أكد رئيس الجمهورية العماد ميشال عون أن ” ما يعطيه الصليب الأحمر، في الحرب كما في السلم، يفوق كل العطاءات، وأسمى ما فيه أنه يقوم على العمل التطوعي، على همّة شبان وشابات يقدمون وقتهم وجهدهم، وأحياناً يخاطرون بحياتهم، لمساعدة مريض وانقاذ جريح”.
واعتبر أن الصليب الأحمر، رفيق الخطر، واليد المسعفة التي تمتد للإنقاذ فتمتزج مهامه أحياناً بالدماء، ويقدم الجرحى والشهداء، مشدداً على أن “من أبسط حقوقهم علينا الاعتراف بشهادتهم وبتضحياتهم، من هنا كان اقتراح القانون الرامي الى اعتبار من يسقط منهم خلال تأدية الواجب الانساني، شهيداً، والذي أحيل الى اللجان المشتركة، وقد وعدت بأنني سأتابعه مع المجلس النيابي الجديد، وأنا على الوعد”.
مواقف الرئيس عون جاءت خلال رعايته احتفالاً قبل ظهر اليوم في القصر الجمهوري، لتسليم عشر سيارات اسعاف مقدَّمة من بنك بيروت إلى الصليب الأحمر اللبناني، كون رئيس الجمهورية هو الرئيس الفخري لهذه المؤسسة، بحضور اللبنانية الأولى السيدة ناديا عون، ووزير الدولة لشؤون رئاسة الجمهورية الدكتور بيار رفول، والمدير العام لرئاسة الجمهورية الدكتور أنطوان شقير، والمساعدة الشخصية لرئيس الجمهورية رئيسة الهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية السيدة كلودين عون روكز، ورئيس الصليب الأحمر اللبناني الدكتور أنطوان الزغبي، وأعضاء اللجنة التنفيذية والشركاء ومجموعة من متطوعي الصليب الأحمر، وممثلين عن المنظمة الدولية للصليب الأحمر الدولي والهلال الأحمر الدولي، إضافة إلى رئيس مجلس الادارة والمدير العام لبنك بيروت الدكتور سليم صفير، وعدد من المسؤولين في المصرف.
وبعدما عاين رئيس الجمهورية إحدى السيارات المقدَّمة، بدأ الاحتفال بعزف النشيد الوطني اللبناني ونشيد الصليب الأحمر.
ثم القى الامين العام للصليب الاحمر جورج الكتاني كلمة قال فيها :
” هذا الحدث برعاية فخامتكم هو تتويج لجهد جماعي كبير بدأ من حوالي سنتين، والذي من خلاله نقوم بتنفيذ جزء من استراتيجية الصليب الأحمر اللبناني التي تهدف الى النهوض بالجمعية الوطنية وبالعمل على استقلاليتها المالية لتأمين تطورها وإستدامتها.
ان بنك بيروت، حسب ما اذكر، هو اول شراكة مع المجتمع المحلي الاقتصادي أمّن بفضل هذه الشراكة مبلغا، دعمنا منه جزءا هو 10 سيارات اسعاف التي نستلمها اليوم، والمبلغ المتبقي سيخصص لدعم حوالي 10 فرق لدوام الإسعاف نهاري.”
واضاف :” نحن في الصليب الأحمر نسعى بكل قوانا حتى نوفر لمسعفينا الدعم اللازم كي يستمروا خاصة في الظروف الصعبة التي نشهدها، وكذلك تأمين إستمرار التدريبات والمعّدات اللازمة وكي نطوّر شبكة الاتصالات كما يجب لتأمين الاستجابة، والامر الاهم هو تقليص الوقت للاستجابة للنداء وبالجودة المطلوبة ”
وقال: “تخطينا السنة الماضية الـ 950 الف خدمة ومهمة من اسعاف وطوارئ الى وحدات دّم الى عملنا من خلال إدارة الكوارث وصولا الى العناية الصحية الأولية وانشطة مختلفة وكتيرة. ونشكر فخامة الرئيس العماد ميشال عون، على رعايته الأبوية لنا وعلى دعمه وتشجيعه لهذا المرفق الحيوي في البلاد الذي هو على تماس مباشر مع المواطن ، وجل هدفه التخفيف من المعاناة. كذلك اشكر رئيس الصليب الاحمر الدكتور أنطوان الزغبي، على تعبه معنا وانفتاحه وسعة صدره في إحتواء مصاعبنا ومواكبته المميزة .
