أوقفت الولايات المتحدة الجمعة كل التمويل الذي كانت تقدمه لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى (الأونروا)، في قرار يؤجج التوتر بين القيادة الفلسطينية وإدارة الرئيس الأميركي، دونالد ترمب.
وندد متحدث باسم الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، بالقرار ووصفه بأنه “اعتداء سافر على الشعب الفلسطيني وتحدٍ لقرارات الأمم المتحدة”.
من جهتها، قالت المتحدثة باسم الخارجية الأميركية، هيذر ناورت، في بيان، إن نموذج عمل الأونروا وممارساتها المالية “عملية معيبة بشكل لا يمكن إصلاحه”.
وتابعت ناورت: “راجعت الإدارة المسألة بحرص وخلصت إلى أن الولايات المتحدة لن تقدم مساهمات إضافية للأونروا”، مشيرة إلى أن “توسع مجتمع المستفيدين أضعافاً مضاعفة وإلى ما لا نهاية لم يعد أمراً قابلاً للاستمرار…”.
ويأتي ذلك بعد أسبوع من إعلان الإدارة أنها ستخفض 200 مليون دولار من أموال الدعم الاقتصادي الفلسطيني لبرامج في الضفة الغربية وقطاع غزة.
من جانبه، عبر المتحدث باسم الأونروا، كريس جانيس، عن أسف الوكالة العميق وخيبة أملها بعد القرار الذي قال إنه مثير للدهشة، نظراً لأن اتفاق التمويل الأميركي في كانون الأول/ديسمبر أقر بالإدارة الناجحة للأونروا.
وقال جانيس في سلسلة تغريدات على تويتر: “نرفض بأشد العبارات الممكنة انتقاد مدارس الأونروا ومراكزها الصحية وبرامجها للمساعدة في حالات الطوارئ بأنها “معيبة بشكل لا يمكن إصلاحه”.
وأوضحت الأونروا، التي تأسست قبل 68 عاماً، أنها تقدم خدمات لنحو خمسة ملايين لاجئ فلسطيني في الأردن ولبنان وسوريا والضفة الغربية وقطاع غزة، معظمهم أحفاد من هربوا من فلسطين خلال حرب 1948.
ودفعت الإدارة الأميركية 60 مليون دولار للأونروا في كانون الثاني/يناير لكنها حجبت 65 مليوناً أخرى بانتظار مراجعة للتمويل من أصل تعهد قيمته 365 مليوناً للعام.
ويقول ترمب ومساعدوه إنهم يريدون تحسين وضع الفلسطينيين وكذلك بدء المفاوضات بشأن اتفاق سلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين.
لكن واشنطن اتخذت عدداً من الإجراءات التي أبعدت الفلسطينيين بما في ذلك الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل في تغيير لسياسة أميركية استمرت عقوداً، مما دفع القيادة الفلسطينية إلى مقاطعة جهود واشنطن للمفاوضات مع المحتل الإسرائيلي بقيادة جاريد كوشنر، مستشار ترمب وزوج ابنته.
“ليست جزءاً من الحل”
قال المتحدث باسم عباس، نبيل أبو ردينة، لرويترز، إن “هذه الإجراءات الأميركية المتلاحقة اعتداء سافر على الشعب الفلسطيني وتحد لقرارات الأمم المتحدة. هذا النوع من العقوبات لن يغير من الحقيقة شيء. لم يعد للإدارة الأميركية أي دور في المنطقة وهي ليست جزءاً من الحل”.
وأضاف أبو ردينة أن الأونروا “باقية ما بقيت قضية اللاجئين، لن تستطيع أميركا ولا غيرها حلها”.
وفي غزة أدانت أيضاً حركة حماس الخطوة الأميركية لافتة إلى أنها تمثل “تصعيداً خطيراً ضد الشعب الفلسطيني”.
وقال المتحدث باسم حماس، سامي أبو زهري، لرويترز، إن “القرار الأميركي بإلغاء كامل المعونة الأميركية للأونروا يهدف إلى شطب حق العودة ويمثل تصعيداً أميركياً خطيراً ضد الشعب الفلسطيني”.
وفي وقت سابق الجمعة، أعلن وزير الخارجية الألماني، هايكو ماس، أن بلاده ستزيد مساهمتها للأونروا لأن أزمة التمويل تؤجج حالة عدم اليقين، قائلاً إن “خسارة هذه المنظمة قد تفجر سلسلة من ردود الأفعال التي يصعب احتواؤها”.
وتواجه الوكالة أزمة سيولة منذ أن قلصت الولايات المتحدة، التي كانت أكبر مانحيها، تمويلها في وقت سابق هذا العام مشيرة إلى أن الوكالة تحتاج إلى إصلاحات لم تحددها. ودعت واشنطن الفلسطينيين إلى إحياء محادثات السلام مع إسرائيل.
وانهارت آخر محادثات سلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين في عام 2014 ويرجع ذلك جزئياً إلى معارضة إسرائيل لمحاولة اتفاق للمصالحة بين حركتي فتح وحماس علاوة على البناء الاستيطاني الإسرائيلي على الأراضي المحتلة التي يريدها الفلسطينيون لإقامة دولتهم.
وقالت ناورت إن الولايات المتحدة ستكثف المحادثات مع الأمم المتحدة وحكومات المنطقة والشركاء الدوليين بشأن ما قد يشمل مساعدة أميركية ثنائية للأطفال الفلسطينيين.
وأضافت: “نشعر بقلق عميق إزاء الأثر على الفلسطينيين الأبرياء لا سيما أطفال المدارس نتيجة فشل الأونروا والأعضاء الرئيسيين الآخرين من المانحين الإقليميين والدوليين في إصلاح وإعادة تنظيم طريقة عمل الأونروا”.
وصرح جانيس لرويترز في آب/أغسطس أن الحاجة لدعم الأونروا باقية ما دامت الأطراف لم تتوصل إلى اتفاق لإنهاء الأزمة، لافتاً إلى أن “الأونروا لا تديم الصراع… فالصراع هو الذي يديم الأونروا… فشل الأطراف السياسية في حل وضع اللاجئين هو الذي يديم استمرار وجود الأونروا”.