د. عامر مشموشي:
إذا اختصرنا المواقف التي أطلقها رئيس حزب القوات اللبنانية الدكتور سمير جعجع بعد اجتماعه إلى رئيس الجمهورية العماد ميشال عون أول من أمس، لتوصلنا الى استنتاج بأن الأمور على صعيد الخلاف على تشكيل الحكومة ما زالت على حالها، كذلك الأمر بالنسبة إلى العلاقات بين القوات والتيار الوطني الحر التي تشظت بعدما فتح ملف تشكيل الحكومة بشكل يصعب على المرء أن يتصوّر بأن ثمة إمكانية في إعادة هذه العلاقة إلى الوضع الطبيعي.
فالدكتور جعجع الذي قصد بعبدا ليتمنى على رئيس الجمهورية التدخل شخصياً للملمة الخلاف بين القوات والتيار الوطني الحر قبل أن ينتقل إلى الشارع، عاد كما تدل عليه التصريحات التي أطلقها من القصر الجمهوري بانطباع مفاده أن الرئيس عون ليس رئيساً للتيار الوطني الحر ليفرض عليه مواقفه وآراءه، كما انه ليس رئيساً للقوات اللبنانية بالمعنى نفسه، بل هو رئيس لكل اللبنانيين، ودوره يقتصر على بذل ما أمكنه للتقريب بين وجهات النظر المتباعدة، كما هو الحال اليوم بين القوات والتيار وبين الرئيس المكلف تشكيل الحكومة، والقوى السياسية التي تشكّل العمود الفقري للحكومة المقترحة، ولذلك لوحظ ان رئيس حزب القوات حاول في رده على أسئلة الصحافيين تجنّب أي كلام يُفهم منه انه توصل الى اتفاق، أو إلى تفاهم مع رئيس الجمهورية، على تسوية الخلاف مع التيار الوطني الحر، واختصر جوابه على هذا السؤال بأن رئيس الجمهورية غير منحاز للتيار الوطني الحر على حساب القوات، ولا هو منحاز للقوات على حساب التيار الوطني الحر ما يفهم منه انه لن يتدخل لإنهاء الخلافات بينهما في موضوع الحصص الوزارية وتوزيعها بينهما، وهذا الجواب من رئيس الجمهورية يعني ان الأزمة بين القوات والتيار مستمرة، وهذا ما عكسته الأجواء المشحونة التي عكستها وسائل التواصل الاجتماعي بعد ساعات قليلة جداً من اجتماع بعبدا، وهذا أيضاً ما أكدته الأجواء التي عكسها الوزير القواتي ملحم رياشي مع الرئيس المكلف، عن النتائج التي أسفر عنها اجتماع بعبدا أول من أمس.
إن إعلان الدكتور جعجع من القصر الجمهوري ان الخلاف مع رئيس التيار الوطني الحر ما زال قائماً مع حرصه على التمييز بين علاقة القوات برئيس الجمهورية وعلاقتها بالتيار الوطني الحر، كان وحده كافياً للتدليل على عمق الأزمة بين الفريقين وانسحابها على الحكومة المفترضة التي تدخل مع سفر الرئيس المكلف إلى باريس في إجازة قسرية، كما تدل على أن هذه الأزمة لم تسلك بعد أي طريق للحلحلة وهذا ما فهمه، منذ زمن وضعت طبخة التأليف على النار، الرئيس نبيه برّي قبل مغادرته البلاد للاستجمام في الخارج بعيداً عن مشاكل التأليف وما يعتورها من صعوبات تصل إلى حدود وضع البلاد كلها في أزمة سياسية غير قابلة للحل في المستقبل المنظور، والأمر نفسه عكسته المواقف التي أطلقها الوزير الاشتراكي وائل أبو فاعور، بعد زيارته أول من أمس الرئيس المكلف موفداً من رئيس الحزب وليد جنبلاط، ليؤكد له المؤكد بأن جنبلاط لن يوافق، تحت أي شكل من الاشكال، على توزير النائب طلال أرسلان في الحكومة العتيدة.
من هنا يجب النظر إلى خريطة الطريق التي تحدث عنها رئيس حزب القوات اللبنانية الدكتور سمير جعجع والتي توضح بأن الازمة كبرت وازدادت تعقيداً وعلى اللبنانيين ان يتوقعوا صيفاً سياسياً حاراً قد يمتد إلى ما بعد بعد فصل الخريف المقبل.