واشكر كل الذين تعبوا لإنجاح هذا الحفل، والشكر كل الشكر لبنك بيروت: لرئيس مجلس الإدارة الدكتور سليم صفير ولفريق عمله لاسيما السيد جورج عواد، الذين أثبتوا دعمهم الصادق للعمل الإنساني وشراكة واضحة وسليمة. كما اشكر ايضا فريق عمل الصليب الأحمر اللبناني والسيدين نبيه جبر ورودني عيد، ونأمل في عهدكم يا فخامة الرئيس وبرئاسة الدكتور الزغبي ان نكون بتقدم وتطور دائمين، حتى نساعد كل انسان محتاج في لبنان ونصون كرامته”.
والقى رئيس مجلس ادارة بنك بيروت الدكتور سليم صفير كلمة قال فيها :
” اتوَجَّه بالشُّكر مِن الْقلب لَفَخامة رئيس الجمهورية الذي تكَرَّم علينا واعَطانا هذه الفرصة اليوم لَنكرِّم معا الصليب الأحمر اللبناني، على تَضحياته وأعماله الإنسانية التي تتخَطَّى كل الحدود.
هناك اجماع على تقدير واحترام الخدمة التي يقدمها متطوعو الصليب الأحمر ونذكر اليوم المتطوع حنا لحود الذي فقد حياته فيما كان يساعد آخرين للبقاء على قيد الحياة. حنّا فقد حياته في اليمن ليذكرنا برسالة التضحية والمحبة الانسانية التي لا حدود لها.”
اضاف:” ان بنك بيروت، كَونه جزءا أساسيا من المجتمع اللبناني، عَقَد مع الصليب الأحمر شراكة أساسية جَنَّدْ من خلالها عائلته وفروعه كِلها، و طوَّر برامج عديدة مَكَّنِت زَبائنه من المُشاركِة والمُساهمة في هذاَ العمل الإنساني. وأخص اصدقاء بنك بيروت الموجودين معنا اليوم، بِكِلْمة شِكر من القلب على عَطَاءاتهم السَّخية، كما لا انسى الجهود التي بذلتها اسرة البنك لِإنجاح هذا العَمَل الإنْساني.ولا بُدّ من التَّنْويه بالتَّعاطُف والمساعدة اللذين أظْهَرهما القَيٍّمون على هذه الجمعية واخِصّ بالذكر رئيسها الدكتور أنطوان الزغبي وأمينها العام السيد جورج كتانه. وان شاء الله سيستمر هذا التعاون لسنين عديدة.”
وختم بالقول:”فخامة الرئيس، اليوم بْحضورك ومْباركتك، يقدم بنك بيروت لَلصَّليب الأحمر اللبناني جزءا صغيرا من مَحَبّته لَهَذه الجمعية وهو 10 سيارات إسعاف تْعَاوَنّا وزَبائننّا الكرام وزملائنا لتأمينها ووضعها بتصرِّف الصليب الاحمر اللبناني “.
