بين مكتبه الإعلامي الذي وضع حداً لجموح «الخيال الإعلامي» الهادف عبر سلسلة من «الأخبار الملفقة الصادرة عن الجهة ذاتها والمصدر ذاته إلى تشويه الوقائع وإلقاء مسؤولية تأخير التأليف على الخارج»، وبين دردشته الإعلامية مع الصحافيين في «بيت الوسط» التي أعادت تصويب البوصلة الوطنية باتجاه حقيقة مكامن العقد في عملية تشكيل الحكومة التوافقية العتيدة، حسم رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري أمس الموقف قاطعاً الطريق على سياسات الشك والتشكيك بمعوقات التأليف من خلال تأكيده جازماً أنها «لا عربية ولا غربية»، إنما داخلية بحتة مردها إلى «التمترس خلف المواقف».
الرئيس المكلف الذي شدد على أنّ مفتاح التأليف يكمن في «أن يتواضع كل الأفرقاء ويقدموا بعض التضحيات لأجل مصلحة البلد واللبنانيين»، قال: «على الجميع أن يلتفتوا إلى الوضع الاقتصادي، أما إذا كان المطلوب من رئيس الحكومة أن يقدم كل التنازلات فنحن ضحّينا كثيراً»، مشدداً في معرض استغراب تحميله مسؤولية التأخير في التأليف على أنه على تواصل مع كافة الأفرقاء وإن لم يلتقِ بهم، وأردف رداً على سؤال حول عدم لقائه رئيس «التيار الوطني الحر» الوزير جبران باسيل في الآونة الأخيرة: «قد أتصل به وأدعوه لزيارتي لكني لم ألمس جديداً حتى الآن».
وإذ رفض الحديث عن كون المشكلة في أن رئيس الجمهورية ميشال عون أحاله إلى باسيل للاتفاق على الحصص بالقول: «لا أحد يحيلني إلى أحد»، أضاف الحريري: «أنا رئيس حكومة أشكّل حكومة وأتحدث مع كل الأفرقاء وكل فريق لديه مطالب مسجلة لدي جميعها وأعمل على تشكيل حكومة وفاق وطني»، لافتاً الانتباه رداً على سؤال حول ما إذا كانت الأزمة الفعلية هي في تموضع باسيل على «رأس السباق» الرئاسي إلى أنّ رئيس الجمهورية بالنسبة إليه «هو العماد ميشال عون ولا أحد يستبق الأمور».
والتوازي مع إشارته، عندما سئل عما إذا كانت العقوبات على إيران لها تأثير على عملية التأليف، إلى أنه «على تواصل مع «حزب الله» وهو كما الجميع يريد تشكيل الحكومة»، نفى الرئيس المكلف أن يكون هناك أي تدخل خارجي لمنع التشكيل، وقال: «على العكس من ذلك، هناك اندفاع من الخارج لإرساء الاستقرار في لبنان (…) فالمجتمع الدولي حريص على أن تشكّل الحكومة وأن يبدأ تنفيذ مقررات مؤتمر «سيدر»، والدول العربية كما الغربية كلها حريصة على أن يكون هناك استقرار وثبات للوضع في لبنان لأن التحديات التي نواجهها، سواء على الصعيد الاقتصادي أو الإقليمي أو بالنسبة للنازحين، كلها تحديات جدية».
وكان المكتب الإعلامي للحريري قد أكد في معرض نفيه «الأخبار الملفقة» على أنّ «المملكة العربية السعودية لا تتدخل ولم تتدخل في الشأن اللبناني الداخلي وأقصى ما تعبّر عنه وتتمناه هو أن تتشكل الحكومة بأسرع وقت ممكن للمساهمة في دعم لبنان ودولته واقتصاده، كما بدا ذلك جلياً من موقفها خلال مؤتمر سيدر»، مجدداً التشديد على أنّ «المساعي والجهود المستمرة التي يقوم بها الرئيس المكلف لتقريب وجهات النظر وتضييق شقة الخلافات بين مختلف الأطراف بتأن وروية تهدف في النهاية إلى تشكيل حكومة وفاق وطني متوازنة سياسياً تشارك فيها جميع القوى بمعزل عن أي تدخلات خارجية».
في الغضون، وإثر انعقاد كتلة «المستقبل» النيابية في بيت الوسط برئاسة الحريري، لاحظت الكتلة أنّ «شيئاً لن يضير الرئيس المكلف بأي إعلان عن رمي كرة التأليف إلى ملعبه، لأنّ الكرة موجودة في ملعبه أصلاً وفقاً للأصول والدستور، ووفقاً لمبادئ اتفاق الطائف التي يتمسك بها الرئيس الحريري ولن يرضى عنها بديلاً مهما تعددت وجوه البحث عن أعراف جديدة».
وإذ أكدت على «الأبعاد الداخلية» لمعوقات التأليف، لفتت الكتلة في مقابل «تطوّع البعض بحمل رسائل مباشرة تعلّق تأليف الحكومة على الموافقة المسبقة للنظام السوري» إلى أنّ هذا الأمر «يعتبره الرئيس المكلف مجرد كلام للاستهلاك الخارجي الذي يصنّف في خانة أحلام إبليس بالجنة»، مشددةً على أنّ «التوافق الداخلي هو السبيل الوحيد لولادة الحكومة وانتظام عمل المؤسسة الدستورية»، وسط تشديدها على أنّ «الرئيس المكلف سيبادر حيث تقتضي المصلحة الوطنية أن يبادر، ولن يتراجع عن السعي لتشكيل حكومة وفاق وطني».