حركة الاتصالات لتأليف الحكومة مركونة على رصيف المراوحة السلبية حتى إشعار آخر، في ظل لامبالاة طبقة سياسية قدّمت الدليل تلو الدليل على ان لا همّ لها سوى فرض إراداتها وتحقيق مكاسبها ومصالحها على حساب البلد والناس بشكل عام، من دون تقدير حجم الأضرار التي يفاقمها الفراغ الحكومي ويراكمها على كاهل كل اللبنانيين.
هذه الصورة الداخلية تتوازى مع مشهد إقليمي متقلب، تُنذر وقائعه بتطورات دراماتيكية، وخصوصاً في الميدان السوري في ظل تصاعد الحديث عن حرب أميركية على النظام ربطاً بالملف الكيميائي، بالتوازي مع تحضيرات روسية إيرانية مع النظام لشَنّ عملية عسكرية في إدلب. وهو الأمر الذي كان محور القمة الثلاثية التي عقدت في طهران بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والرئيس الايراني حسن روحاني والرئيس التركي رجب طيب اردوغان.
على الخط الحكومي، صارت الصورة في منتهى الوضوح، كل الاطراف كشفت أوراقها وتتمسّك بطروحاتها ولا تتراجع عن حرف منها، وكأنها كتب سماوية. وخط التواصل بين بعبدا وبيت الوسط مفتوح من باب المجاملات، الّا انه مقفل حكومياً، ذلك انّ أجواء رئيس الجمهورية ميشال عون والرئيس المكلف سعد الحريري ما زالت متأثرة بسقوط المسودة التي طرحها الحريري في اللقاء الاخير بينهما في القصر الجمهوري.
وقالت مصادر معنية بمسار التأليف لـ«الجمهورية»: انّ احتمالات احداث خرق إيجابي في حائط التأليف باتت أصعب من اي وقت مضى، إذ لا يبدو انّ هناك نيّة تراجع لدى ايّ من القوى السياسية.
وكشفت المصادر ان ليس لدى الرئيس المكلف ما يقدّمه زيادة على المسودة التي قدّمها، والمشاورات التي أجراها في الايام الاخيرة لم تبلور اية افكار جديدة يمكن ان تشكّل مخرجاً مرضياً للجميع، يتمكن من خلاله من تليين التصلّب في مواقف رئيس الجمهورية و»التيار الوطني الحر» و»القوات اللبنانية» والحزب «التقدمي الاشتراكي».
ونقل زوّار رئيس الحكومة عنه تأكيده أنه «ماض في اتصالاته، ومصمّم على تخطي كل العقبات، وانه ما زال عند قوله إنّ الحكومة ستولد في نهاية المطاف اذ انّ لكل عقدة حلها».
وأكدت اوساط رئاسية «ان لا جديد لدى رئيس الجمهورية زيادة على ما ابلغه الى الرئيس المكلف في لقائهما الاخير، فهو عبّر عن ملاحظاته على المسودة التي قدمها اليه وينتظر ما سيحمله اليه الرئيس المكلف في لقائهما المقبل، الذي يفترض انه ليس بعيداً، ويأمل ان يكون هذا اللقاء مُنتجاً لحكومة ينتظرها البلد».