توصلت دراسة حديثة إلى أن الشباب الذين يستخدمون وسائل التواصل الاجتماعي بشكل متكرر يومياً هما أكثر عرضة لخطر الإصابة بمشاكل اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه، حيث قال الباحثون إن إدمان المراهقين على استخدام الإنترنت على هواتفهم المحمولة ومراقبة الإشعارات المستمرة من مواقع مثل فيسبوك وتويتر وإنستغرام عدة مرات خلال اليوم يجعلهم ينصرفون عن الاهتمام بالأمور المهمة بحياتهم ويفقدون القدرة على التحكم في تركيزهم.
وقال أستاذ الطب الوقائي، آدم ليفينثال، من جامعة كاليفورنيا الجنوبية، في دراسة نُشرت في مجلة الجمعية الطبية الأميركية JAMA: “قد يرتبط الاستخدام المتكرر لوسائل التواصل الاجتماعي مع تطور أعراض مرض ADHD وهو اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه”.
ويُوصف اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه ADHD بأنه اضطراب
سلوكي يتضمن أعراضاً مثل النسيان، القلق، عدم الانتباه والاندفاع. في حين أن هناك حاجة إلى إجراء مزيد من البحوث لمعرفة ما إذا كان ارتباط ظهور هذه الأعراض بسبب وسائل التواصل الاجتماعي وحدها أم هناك عوامل أخرى. كما اقترح العلماء أن التشتيت والإشباع الفوري الذي تقدمه هذه المواقع يمكن أن يؤدي إلى تفاقم هذا الاضطراب.
وفي الدراسة التي أجرها ليفينثال وزملاؤه طلبوا من 2800 مراهق -تتراوح أعمارهم بين 15 و16 سنة في 10 مدارس مختلفة بمقاطعة لوس أنجلوس- أن يقوموا بملء الاستبيانات حول أعراض اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه ADHD وعادات وسائل التواصل الاجتماعي الخاصة بهم. وطلب استبيان ADHD من الطلاب تقييم ما إذا كانوا متعلقين بعبارات مثل “أنا مشتت بسهولة” أو “لا أصغي عند التحدث إلي مباشرة”.
كذلك قام الطلاب بتعبئة استبيان حول عدد المرات التي استخدموا فيها 14 نوعاً مختلفاً من الوسائط الرقمية، بما في ذلك مواقع الشبكات الاجتماعية، وإرسال رسائل نصية لأصدقائهم، وممارسة الألعاب عبر الإنترنت، ومشاهدة الأفلام. وقد تم استبعاد الطلاب الذين لديهم بالفعل أعراض ADHD من هذه الدراسة، وأعاد الطلاب المتبقون البالغ عددهم 2600 نفس الاستبيانات عدة مرات خلال عامين.
وكانت النتائج كالتالي: كان لدى المراهقين البالغ عددهم 495 الذين قالوا نادراً ما يستخدمون الوسائط الرقمية فرصة بنسبة 4.6% لظهور أعراض اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه ADHD عليهم، في حين تضاعف هذا الرقم تقريباً ليصل إلى 9.5% بالنسبة إلى 114 طالباً أفادوا بأنهم يستخدمون 7 من منصات الوسائط الرقمية الأربعة عشر بشكل متكرر. وبالنسبة إلى 51 طالباً الذين يستخدمون المنصات الأربعة عشر عدة مرات في اليوم ارتفعت نسبة ظهور الأعراض إلى 10.5%.
وهناك القليل من الدراسات حول تأثير وسائل التواصل الاجتماعي والتكنولوجيا على الشباب. ومع ذلك في وقت سابق من هذا العام وجد العلماء أن تصفح موقع فيسبوك فقط يمكن أن يجعل الناس يشعرون باليأس بعد ذلك، حيث وجدت دراسة نشرتها جامعة ميشيغان أن الطلاب الذين تم تعيينهم بشكل عشوائي لقراءة بوستات فيسبوك لمدة 10 دقائق كانوا في مزاج أسوأ في نهاية اليوم من أولئك الذين تحدثوا مع الأصدقاء أو نشروا على الموقع.
وفي دراسة منفصلة وجدت جامعة سان دييغو وجامعة ييل أن الأشخاص الذين نقروا على حوالي أربعة أضعاف الروابط مقارنة بالشخص العادي، أو الذين أعجبوا بضعف عدد المشاركات أصبحت الصحة العقلية لديهم أسوأ من المستوى المتوسط.
ويأتي ذلك في أعقاب وعد الرئيس التنفيذي لشركة فيسبوك، مارك زوكربيرغ، بأن يكون عام 2018 هو العام الذي سيتم فيه تقضية وقت ممتع عبر منصة فيسبوك.
وأصبح مصطلح الوقت الممتع الذي يتم تقضيته على المنصات Time well spent أحدث اتجاه بين عمالقة التكنولوجيا في مواجهة الضغوط المتزايدة لتحمل المسؤولية عن الصحة العقلية والبدنية للمستخدمين أثناء استخدام خدماتهم.
من جهتها، تستثمر شركات التكنولوجيا مثل غوغل وآبل وفيسبوك في الميزات الجديدة التي تساعد في مراقبة أو تقليل وقت استخدام الهواتف أو النظر إلى الشاشة هذا العام، بعد الاتهامات التي واجهتها بأنها تقوم بتطوير منتجات “إدمانية” عمداً لزيادة الأرباح.
وقال فيسبوك إنه استثمر بكثافة في مجال الذكاء الصناعي وتعيين المشرفين البشريين للتخلص من المنشورات المُسيئة والإجرامية إلى جانب التهديدات الإلكترونية وغيرها من المواد التي تؤثر سلباً على موقعه الإلكتروني.
ومع ذلك، ظهر هذا الأسبوع تقارير تفيد بأن المراقبين قد طلب منهم ترك المواد الهجومية التي تؤثر على الأطفال دون سن 13 عاماً على الموقع الإلكتروني.