والقى بعدها رئيس الصليب الاحمر اللبناني الدكتور انطوان الزغبي كلمة قال فيها:
“ننهي اليوم وفي هذا المكان المميز بتاريخه ومعانيه، الحملة المالية للصليب الأحمر اللبناني لعام 2018تحت إشرافكم يا فخامة الرئيس. نجتمع بين أناس ملتزمين جمعوا بين العطاء والتضحية، بين الكرامة والواجب فكانت النتيجة عقد بين الحاجة والضرورة بين الخيّريين والوطنيين، بين الصليب الأحمر اللبناني وبنك بيروت توج بتقديم 10 سيارات إسعاف على مدى سنتين بمبادرة شخصية من الدكتور سليم صفير وارادة وعمل جماعي جبار من كل القيمين والمسؤولين والعاملين والمساهمين في بنك بيروت. فالشكر، كل الشكر لكم يا فخامة الرئيس على استضافتكم هذا الحدث المميز، فقلبكم الصليب الاحمر اللبناني وأنتم في قلب الصليب الاحمر اللبناني. والتقدير، كل التقدير لكم حضرة الدكتور سليم صفير ولمساعديكم وعلى رأسهم السيد جورج عواد، المدير التنفيذي ولكل من ساهم في هذا الانجاز. الشكر لكم بإسمي وبإسم الصليب الاحمر اللبناني، بإسم اللجنة التنفيذية والامين العام السيد جورج الكتاني، بإسم كل المتطوعين”.
واضاف: “فخامة الرئيس، تطوعنا صناعة وطنية وخيرنا أصالة لبنانية، فبجمعهم كان أول جسر عبور بين عقل المال الملتزم وقلب العطاء بلا حدود. ان إتفاقنا هو المستقبل وهو الشراكة النوعية التي نطمح اليها. بنيناها على الشفافية والمصداقية والوضوح، فهكذا يكون الدعم في زمانه ومكانه واستمراريته نبني من خلاله قدراتنا ونحدث تقنياتنا لكي نبقى ونستمر صمام الامان واساس الامن الصحي في لبنان إن من خلال فرق الاسعاف والطوارئ الطبية أو مراكز خدمات نقل الدم أو وحدة إدارة الكوارث، ومراكز الخدمات الطبية والاجتماعية ، ومراكز الناشئين والشباب ، أو من خلال التمريض والتعليم والتوعية. فمن الحلقة الاولى لعملية إنقاذ الحياة أصبحنا الاساس في منظومة الطوارئ الطبية في لبنان، موقع يتوجب علينا جميعا المحافظة عليه وتطويره وتحصينه. من هنا كانت الدعوة إلى التمويل المستدام وكانت الشراكة وكان بنك بيروت من أول المساهمين في هذه الخطوة الكريمة والشجاعة” .
وشكر الدكتور الزغبي الدكتور صفير على مبادرته النبيلة، “فزدتم الخير على رصيدكم في الارض والسماء وساهمتم معنا بعدالة، يدُ الرب فيها .”
وختم الزغبي قائلا : “فخامة الرئيس قلتم بالامس “إن ما يجعلنا نعمل من أجل مستقبلنا، هي إرادة الحياة، وليس أي حياة، بل الحياة الناجحة، فنحن في الصليب الاحمر اللبناني إرادة الحياة فينا، حروفها الانسانية ومستقبلها التطوع ونجاحها الخدمة. نعاهدكم يا فخامة الرئيس أن نبقى ونستمر في خدمة الانسان كل إنسان في وطننا رسالة 8000 متطوع من أجل الواجب و إلى ما وراء الواجب “.
ثم ألقى رئيس الجمهورية الكلمة الآتية:
“ايها الحضور الكريم
نشهد اليوم على تقدمة عشر سيارات اسعاف للصليب الأحمر، وميزة هذا التبرع أنه عطاء مشكور، لمن هو رمز للعطاء. وما حضورنا اليوم على رأس هذا الاحتفال، في القصر الجمهوري، الا تقدير مزدوج: لمن بادر الى العطاء بمجانيّة الاستجابة، ولمن في خدمته اللبنانيين من دون منّة ولا تفرقة هو ابهى اوجه المجانية في العطاء.
كلاهما مشكور.
عسى ان تتحوّل مبادرة اليوم الى قدوة لكثيرين، فيغدو عطاؤهم فضيلةً بل نعمةً لا قيمةً فحسب. به يساهمون في تحويل الألم الى عافية، والمحبة الى فعل حضور.
أليس بذلك يتلاقى من بادر الى المساعدة، مع من جعل من التطوّع للخدمة رسالة، على تحقيق هدف واحد: التزام الانسان اللبناني؟
فما يعطيه الصليب الأحمر، في الحرب كما في السلم، يفوق كل العطاءات، وأسمى ما فيه أنه يقوم على العمل التطوعي، على همّة شبان وشابات يقدمون وقتهم وجهدهم، وأحياناً يخاطرون بحياتهم، لمساعدة مريض وانقاذ جريح.
