كتبت صحيفة “المستقبل” تقول: بعدما استنفدت عملية الشدّ والمدّ بين الأفرقاء السياسيين دورانها العقيم في حلقة مفرغة من التجاذب والتنازع على حلبة التأليف، نجحت جولة المشاورات المتجددة التي أطلقها رئيس الحكومة المكلّف سعد الحريري بُعيد عطلة الأضحى في كسر الجمود الطاغي على الساحة الحكومية تمهيداً لبلورة الحلول الآيلة إلى فكفكة العقد التي لا تزال تحول دون ولادة تشكيلة الائتلاف المُرتقبة.
الحريري، الذي يطل عند الساعة التاسعة من مساء اليوم عبر قناة “euronews” حيث سيتطرق في محور حديثه إلى آخر المستجدات الإقليمية، كان قد عقد سلسلة لقاءات أمس في “بيت الوسط” وضعتها مصادر حكومية لـ”المستقبل” في إطار “استكمال مشاورات الساعات الماضية” والتي كان قد برز منها اجتماعه مساء الأربعاء مع رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع، على أن يواصل الحريري لقاءاته ومشاوراته مع مختلف الأفرقاء المعنيين بالتشكيلة الحكومية بما يشمل “التيار الوطني الحر”، فضلاً عن التواصل مع رئيس الجمهورية ميشال عون لوضعه في أجواء ونتائج جولة المشاورات الحاصلة.
وكانت لقاءات الموفدين قد تفاعلت بشكل مكوكي نهار أمس على خط بيت الوسط – عين التينة، حيث استقبل الرئيس المكلّف كلاً من الوزير علي حسن خليل والنائب وائل أبو فاعور، في حين استقبل رئيس مجلس النواب نبيه بري الوزير ملحم الرياشي موفداً من رئيس “القوات” لإطلاع بري على نتائج لقاء جعجع مع الحريري. وإثر اللقاء أوضح الرياشي أنه نقل إلى رئيس المجلس “رسالة من الحكيم” تؤكد أنّ “القوات جاهزة لتسهيل الوصول إلى تشكيلة حكومية وازنة ولائقة بصورة لبنان وصورة العهد وصورة الانتخابات النيابية والأحجام التي تحققت منها”، وأضاف مؤكداً العزم على تقديم “التسهيلات لأقصى الحدود لمساعدة الرئيس المكلف على إنجاز حكومة في أسرع وقت”.
توازياً، برزت دعوة متقاطعة أيضاً تناشد مختلف الأفرقاء إلى تسهيل مهمة الرئيس المكلّف من كتلة “اللقاء الديموقراطي” إثر اجتماعها الشهري برئاسة النائب تيمور جنبلاط في كليمنصو، حيث دعت الكتلة إلى “تحصين وضعنا الداخلي من خلال اتخاذ الخطوات العاجلة والحاسمة لكسر الحلقة المفرغة في الملف الحكومي، والذهاب باتجاه تشكيل حكومة وحدة وطنية وفق الأصول المُعتمدة، بما يضمن احترام الصلاحيات وتسهيل مهمة الرئيس المكلّف وإزالة العقد والعراقيل الموضوعة أمام عملية التشكيل، والابتعاد عن بعض الاجتهادات القانونية والهرطقات الدستورية غير المُجدية”، مع تجديدها التمسك “بضرورة احترام الإرادة الشعبية التي تم التعبير عنها في الانتخابات النيابية الأخيرة”.
وفي الغضون، استرعت الانتباه مواقف صادرة من دار الفتوى أمس تُجدّد الدعم والتأييد لمهمة الرئيس الحريري في تأليف الحكومة، وسط التنبيه في المقابل من مغبة المسّ بمقام وصلاحيات رئاسة الحكومة.
في هذا الإطار، وبينما نقل زوار مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان تشديده على “التمسك بالوحدة الوطنية والتزام المحافظة على مقومات العيش المشترك والمساهمة الفاعلة في إسراع تشكيل حكومة مصلحة لبنان العليا”، أعلن النائب السابق عمر مسيكة باسم مجلس أمناء المركز الثقافي الإسلامي من دار الفتوى “دعم الرئيس الحريري بقوة لتشكيل حكومة الوحدة الوطنية المتوازنة بعيداً عن صلاحيات أو أعراف أو تفاسير أو فتاوى مستجدة في وثيقة الوفاق الوطني أو الدستور، بحيث تكون هذه الحكومة قادرة على ضمان التوازنات الوطنية خارج دائرة الاستئثار أو فرض الشروط المُحكمة”.
كما برز ما نقله رئيس اتحاد جمعيات العائلات البيروتية السابق فوزي زيدان عن المفتي دريان لجهة دعوته “كل الأفرقاء السياسيين إلى التعاون مع الرئيس المكلف بمسؤولية وطنية والتعامل مع هذا الموضوع بجدية وواقعية وتقديم تنازلات تُساهم في تأليف الحكومة”، وأضاف زيدان: “إن مقام رئاسة مجلس الوزراء خط أحمر، فالمس بصلاحيات شاغله هو مسّ بحقوق طائفة رئيسة تُشكّل مدماكاً أساسياً في بنيان الوطن، وبكرامتها وكرامة اللبنانيين الحريصين على الوحدة الوطنية”، وختم: “كفى عنتريات ومحاولات يائسة للعودة بالصلاحيات إلى ما قبل اتفاق الطائف، فدستور الطائف واضح وضوح الشمس بأن لا مهلة محددة أمام الرئيس المكلّف لتشكيل الحكومة”.