنة بحكم الاحتكام الى نتائج الانتخابات التي انتجت هذه الكتل بهذه الطريقة غير المألوفة». وقال: «نتيجة لذلك لا بد من تعديل قانون الانتخاب ليصبح وفق نسبية كاملة وصحيحة غير مطعّمة بطعم طائفي ومذهبي، كمدخل لتصحيح الوضع وتسهيل الانتظام في عمل المؤسسات الدستورية والرسمية. وهو امر لو تم يعيد الاعتبار الى الحياة السياسية الحزبية ويحكم عملية تشكيل الحكومة كما عمل كل المؤسسات الدستورية بما فيها المجلس النيابي».