مِن المضحك المبكي أن يربط بعض اللبنانيين عجلة تشكيل الحكومة بنتائج قمّة هلسنكي بين الرئيسين الأميركي دونالد ترامب والروسي فلاديمير بوتين!
ما زال هذا «البعض» يعتقد أن لبنان هو الشغل الشاغل للدول الكبرى، على طريقة «كم أرزة عاجقين الكون»، وأن الوضع اللبناني سيكون موضع بحث ونقاش في قمّة العملاقين، إلى جانب الأزمات التي تعكّر العلاقات الدولية، والحروب المشتعلة في المنطقة، فضلاً، طبعاً، عن الملف الإيراني المعقد والمتشعّب، والذي سيكون أهم بنود قمّة هلسنكي!
في الواقع، من المستبعد جداً أن يأتي الرئيسان على بحث الوضع اللبناني المتردّي سياسياً، والمتماسك أمنياً، لأن ليس ثمة ما يستدعي «تضييع» وقت الرئيسين في الحديث عن بلد، يتصرّف أهل السياسة فيه وكأنهم على عداء مع بلدهم وشعبهم، سعياً للحفاظ على مصالحهم، وتكديس ثرواتهم، على حساب هذا الشعب المسكين.. والمستكين!
ولكن لا بدّ من الاعتراف بأن موقف القطبين من التمدد الإيراني في المنطقة، ومن ملابسات الملف النووي الإيراني، سينعكس على الخيارات الإيرانية في المواجهة مع الولايات المتحدة والغرب، الأمر الذي قد يؤدي إلى محاولة طهران تشديد قبضتها على لبنان ودول عربية أخرى، سيما وأن موسكو بدأت تلوّح بمطلب الانسحاب الإيراني من سوريا، انطلاقاً من أن الحرب في نهايتها الأخيرة، وبالتالي انتفاء أسباب استمرار الوجود العسكري الإيراني في سوريا، حيث أصبحت روسيا هي الممسكة بتفاصيل الملف السوري وتشعباته، بما في ذلك التفاوض مع الفصائل المسلحة في معظم المناطق، والذي يؤدي غالباً إلى انسحاب المسلحين إلى منطقة إدلب.
الوضع اللبناني برمته يصبح في دائرة الخطر، وليس تشكيل الحكومة فقط، في حال قررت طهران اتخاذ لبنان درعاً سياسياً في مواجهتها الجديدة مع الغرب حول الملف النووي.
روسيا لن تسمح باستخدام الملف السوري في مثل هذه المواجهة، حفاظاً على مصالحها الاستراتيجية في سوريا، والوضع العراقي المتفجر شعبياً وسياسياً، بدأت شظاياه تصيب النفوذ الإيراني في بلاد الرافدين، وسقوط ميناء الحديدة في اليمن أفقد طهران وحلفاءها في اليمن ورقة ثمينة في أية عملية تفاوض متوقعة.
لبنان في قمّة هلسنكي؟.. قطعاً لا!
ولكن تداعيات القمة الإيرانية قد تؤدي ارتداداتها إلى اهتزاز الوضع اللبناني.. إذا بقيت الانقسامات الراهنة هي المهيمنة على الحركة السياسية في البلد!