الاوضاع التجارية واحدة في كل مناطق لبنان، تراجع وصل الى حده الاقصى، بنسبة بلغت اكثر من 10 في المئة خلال عام، الحركة معدومة، حتى الاعياد لم ترحم فالقدرة الشرائية المتراجعة وغياب السياح والضرائب التي فُرضت اخيرا على القطاع سرّعت من سيره نحو الانهيار.
يتداعى تجار لبنان من كل المناطق اللبنانية الى اجتماع طارئ وموسع يوم الخميس المقبل في جمعية تجار بيروت لإطلاق صرخة مدوية بعد التراجع اللافت المسجل في الحركة التجارية والذي اوصل القطاع الى الخط الاحمر. ويسعى التجار من خلال هذا اللقاء الى مناشدة المسؤولين العمل على وقف الانحدار القوي في الحركة التجارية التي انعدمت مؤخرا خلال فترة عيد الفطر.
في هذا السياق، أكد رئيس اتحاد تجار جبل لبنان نسيب الجميل ان الحركة التجارية الى تراجع، حتى يمكن القول ان لا حركة تجارية حتى الان، الا اننا نأمل في ان نشهد تحسنا خلال موسم الصيف، إذ نعوّل كثيرا على مجيء السياح والمغتربين لخلق حركة تجارية وتنشيط القطاع. وعن تأثير التأخر في تأليف الحكومة على الوضع التجاري، قال: ان السير سريعا في تأليف الحكومة ينعكس استقرارا سياسيا واقتصاديا يطمئن اللبنانيين المقيمين منهم خصوصا، فيرتاحون اكثر عند صرف الاموال. ولفت الى ان المشكلة ليست حصرية بلبنان فقط فالقادمون من دول الخليج وافريقيا لم يعد لديهم القدرة الشرائية نفسها التي كانوا يملكونها في السابق لأن الازمة الاقتصادية باتت عالمية. وفي الارقام، أكد الجميل ان نسبة التراجع المسجلة منذ مطلع العام أكبر من تلك المسجلة العام الماضي، لافتا الى انه اذا استمرت الاوضاع على ما هي عليه حتى نهاية العام الحالي فقد يصل التراجع الى نحو 10 في المئة.
وعن توقعاته لموسم الصيف، قال: ان التفاؤل بتحسّن الحركة التجارية ليس كبيرا خصوصا وان المشكلة غير محصورة باللبنانيين المقيمين فقط انما ايضا بالخليجيين الذي اعتادوا المجيء الى لبنان وصرف الاموال، الا ان اوضاعهم الان تراجعت كما هي مرتبطة باللبنانيين المغتربين الذين لم يعد بمقدور غالبيتهم ان يصرفوا كما في السابق نظرا لتبدل الاوضاع الاقتصادية للبلاد التي يعملون فيها.
عيد
في الاشرفية، أكد رئيس جمعية تجار الاشرفية انطوان عيد ان الحركة التجارية خفيفة جدا، وان الجمود لا يزال مسيطرا على حركة الاسواق. ولفت لـ«الجمهورية» الى ان عيد الفطر خلق حركة انما ليس بالحجم المطلوب، لا بل اتت اقل بكثير من التوقعات، وتراوحت نسبة التراجع مقارنة مع العام الماضي بين 20 الى 25 في المئة، علما ان هذا التراجع يتواصل منذ نحو 4 سنوات.
وامل عيد ان يعي المسؤولون خطورة الوضع الاقتصادي الذي لم يُعطَ بعد الاهتمام المطلوب. ودعا الى ايجاد حلول سريعا لانقاذ الاوضاع التي تسير نحو الاسوأ بحيث لم يعد بمقدور اللبنانيين الانتظار أكثر، خصوصا وأن تأليف الحكومة سيمرّ بمخاض طويل، وبالتالي لن ينتفع الاقتصاد من ذلك انما سيزداد سوءا. ووصف عيد الاوضاع التجارية بالمذرية جدا، وبأن الشركات منهكة ماليا، ولديها مخزون كبير مجمّد… لذا المطلوب اليوم تفعيل القطاع السياحي عبر خلق خطط تشجيعية لجذب سياح من الخارج وادخال عملة صعبة الى البلد، خصوصا وان قدرة المواطن اللبناني الشرائية تراجعت.
