تتزايد المخاوف من دخول لبنان أزمة سياسية ستُطيل بالتأكيد عملية تشكيل الحكومة التي دخلت على ما يبدو في النفق، حيث أن كل طرف يرمي كرة التعطيل في ملعب الفريق الآخر، فيما البلد يغرق في بحر من الآزمات التي تتفاقم، منذرة بمرحلة شديدة التعقيد ينتظرها لبنان، في حال لم يتم تجاوز عراقيل التأليف والشروع في إنجاز التوليفة الوزارية في أسرع وقت، بعدما بدا أن الجميع يلعبون على حافة الهاوية.
وإذ تعبر أوساط الرئاسة الأولى أن الحكومة ستشكل في وقت قريب، مؤكدة لـ”السياسة”، أنها ستكون حكومة وحدة بعد طَي صفحة حكومة الأكثرية، فإن مصادر نيابية في تكتل “لبنان القوي”، شددت لـ”السياسة”، على أن الكرة أصبحت في ملعب الرئيس المكلف سعد الحريري، بعد قبولنا بمنح “القوات” حقيبة سيادية، وهذا الأمر سيساعد في حلحلة العقد التي تعترض التأليف، وبالتالي على الرئيس المكلف أن يحسم أمره ويبادر إلى الإسراع في التشكيل، لأن البلد لم يعد يحتمل المزيد من المراوحة على هذا الصعيد، بالنظر إلى التحديات الكثيرة التي تنتظره على أكثر من صعيد.
وفي وقت أشارت معلومات “السياسة”، إلى أن الرئيس الحريري وإذا استمر وضع العراقيل أمامه، لن يتردد لحظة في فضح المعطلين للتأليف والذين يضعون العقبات لاستمرار المراوحة وإطالة أمد الأزمة، شدد البطريرك بشارة الراعي، على أنه “لا يحق للقوى السّياسيّة، أيًا تكن، المزيد من التّمادي في عرقلة تأليف الحكومة، بعد مرور أربعة أشهر تمامًا على المؤتمر المذكور، وشهرين ونصف الشهر على التّكليف، فيما الدّول الدّاعمة تنادت وأسرعت وعقدت ثلاثة مؤتمرات لصالح لبنان في غضون شهري مارس وأبريل 2018، في كلّ من روما وباريس وبروكسيل، إنّ مثل هذا التصرّف السّياسي اللّبناني يقوّض ثقة المجتمع الدولي بلبنان. وهذا ما لا نريده، بل نرفضه”.
ووجه الراعي نداءً إلى السّلطات اللّبنانيّة، بشأن عودة الإخوة النّازحين السوريّين، قال فيه “أمّا وقد توافق اللبنانيّون بمختلف توجّهاتهم على وجوب العودة الكريمة والآمنة للإخوة النّازحين السوريّين حمايةً لهويّتهم الوطنيّة، وحقّهم في المساهمة في إعادة إعمار بلدهم وتقرير مصيرهم فيه، ولمّا كانت روسيا قد طرحت رسميًّا مبادرة في هذا السياق، ومع المجتمع الدولي يجري النّقاش حول مبادرتها لتسهيل عودة النازحين إلى أماكن إقامتهم الأصليّة، مع توفير ضماناتٍ قانونيّة وأمنيّة ومقوّمات الحياة الإقتصاديّة-الإجتماعيّة ذات الكرامة والأمان، فإنّ لبنان ممثَّلاً بالمسؤولين الرسميّين فيه مدعوٌ لمواكبة هذه المبادرة بمرجعيّة ورؤية وطنيّة موحَّدتين، وبالتنسيق مع منظّمة الأمم المتّحدة”.
وأضاف “ويستدعي الكفّ عن تسييس المبادرة لمآرب شخصيّة، وإبقاء هذه المبادرة في إطارها الإنساني وفقًا لمعايير القانون الدولي، بحيث يسمح للإخوة النّازحين ترتيب أوضاعهم والعودة تحت مظلّة تفاهمات دوليّة وإقليميّة، بما يخفّف العبء عن المجتمعات المضيفة، وإذ نأمل أن يواكب هذه المبادرة أخصّائيون همُّهم لبنان والإنسان، فإنّا ندعو جميع القوى السياسيّة لأن تحتكم إلى منطق العلم في إدارة الأزمات الكيانيّة بدل الانزلاق في شروط وشروط مضادّة، مثل هذا الانزلاق يعني أنّنا حتى الآن لم نتعلّم من التاريخ كيفيّة إنقاذ وطننا وإنسانه، وانّنا لم ندرك أنّ العالم لا يحترمنا إذا لم نكن موحَّدي المرجعيّة والرؤية”. وقد أكد رئيس “التيار الوطني الحرّ” الوزير جبران باسيل في ذكرى 7 أغسطس أنّ “هذه الذكرى تعني أن ثقتنا بنفسنا لا تكسر وطبيعي سيهاجموننا لأننا نقف ضدهم وبالحكومة اليوم عليهم أن يفهموا أن حقوقكم لا نتنازل عنها”، وقال “ما تمكنا من الحصول عليه بالنضال من حكومة متوازنة لن نخسره اليوم”. من جهته، شدد عضو تكتل “لبنان القوي” النائب ابراهيم كنعان، على “أنّنا ارتضينا جميعاً معادلة جديدة لبنانية وداخلية ووطنية لتأمين الاستقرارين السياسي والأمني ويجب تحصين تسويتنا في ظل المتغيرات الخارجية لا أن نرزح تحت الواضع الخارجي المتبدّل”، معتبراً أنّ “المبادرة هي لدى الرئيس المكلّف والحريري يمكن أن يأخذ قراراً بمشروع تشكيلة بعد كل المشاورات التي قام بها ونحن في انتظاره لا سيما ان الحكومة مفصلية سياسياً وأمنياً واقتصادياً واجتماعياً”.
كما شدّد كنعان على “أنّنا يجب أن نعود جميعاً الى التسوية التي نتج عنها رئاسة وحكومة وموازنات واستقرار لننطلق في معالجة التحديات الاقتصادية والاجتماعية والأساس هي المصالحة المسيحية أما في السياسة فكما نختلف يمكن أن نلتقي”.
واعتبر أن “القول بأن ولادة الحكومة متوقّفة على لقاء الرئيس المكلّف سعد الحريري والوزير جبران باسيل فرضية خاطئة وباسيل أكد في حديث صحافي انه موجود عندما يطلبه الرئيس الحريري علماً أن لقاءات عدة ثنائية وعلى مستوى التكتل عقدت سابقاً بين الجانبين”.
(السياسة)