تحت عنوان “الحكومة.. على الرصيف الإيراني!” كتب جوني منير في صحيفة “الجمهورية”: “ما تزال المشاورات لتشكيل الحكومة في المربّع الأول وتدور في دائرة مفرغة، وأغلب الظن انها ستبقى كذلك لفترة مفتوحة سيجري ملؤها بهبّات باردة وأخرى ساخنة وجدال واشتباكات سياسية.
وفور انتهاء الانتخابات النيابية كان الكلام في الكواليس السياسية بأنّ تشكيل الحكومة سيأخذ بعض الوقت وهو لن يكون سهلاً، لكنّ التوقعات يومها رجّحت تأخيراً لأشهر معدودة بحيث يجري الاتفاق على الحكومة قبل نهاية الصيف تحت ضغط الواقع الاقتصادي الخطير الذي يهدد البلاد بالافلاس.
لكن مع مرور الوقت ظهر للجميع انّ الازمة الحكومية باتت في عنق الزجاجة الاقليمية، وانّ الدلع والجشع اللذين أخّرا ولادتها ربطاها بالمشاكل الاقليمية الكبيرة وسط صراع المحورين الايراني والسعودي.
صحيح انّ العقد الحكومية الثلاث، المسيحية والدرزية والسنية، تتصدر النقاشات والمواجهات على وسائل الاعلام، وتبدو معها الاطراف السياسية وكأنها باتت أسيرة مواقفها المعلنة، وهي بالتالي غير قادرة على التراجع ولو خطوة الى الوراء، ولكن الحقيقة المستخلصة من التجارب السياسية اللبنانية تؤشر الى انّ هذه العقد على أهميتها قابلة للحل لو كان هنالك نيّة جدية لتشكيل الحكومة، لكنّ المشكلة الحقيقية هي في الصراع الاقليمي وموازين القوى على الساحة اللبنانية، ما يدفع باتجاه تجميد اي إمكانية لإنتاج تسويات.
في الكواليس السياسية ثمة تشاؤم يزداد يوماً بعد يوم وآخر، توقعاته ان الولادة الحكومية لن تحصل قبل شهر تشرين الثاني موعد الدفعة الثانية للعقوبات على ايران. والرابط بين هذه العقوبات والتشكيلة الحكومية اللبنانية انّ الضغوط الحاصلة على ايران والمرشّحة لأن تتصاعد ستؤدي الى تراجع النفوذ الاقليمي الكبير لايران، ما سيسمح عندها بولادة حكومة جديدة تحتضن توازنات سياسية معاكسة للتوازنات التي أرستها الانتخابات النيابية الاخيرة.
ووفق هذه الحسابات فإنه لا يمكن التسليم “بسقوط” الحكومة وهي ساحة نفوذ سنية، بعد “سقوط” مجلس النواب لصالح محور ايران في المنطقة. عدا عن انّ التسوية الرئاسية كانت قد قضت بقبول السعودية بوصول العماد ميشال عون حليف ايران وسوريا الى قصر بعبدا، في مقابل قبول ايران و”حزب الله” بعودة سعد الحريري حليف السعودية الى رئاسة الحكومة ولو وفق خطاب سياسي رسمي لبناني يرتكز على النأي بالنفس حيال الحرب الدائرة في سوريا”.