استقبل وزير المال علي حسن خليل ظهر اليوم، في مكتبه في الوزارة، وفدا من نقابة محرري الصحافة اللبنانية برئاسة النقيب الياس عون، وضم الزملاء جوزف القصيفي وعلي يوسف وواصف عواضة، وجرى خلال اللقاء عرض للاوضاع العامة في البلاد.
سئل الوزير خليل عن الموضوع الحكومي والتأخير الحاصل فقال: “بعيدا عن تحديد المسؤوليات، نحن لا نملك ترف إضاعة الوقت في موضوع تأليف الحكومة. فالبلد بحاجة ماسة للاسراع في هذا السبيل، وما يحصل في المنطقة كبير جدا، من فلسطين الى العراق الى تسارع الأحداث في سوريا الى مدى كبير بما يحدث تغييرا في المعطيات. كل ذلك يفترض أن تكون لدينا إدارة حكومية جاهزة لمواكبة هذه التطورات . ادارة لديها رؤية ووضوح تجاه المرحلة المقبلة، وتستطيع اتخاذ قرارات في حجم هذه المعطيات. والواقع أن ما يجري يضعف ثقة الناس بنا كما يضعف ثقة العالم والمجتمع الدولي، ويكرس أكثر أن البلد في نظام سياسي مأزوم، وأن المسألة أكبر من تشكيل حكومة، لأنه عندما تكون كل هذه التحديات السياسية والاقتصادية والاجتماعية قائمة، ونحن غير قادرين على الاتفاق على اعداد وتركيب توازنات داخل الحكومة، فإن ذلك يؤشر الى أزمة نظام سياسي”.
اضاف: “من هنا يجب أن نرفع الصوت. ومن موقعي كوزير مال أقول إن كل يوم تأخير في تشكيل الحكومة يجعلنا ندفع من رصيدنا لجهة ثقة المجتمع الدولي وثقة الناس بنا. وعندما نفقد ثقة الناس سوف ينعكس الأمر على كل الوقائع، وتحديدا في الاقتصاد والمال. وبنفس القدر من عدم التفاؤل لم يعد مسموحا الاستمرار بالمراوحة. وهذا يتطلب أن يجلس المعنيون بالتأليف الى طاولة حوار لتحديد المسؤوليات واتخاذ القرار. أنا لست ممن يلقي التهم بالمسؤولية على الخارج في هذا الموضوع. نعم يمكن أن تكون هناك قوى خارجية تستفيد من أجواء الميوعة وتوظفها لصالحها، لكنني لا أعتقد اننا أمام قرار خارجي بعدم تشكيل الحكومة. الآن عاد رئيس الحكومة المكلف من الخارج وفهمت أنه سيقوم بحركة اتصالات لتسريع التأليف خاصة مع رئيس الجمهورية، ويجب أن تتطور الأمور بسرعة”.
سئل عن المساعدات الخارجية ومدى التزام الدول بذلك؟ فقال: “نحن رفعنا سقف طموحاتنا من خلال خطة متقدمة جدا. صحيح اننا قلنا في مجلس الوزراء أننا سنناقش تفاصيل نتائج مؤتمر “سيدر” . والصحيح أن المجتمع الدولي ابدى استعداده وقال أنه جاهز للمساعدة، ولكن على لبنان أن يكون جاهزا بالدرجة الأولى، بقراره المختل حاليا بعدم وجود حكومة، وجاهزا برؤيته الاقتصادية، وجاهزا لاحداث تغيير جوهري في السياسات. فأي انفاق يفترض ان يكون في اطار رؤية وتوجه واضح المعالم يوصل الى اهداف محددة. فلا يمكن أن نتحدث عن 12 مليار دولار من دون رؤية تحدد الأهداف وتحدث تغييرات في البلد، وهذا الأمر متيسر ونحن بحاجة لأخذ قرارات. لدينا الآن قروض واتفاقات في مجلس الانماء والاعمار بثلاثة مليارات و190 مليون دولار، وهذا المبلغ بحاجة الى 500 مليون دولار كتمويل محلي. وهذه المبالغ تغير الكثير في البلد لجهة المشاريع الاستثمارية الحيوية خاصة للمناطق النائية، ولجهة معالجة المشاكل الأساسية في البنى التحتية. ولكي نطلق هذه الورشة ونستفيد من أجواء مؤتمر “سيدر” ولا نضيعها، نحن بحاجة الى بت الموضوع الحكومي سريعا”.
