في الشكل والمضمون، بدّدت زيارة رئيس الحكومة المكلّف سعد الحريري إلى القصر الجمهوري كل خيوط التباعد والفرقة التي نسجتها بعض المخيلات الجامحة الطامحة إلى تخريب ذات البين الرئاسية على خط بعبدا – بيت الوسط، ليخرج الحريري من بعبدا «أكثر تفاؤلاً» بمآل التشاور الحكومي المستمر مع رئيس الجمهورية ميشال عون، وأكثر حزماً في تشديده على وجوب استئصال عبارة «خلاف» من قاموس العلاقة بينهما. وإذ طمأن إلى أنّ «بعض العقد في مسار التشكيل بدأت تشهد حلولاً»، أكد الاتفاق على تسريع الخطى للوصول إلى صيغة توافقية تتيح استيلاد التشكيلة الحكومية المُرتقبة، سيما وأنّ «العقبات طفيفة» والتباحث بشأن تذليلها سيكون مدار بحث متواصل بينه وبين عون خلال الأيام المقبلة في قصر بعبدا الذي أكدت أوساطه لـ«المستقبل» أنّ رئيس الجمهورية يترقب لقاء جديداً مع الرئيس المكلّف يوم غد الجمعة لاستكمال البحث والتشاور معه في الملف الحكومي.
وبينما وصفت أجواء اللقاء بـ«الجيدة جداً»، أوضحت الأوساط أنه شهد «طرحاً للأفكار» التي لا تزال تحتاج إلى مزيد من المتابعة وهو ما سيتولاه الرئيس المكلّف مع الأطراف السياسية المعنيّة خلال الساعات المقبلة، مبديةً تفاؤلها بأن «تكون ولادة الحكومة قريبة في حال تبلورت الأفكار والطروحات على الشكل التوافقي المأمول». ورداً على سؤال، اكتفت أوساط بعبدا بالقول: «يبدو في الأفق شيء إيجابي قيد التبلور خصوصاً أنّ البحث الذي جرى بين الرئيسين عون والحريري تخلله استعراض للحصص المطروحة والبدائل المُتاحة في سبيل تسريع عملية التأليف». وفي هذا الإطار جاء تشديد الرئيس المكلّف إثر اللقاء على أنّ «الأمور إيجابية وأصبحت أكثر وضوحاً»، مؤكداً أنّ «بيت الوسط سيشهد المزيد من اللقاءات الجديدة والمشاورات» مع الأفرقاء السياسيين المعنيين، مقابل نفيه وجود أي «ارتباط بالخارج لا من قريب ولا من بعيد» في عملية تأليف الحكومة.
أما في ما يتصل بملف موضوع النازحين السوريين، فقد احتلّ حيزاً كبيراً من لقاء بعبدا عشية زيارة الوفد الروسي المكلّف متابعة الملف مع دول الجوار لسوريا، لا سيما منها الأردن ولبنان، حيث سيعقد الوفد الديبلوماسي والعسكري برئاسة مبعوث الرئاسة الروسية إلى سوريا ألكسندر لافرينتييف اجتماعاً اليوم في قصر بعبدا مع المسؤولين اللبنانيين يتقدمهم عون والحريري بمشاركة وزير الدفاع في حكومة تصريف الأعمال يعقوب الصراف وقائد الجيش العماد جوزيف عون ورؤساء وقادة الأجهزة الأمنية وممثل عن وزارة الخارجية.
وعلمت «المستقبل» أنّ رئيسي الجمهورية والحكومة اتفقا أمس على الصيغة الواجب اعتمادها من جانب الدولة اللبنانية إزاء المقترحات الروسية الهادفة إلى إعادة النازحين إلى سوريا، وهو ما أكد عليه الحريري بإعلانه الاتفاق مع عون على «موقف واحد» حيال الموضوع. في حين أفادت أوساط بعبدا أنّ الرئيسين سيستمعان خلال لقائهما الوفد الروسي اليوم إلى تفاصيل ما يحمله من مقترحات حول الخطة المُرتقبة لعودة النازحين إلى وطنهم واللجنة المُشتركة المعنية بهذه العودة، على أن يُصار بالتالي إلى تحديد التمثيل اللبناني في هذه اللجنة بحسب طبيعتها ليكون هذا «التمثيل بالمثل، أمنياً إذا كانت اللجنة ذات طابع أمني أو ديبلوماسياً إذا كانت ذات طابع ديبلوماسي».
(المستقبل)