أبلغ أكثر من طرف أوروبي لبنان، بأن الاوروبيين ليسوا المؤثرين الاساسيين في مسار الازمة السورية، وبالتالي ليس لهم علاقة بأية خطط يتخوّف لبنان منها حول مصير النازحين السوريين بالنسبة إلى التوطين. وأن الاميركيين والروس هما الدولتان الأكثر فاعلية في الملف السوري.
لكن ما هو موقف كل من روسيا والولايات المتحدة من رفع الصوت عالياً من جانب لبنان بأنه لا يمكنه ان يتحمل استقبال النازحين، وان هناك ضرورة للعمل لعودتهم الى بلادهم؟
تقول مصادر ديبلوماسية قريبة من موسكو، ان الروس لا يتوقعون حلاً لمشكلة النازحين قبل التوصل الى الحل النهائي للازمة السورية. قد تكون هناك حلول جزئية بسيطة، وهذا يؤيده الروس، انما العودة الشاملة مرتبطة بالحل السياسي، وان ازمة النازحين باتت جزءاً لا يتجزأ من الازمة السورية. وبالتالي، انها ازمة عميقة، ومرتبطة بعمق الازمة السورية. وأوضحت المصادر ان الرأي العام الدولي والرأي العام في روسيا، يدركان هذا الواقع. ان مشكلة النزوح الاساسية هي في لبنان والاردن وتركيا، وليست في الدول الاوروبية التي تستقبل النازحين باعداد صغيرة، لانها تحتاج الى اليد العاملة الرخيصة، لذلك تفتح الباب امام السوريين والافغان والافارقة.
وفي اعتقاد المصادر، ان افرقاء في لبنان يدركون هذا الواقع، لكنهم قد يدركون المزايدة السياسية شعبوياً، او الضغط لحصول حوار لبناني رسمي مع النظام. لكن السؤال هل يريد النظام عودتهم؟ فهو لا يريدهم لا سيما وانهم ينتمون لطائفة معينة، وهو يعمل على التطهير المذهبي. لكن في كل الاحوال، روسيا تدعم موقف لبنان، بضرورة عودتهم، لكن اي مساعدة فعلية وسريعة تحقق هذا الهدف، مرتبطة بتسوية نهائية للازمة السورية، حيث لا حل نهائي لمشكلة النازحين قبل حصول حل نهائي للازمة السورية.
اما بالنسبة الى الاميركيين، فان مصادر ديبلوماسية مطلعة على العلاقات بين لبنان والولايات المتحدة، تقول ان لبنان ابلغ الادارة الاميركية بضرورة توجيه المساعدات من اجل الحل الدائم في سوريا، بدلاً من ان يتم الضغط على النازحين للبقاء في لبنان. واذا وجد حل دائم مع ضمانات دولية يستطيع النازحون العودة بامان، لان لبنان لا يريد ان يدفش النازحين الى داخل بلادهم من دون امان.
والاميركيون يدركون تماماً اهمية استقبال لبنان للنازحين، وانه البلد الاول الذي ساهم في ايوائهم ان مادياً او انسانياً. ولذلك تقدم واشنطن مساعدات من اجل النازحين للبنان في الدرجة الاولى ومن بعده الى الاردن وتركيا. لكن المساعدات للداخل السوري تأتي اولوية بالنسبة اليها. وهي الدولة الاولى التي تقدم مساعدات للنازحين من بين كل دول العالم. والمساعدات تقدم للنازحين من خلال جهات عدة ما بين ٢٠١٢ و٢٠١٧، لانها مدركة ان لبنان يتحمل العبء الاكبر بين كل الدول، ان لناحية كثافة سكانه او حجم اقتصاده، وبالتالي، هي تحتل الدرجة الاولى في الدعم. مع الاشارة الى انها ليست هي المُهدّدة الاولى من خطر النزوح، بل ان الاوروبيين هم المهددون اكثر من هذا الخطر وهم حتى الآن يتخبطون في الامر، فكيف لو لجأ اليهم العدد الذي لجأ الى لبنان. انما يجب ان يفهم الجميع ان الكارثة هي على لبنان، ولا يجب ان يتهم بالعنصرية تبعاً لذلك. فهو استقبل اكثر من امكاناته نسبة الى بقية الدول. ولو ذهب فقط ١٠٠ الف لاجئ الى الدول الغربية لكانت الكلفة عليهم اكثر بكثير مما يساهمون به بوجودهم في لبنان.
وتفيد المصادر، بأن من مصلحة لبنان تسهيل امورهم كاملة ليعودوا، ومن مصلحة الدول الغربية ان لا يصلوا اليها. وبالتالي، ثمة مصلحة مشتركة على كل الدول التنبه اليها، وهدفها الاول والاخير حل مشكلة العودة، ويفترض بالمجتمع الدولي تحمل مسؤولياته.
وتبلّغ لبنان من واشنطن، انها تتفهم موقفه، وانها لن تقطع المساعدات له لايوائه النازحين، على الرغم من الضغوط المالية الداخلية على الادارة لتخفيف المساعدات الخارجية او قطعها. وهذه الضغوط لن تطال لبنان، حتى انه توجد مبالغ اضافية ستخصص للبنان وستواصل الدعم له والمساعدات على انواعها كافة، الا ان اية خطط كبيرة لاعادة النازحين في الوقت الراهن ليست موجودة وفي انتظار الحل السياسي.
ثريا شاهين – المستقبل