تتزامن حركة الرئيس المكلّف سعد الحريري الحالية، مع خريطة تعقيدات بلا نوافذ على حلول حتى الآن، جرّاء تَصلّب بعض الاطراف السياسية. واذا كان الحريري قد أبلغ الرئيس نبيه بري انّ العقدة الأساس هي بين «التيار» و«القوات» وخلافهما حول حجم التمثيل، إضافة الى ماهية الحقائب الوزارية التي ستسند لهذا الطرف او ذاك، فإنّ المطبخ الرئيسي للتأليف حَدّد مجموعة العقد على الوجه الآتي:
– العقدة الكبرى، تكمن في الصراع المُحتدم على مَن يُمسك القرار في مجلس الوزراء، وهو ما تَبدّى في سَعي بعض الاطراف الى الحصول على الثلث المعطّل في الحكومة. وتبرز في هذا الإطار مطالبة «التيار» بـ11 وزيراً، موزّعين 6 من حصته و5 وزراء حصّة رئيس الجمهورية.
وهذه المطالبة قوبِلت باعتراض الحريري عليها، إذ وافق على 10 وزراء موزّعين 6 وزراء لـ«التيار»، و4 لرئيس الجمهورية؛ إضافة الى وزيرين مسيحيين، ووزير سني ووزير درزي (في حال تمّ التوافق مع جنبلاط على مقايضة الوزير الدرزي بوزير مسيحي)، وهذه المسألة برمّتها ما زالت عالقة حتى الآن.
– عقدة «القوات»، وهي عقدة مزدوجة، لجهة حجم تمثيلها أولاً، ولجهة ماهية الحقائب التي ستسند اليها ثانياً، حيث طالبت بـ5 وزراء بينهم وزير الدفاع ونائب رئيس الحكومة، وهو الأمر الذي قوبل باعتراض أطراف عدة، فانتقل الحديث معها الى محاولة استرضائها بـ 4 حقائب لا تتضمّن وزارة سيادية ولا موقع نائب رئيس الحكومة، وعرضت عليها وزارة الشؤون الاجتماعية، وزارة الاعلام، وزارة العمل ووزارة المهجرين.
وتمّ عرض هذه الحقائب في المسودة الاخيرة التي عرضها الحريري على رئيس الجمهورية. وما زالت هذه العقدة من دون حسم، فضلاً عن انها زادت تعقيداً مع اشتداد وطأة الاشتباك بين «القوات» و«التيار» على حلبة تفاهم معراب.
– العقدة الدرزية، وهي عقدة مزدوجة ايضاً، لناحية إصرار الحزب التقدمي الاشتراكي على حصر التمثيل الدرزي في الحكومة به، مدعوماً من الحريري وبعدم مُمانعة الثنائي الشيعي، مقابل إصرار النائب طلال ارسلان على التمثّل شخصياً في الحكومة، مدعوماً من «التيار».
ومن جهة ثانية لناحية الحقائب الوزارية، حيث عرض على «الاشتراكي» 3 حقائب: البيئة والزراعة ووزارة دولة. وحاول الحريري رَفع مستوى حصة جنبلاط باستبدال البيئة بالتربية. وهذه العقدة لم تُحسم بعد، كما لم تُسحب من التداول فكرة مقايضة جنبلاط بوزير مسيحي، وكذلك فكرة محاولة إقناع ارسلان بالتخَلّي عن توزيره الشخصي لمصلحة توزير شخصية مسيحية من حزبه.
– عقدة تمثيل «سنّة المعارضة»، التي خَلت المسودات التي وضعها الحريري من أي توزير لهم، من خلفية رفضه القاطع تمثيلهم، في مواجهة إصرار «حزب الله» بالدرجة الاولى على تمثيلهم بأيّ شكل من الاشكال. وثمّة طرح فكرة حل وسط، يقول إنه في حال إصرار الحريري على رفض تمثيل هؤلاء على حساب تيار «المستقبل»، يمكن عندها لرئيس الجمهورية أن يُبادر الى تضمين حصته الوزارية واحداً من سنّة المعارضة، وهذه العقدة ايضاً ما زالت مستعصية.
– عقدة وزارة الاشغال، حيث انها خاضعة لتجاذب حاد حولها، خصوصاً انّ «التيار» يطالب بها. واللافت هنا ليونة رئيس الجمهورية حيال إبقائها مع «المردة» في مقابل إصرار باسيل عليها، وإصرار «المردة» على التمسّك بها، مدعوماً من حلفائه. ولم تصل الامور الى حسم نهائي لها حتى الآن.