ايها الحضور الكريم،
في العام 1859 وقف رجل أعمال شاب مذهولاً أمام هول المشاهد التي رآها في سولفرينو في إيطاليا حيث كانت تدور معركة طاحنة، خلفت خلال 16 ساعة فقط قرابة 41 الف ضحية بين قتيل وجريح.الفرق بين ذلك الشاب وبين كثر غيره رأوا نفس ما رأى وربما أفظع، سواء في تلك المعركة او في غيرها، أنه لم يدر ظهره ويتابع حياته وكأن شيئاً لم يكن.
هنري دونان Henri Dunant الذي كان يومذاك في رحلة عمل، بادر، ووثّق المشاهد المؤلمة في كتاب أسماه “ذكرى من سولفرينو”، وفيه أيضاً وضع تصوّره للمساعدة ويقوم على ركيزتين، الأولى ضرورة إنشاء هيئة مهمتها نجدة ضحايا الحروب، والثانية ضرورة تحديد قوانين تفرض تقديم الرعاية التمريضية للجنود الجرحى مهما كانت هويتهم. ومن هذا التصور ولدت مؤسسة الصليب الأحمر ومنه أيضاً خرج الإطار العام الذي وضعت على أساسه اتفاقية جنيف.
قد لا تعني اتفاقية جنيف شيئاً لبعض للناس وربما كثر لم يسمعوا بها، ولكن الذين عاشوا الحروب والذين خبروا الحياة العسكرية يعرفون جيداً قيمتها كما يعرفون تماماً أهمية الدور الذي يؤديه الصليب الأحمر.
ان اتفاقية جنيف تبرز الفارق بين حرب الجيوش وحروب الميليشيات والمنظمات الإرهابية والعصابات. هي حصانة للجرحى والأسرى، هي حماية للمدنيين وللثقافة والحضارة والآثار، باختصار، هي القتال بأخلاق وبشرف، ومن دونها أو بتجاهلها وعدم التقيد بها، يصبح المشهد مشابهاً لمشاهد “داعش” وأخواتها.
أما الصليب الأحمر، رفيق الخطر، واليد المسعفة التي تمتد للإنقاذ خصوصاً خلال الحروب والمعارك حيث لا يعود في الساحة سواها، فتمتزج مهامه أحياناً بالدماء، ويقدم الجرحى والشهداء، من أبسط حقوقهم علينا الاعتراف بشهادتهم وبتضحياتهم. من هنا كان اقتراح القانون الرامي الى اعتبار من يسقط منهم خلال تأدية الواجب الانساني، شهيداً، والذي أحيل الى اللجان المشتركة، وقد وعدت بأنني سأتابعه مع المجلس النيابي الجديد، وأنا على الوعد.
أيها الشباب المتطوع،
لقد بادر Dunant وبدأ الطريق فكان المؤسس، وأنتم أكملتم فكنتم الاستمرار. وما يجمع بينكم جميعاً، من المؤسس حتى أصغر متطوع بينكم، وما يميّزكم، هو أنكم لم تستطيعوا أن تكونوا غير مبالين ولم تتمكنوا من إدارة ظهركم لآلام الآخرين ومعاناتهم. هو إحساسكم بأنكم معنيون بغيركم، فتحملتم المسؤولية ولم تتهربوا منها، وإذا أردت أن ألخّص بكلمة فأقول إنه انتصار الإنسان فيكم.
بوركت هذه السيارات التي تنضم الى قافلة سيارات الاسعاف في الصليب الاحمر لتكون في خدمة كل محتاج ، وتحية الى هذه المبادرة والقائمين بها والتي نأمل ان تُحتذى .
عشتم،
عاشت الإنسانية في الإنسان،
وعاش لبنان ”
بعد ذلك، أقيم حفل كوكتيل للمناسبة في حديقة الأعمدة في قصر بعبدا.