تتجه الهيئات الاقتصادية والإتحاد العمالي العام والنقابات والمهن الحرة في لبنان لرفع صوتها وإطلاق صرخة تحذيرية تحت عنوان “معا لإنقاذ الوطن”، في خطوة تهدف لحث المسؤولين على الإسراع بتشكيل الحكومة وإنقاذ الوضع الاقتصادي قبل فوات الأوان.
وتؤكد الجهات المعنية أن التحرك لن يقتصر على إصدار بيانات أو وثيقة، إنما هناك توجه إلى الإعلان عن إضراب كبير مفتوح وإيقاف عمل قطاعات بأكملها، وهو الأمر الذي لم يحسم القرار بشأن توقيته لغاية الآن، وتحديدا عما إذا كان سيعلن عنه الثلاثاء أو ينتظر ردة فعل المسؤولين حيال التحرك ليبنى بعدها على الشيء مقتضاه، علما بأن الإتحاد العمالي العام يدفع باتجاه إعلان الإضراب الفوري، بحسب ما يقول رئيسه بشارة الأسمر .
ويوضح الأسمر في تصريح إلى صحيفة “الشرق الأوسط”: “لن نكتفي بإطلاق البيانات والقيام بجولة على المسؤولين، وهو الأمر الذي سبق أن قمنا به من دون أن نرى أي نتيجة، لذا ندفع من جهتنا كاتحاد إلى الإعلان عن خطوات تصعيدية وتحركات في الشارع قد تصل إلى إضراب مفتوح وإيقاف عمل قطاعات بأكملها، إنما الأمر لا يزال قيد البحث مع كل الجهات المعنية التي ستجتمع يوم الثلاثاء للإعلان عن الموقف النهائي”. وهذا التوجّه عبّر عنه أيضا رئيس الهيئات الاقتصادية رئيس اتحاد الغرف اللبنانية محمد شقير ملوّحا في تصريح لـ”وكالة الأنباء المركزية” بخطوات تصعيدية تبلغ سقف الاعتصامات والإضرابات، وصولاً إلى إقفال البلد، مؤكدا، أن “الجميع مستعد لذلك، إذا لم تلقَ الوثيقة الاقتصادية آذاناً صاغية من المسؤولين وإذا لم تحرّك صرخة قوى الإنتاج حسّ المسؤولية لديهم”.
ومن المتوقع أن تركز الوثيقة على الدعوة للإسراع في تشكيل الحكومة منعا لانهيار الوضع الاقتصادي والاجتماعي والسير في الإصلاحات المطلوبة في مؤتمر سيدر والتي قد يؤدي عدم تنفيذها إلى عدم الحصول على المساعدات والتقديمات.
وستدعو الوثيقة بحسب الأسمر المسؤولين إلى التحلي بروح المسؤولية والترفع عن الخلافات بما فيه مصلحة البلد الذي بات يعاني مأساة اقتصادية نتيجة الهدر والفساد المستشري وهو ما يتطلب تضافر جهود الجميع قبل الوصول إلى مرحلة الانهيار.
ويضيف: “لا يمكن أن نبقى متفرجين أمام كل ما يحصل حيث لا نسمع إلا شعارات محاربة الفساد من دون أن نعرف من هو الفاسد ومن هو المفسد في حين أن المسؤولين هم أنفسهم رأس هذا الفساد”، موضحا “يقدر الهدر في لبنان بنحو خمس مليارات دولار سنويا تتوزع بين مختلف المؤسسات بعدما باتت الوزارات منصة للخدمات والاستثمارات ولم يعد النمو يتعدى الـ1.5 في المائة وهو الرقم المعرّض للانهيار أمام أي طارئ أمني أو اقتصادي”.
وكان رئيس لجنة المال النائب إبراهيم كنعان قد قال في آخر اجتماع لها، إن “النمو اليوم يبلغ 1.5 في المائة، وهو منخفض ويؤثر على الإيرادات وحجم الاقتصاد الذي نحتاج إليه لخدمة ديننا بشكل أفضل”. وأشار إلى أن “إيرادات الدولة ليست بالحجم الذي كانت عليه في الفترة نفسها من العام الماضي، في بعض الأماكن، وهو ما يعود إلى انحسار الوضع الاقتصادي لجهة الاستثمار والتوظيف”.
ويرى الأسمر ضرورة أن يكون برنامج الحكومة الاقتصادي واضحا، وما وصفه بـ”إعادة تقييم العلاقات العربية ما من شأنه أن ينعكس إيجابا على الاقتصاد عبر فتح المعابر، إضافة إلى إعادة النظر بالاتفاقيات الاقتصادية غير المتكافئة بين لبنان ودول عدة، والتي من شأنها إذا ما تم تقنين رسومها الجمركية أن تدخل على الخزينة ما بين 800 ومليار دولار أميركي”.
وما يؤكد على سوء الوضع الاقتصادي إقفال مئات المؤسسات التجارية في السنوات الأخيرة، وفق الأسمر ، الذي يلفت إلى أنه سجل منذ بداية العام الحالي لغاية الآن توقّف نحو 40 معملا عن العمل، بينما أقفلت أكثر من 400 مؤسسة خلال السنوات الثلاث الأخيرة.
أمام هذا الواقع كان تحرك “معا لإنقاذ الوطن” الذي لا تزال المباحثات والجلسات بين الجهات المنظمة للتنسيق بشأنه مستمرة، بحسب الأسمر، وذلك للتوصل إلى خطة تحرك كاملة وجامعة يعلن عنها يوم الثلاثاء بعد اللقاء الذي سيعقد في مقر الإتحاد العالي العام في بيروت.
(الشرق الاوسط)