كل موجات التصعيد والسجالات السياسية وتراشق التهم وتحميل مسؤوليات العرقلة التي تغلف الملف الحكومي والتي ارتفعت الى الحد الاقصى في عطلة نهاية الاسبوع، وصولا الى الحديث عن فرض حكومة اكثرية، لا تعدو كونها فقاقيع صابون ستتلاشى مع اول نسمة باردة ستلفح الازمة التشكيلية لتعيدها الى الممر الحواري الالزامي الذي لا بد الا ان تسلكه في وقت لم يعد بعيدا، في اعتقاد مصادر سياسية مطلعة تراهن على حراك سيستجد خلال الساعات المقبلة من شأنه ان يخرج الحكومة من عنق زجاجة العقد.
وتقول المصادر لـ”المركزية” ان الدينامية التي انطلقت مع لقاء الرئيسين ميشال عون وسعد الحريري الخميس الماضي يفترض ان توظف في سوق تسهيل التشكيل خصوصا بعيد عودة وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل من واشنطن، الذي ولئن لم يعقد اللقاء المنتظر حتى الساعة مع الرئيس المكلف، الا انه قد يلتقيه في الساعات المقبلة بناء على نتائج اجتماع بعبدا التي ان لم تستثمر سريعا، يخشى ان تتلاشى وتعود الامور مجددا الى مربّع التصعيد. وتعتبر المصادر ان موقف الوزير باسيل في اليمونة امس في شأن حكومة اكثرية يأتي في اطار التصعيد السياسي لمحاولة فرض الشروط، في ضوء تمترس بعض القوى خلف مطالبها لا سيما الحزب الاشتراكي والقوات اللبنانية، الا انه يبقى غير قابل للصرف ما دام الرئيس الحريري غير مقتنع بالطرح المذكور ومصر على تشكيل حكومة وحدة وطنية، يدفع في اتجاهها بكل السبل المتاحة لمواجهة الاستحقاقات الداهمة المقبلة على البلاد من الاقتصاد القابع على حافة الانهيار في انتظار وضع مقررات مؤتمر ” سيدر” موضع التنفيذ مع انطلاق حزمة الاصلاحات المطلوبة دوليا من لبنان، الى المبادرة الروسية بإعادة النازحين السوريين الى بلادهم بما تستوجب من وجود حكومة فعلية تدير الملف، الى تلبية النصائح الدولية المتكررة لتشكيل سريع، وآخرها سمعه الوزير باسيل نفسه في واشنطن خلال لقائه نائب وزير الخارجية الأميركي جون سوليفان حيث ناقشا عملية تشكيل الحكومة اللبنانية المستمرة وابدى سوليفان قلقا اميركيا من دور حزب الله في لبنان والمنطقة والتهديد الذي يشكله للاستقرار الإقليمي ودعوة لضرورة التزام جميع الأطراف اللبنانيين بالتزامات لبنان الدولية والكف عن خرق سياسة النأي بالنفس.
تبعا لذلك، تؤكد المصادر ان لا حكومة الا وفق القواعد والثوابت التي اعلن عنها الرئيس الحريري بعد تكليفه ولخصها بحكومة وفاق وطني والتمسك بسياسة النأي بالنفس، ليتسنى له انذاك الانطلاق في المشروع الانقاذي الاصلاحي العملاق الذي اتضحت معالمه في المؤتمرات الدولية لا سيما “سادر” الذي أمّن للبنان من الدول المانحة نحو 12 مليار دولار لتنفيذ مشاريع عبر مساعدات او قروض او هبات، بعدما نجح في انجاز التسوية الرئاسية وانتشال البلاد من براثن الفراغ القاتل.
هذه التطلعات، لا بد الا ان تواكبها حكومة وفاق وطني تلتزم “النأي بالنفس” ولا تحمل في مضمونها فتيل تفجيرها بالثلث المعطل من اي مكون او بروز اي فيتو ميثاقي، انما مشاركة جامعة في القرار واعتماد نهج الحكومة السابقة بتجنب مقاربة المواضيع الخلافية تثبيتا للاستقرار السياسي وانقاذا للاقتصاد.
(المركزية)