اضاف: “على صعيد وزارة المال نحن ملتزمون تقديم مشروع الموازنة للعام 2019 في الموعد الدستوري، أي بنهاية شهر آب المقبل، ونحن سنحترم هذا الموعد، والإدارة المختصة في الوزارة تناقش الآن المشروع. لكن هذا يتطلب وجود حكومة لاقرار المشروع ورفعه الى مجلس النواب، وإلا سوف نقع في المشكلة والاخطاء السابقة ونعود الى الصرف على القاعدة الاثني عشرية، مع ما يعني ذلك من مشاكل. ولا يصح في عهد جديد عليه آمال،الا أن نحترم المواعيد. فإذا لم نشكل الحكومة خلال هذا الشهر سنكون امام مشكلة موازنة بحيث نصل الى نهاية السنة ولا ننفق حسب الأصول. والآن وزارة المال أشرفت على انهاء تقريرها لجهة الحسابات العامة وومشاريع قطع الحساب عن السنوات الماضية (1993 – 2016).استطيع أن نقول أننا في نهاية المطاف وضمن المهلة المعطاة لنا”.
سئل عن موضوع المدارس فأجاب: “موضوع المدارس شائك ومعقد الى حد ما ويتطلب حوارا بدأ مع وزارة التربية، ويجب استكماله مع الجمعيات والهيئات التربوية. وفخامة الرئيس مهتم بهذا الموضوع ونحن جاهزون لمعالجته”.
وقيل للوزير خليل: الرئيس نبيه بري يتحدث عن مشاورات نيابية والرئيس عون نقل عنه أنه لن ينتظر كثيرا. ما هو المقصود بهذا الكلام؟
أجاب: “لنكن دقيقين في هذا المجال.الرئيس بري لم يتحدث عن جلسة تستوجب إجراءات دستورية. هو تحدث عن جلسة تشاور غير ملزمة تشكل فرصة حث وتحميل المسؤوليات بالمعنى السياسي لكل القوى. صحيح انها سابقة في تاريخ لبنان، لكن تحسسا بعمق الأزمة هو تحدث عن هذا الموضوع. وهذا الأمر انعكس على المجلس بحيث جرى انتخاب اللجان وقطعنا نصف الطريق من خلال تشكيل اللجان ومن خلال درس المشاريع واقتراحات القوانين. طبعا لن تحصل جلسات تشريع من دون الحكومة. نحن نحضر المشاريع، ولكن في النهاية لا نستطيع إقرارها بغياب الحكومة”.
سئل عن مستقبل العلاقات مع سوريا وإمكان استفادة لبنان من فتح معبر نصيب مع الأردن فقال: “موقفنا واضح جدا وحاسم قبل فتح معبر نصيب وقبل كل النقاش الدائر. من مصلحة كل اللبنانيين والحكومة إعادة تنظيم العلاقات مع الدولة السورية على أساس القواعد التي حددها تاريخ هذه العلاقة. نحن مع فتح قنوات التواصل الرسمي مع الحكومة السورية بعيدا عن هذا الترف والارباك الذي يوحي وكأن هذا الأمر هو مطلب سوري وان لبنان متضرر منه. هذا الأمر يخدم البلدين. فلبنان ليس له غير هذا المنفذ البري على العالم العربي ودول الخليج، ولدينا فرصة لتصدير بضائعنا الى الدول العربية، وقد لمسنا سابقا مدى كلفة هذا الاقفال، وكم انخفض حجم الصادرات اللبنانية. لذلك نحن بحاجة لنقاش جدي مع الحكومة السورية. والكل الآن في الخارج يقوم بذلك ، والأحرى بلبنان أن يراعي مصالحه في هذا المجال. هناك حاجة للتنسيق في كل المجالات مع الحكومة السورية وليس فقط معبر نصيب، بحيث تكون لدينا الجرأة لمناقشة كل المواضيع، من الكهرباء الى غيرها. فلنكن جريئين ونذهب للحديث مع سوريا ولا نطمر رؤوسنا في الرمال”.
أضاف: “المفترض ان نضع مصلحة لبنان على الطاولة، وسوف نطرح هذا الموضوع على طاولة مجلس الوزراء المقبل، ليس من أجل احداث خلاف مع أحد. نحن نحترم مواقف الآخرين، وهذا من حقهم، ولكن هناك حق للبلد يفرض إعادة تنظيم العلاقة مع سوريا. نحن واضحون في هذا المجال، وموقف الرئيس بري معلن، وقد ابدينا استعدادنا لكي نلعب دورا مباشرا في هذا المجال. هناك خط بري وحيد للبنان عبر سوريا، وعلينا أن نفكر بمصالحنا قبل كل شيء”.
عن أزمة النازحين قال الوزير خليل: “نحن نلتقي مع مقاربة فخامة الرئيس عون في هذا المجال. يجب ان يكون لبنان واضحا في مناقشة هذا الملف مع الجانب السوري .هذا الموضوع يجب اقفاله. فالوقائع القائمة في جنوب سوريا وشمالها كلها تقول لنا “يجب أن نستلحق أمورنا”.
وعن الموقف الأخير لمجلس الأمن الدولي قال: “نحن لا نحبذ فكرة تدخل مجلس الأمن في موضوع داخلي كالحكومة، ولكن لأننا لا نتحمل مسؤولياتنا في هذا المجال، فهذا يسمح للآخرين بالتدخل في شؤوننا”.