أما عن مطالب القطاع، فاعتبر عيد ان الاولوية تكمن في خفض فوائد القروض للتجار وتقسيط ديونهم الى حين تحسن الاوضاع الاقتصادية.
عيتاني
أما في منطقة الحمرا، فالاوضاع من سيّء الى أسوأ، حيث اكد رئيس جمعية تجار الحمرا زهير عيتاني أن الحركة التجارية في المنطقة تراجعت لحدود الـ90% حتى يمكن القول انها صفر.
أضاف لـ»الجمهورية»: في الماضي كانت الحمرا تضج بحركتها التجارية اما اليوم فالحركة معدومة. وعزا الامر الى عوامل عدة ابرزها غياب السياح، انقطاع الكهرباء، تراجع القدرة الشرائية لدى المواطنين، وآخرها الضرائب التي زادت على التجار لتضيف اعباء على كاهلهم.
الحلاب
ما زالت الحركة التجارية في طرابلس على حالها السيئة هذا العام، بحيث أشار رئيس جمعية تجار طرابلس عمر الحلاب الى ان لا نمو ولا تراجع، مقارنة بالاعوام السابقة التي سجلت تراجعات متواصلة. وأكد الحلاب ان الاستقرار السياسي يؤثر كثيرا على الاوضاع لذا لا شك ان التأخر في تأليف الحكومة سينعكس سلبا على تحسن الحركة. اضاف: كنا نأمل في ان تتحسن الحركة التجارية وان تسجل نموا ما بين 5 و 7 في المئة الا ان هذا الامر لم يحصل، وقد لجم عدم تأليف الحكومة الانفاق، فيما لا تزال القدرة الشرائية على حالها.
ولفت الحلاب الى ان هذا التراجع في الحركة الاقتصادية ليس وليدة العام انما هو نتيجة تراجع مستمر بدأ مع الحرب في سوريا منذ العام 2012، ليسجل تراجعا تراكميا وصل الى نسبة 35 في المئة بين العام 2012 و 2017. اما خلال العام الجاري، لم تتراجع الحركة التجارية مقارنة بالعام الماضي، ربما لاننا وصلنا الى الحد الاقصى اي الى الخط الاحمر. لكنه اكد ان اللبنانيين لا يزالون يتأملون أن ينعكس الاستقرار السياسي والامني تحسنا في الاقتصاد.
واعتبر الحلاب ان استمرار ازمة النفايات لا تزال تشكل عائقا امام النمو الاقتصادي، لكنه ابدى تفاؤله من ان تشهد الحركة التجارية تحسنا خلال موسم الصيف خصوصا وان هناك بوادر لمجيء سياح نأمل ان يستفيد منهم القطاع التجاري.
الشريف
وبالانتقال الى الجنوب، فالحركة التجارية تمرّ في اسوأ ايامها وفقا لرئيس جمعية تجار صيدا علي الشريف الذي قال لـ«الجمهورية»: لم نشهد منذ عشرات السنين هبوطا حادا للمبيعات كالذي نشهده مؤخرا، بالامس كنا على شفير الهاوية اما اليوم فبتنا في الهاوية. وراى ان هذا الوضع يتطلب معالجة سريعة من قبل المسؤولين، خصوصا وانه كلّنا امل ان يكون هذا العهد عهد تطور وازدهار. ودعا الى الاسراع في بدء معالجة الاوضاع الاقتصادية وتشكيل الحكومة سريعا لانه نخشى اذا لم تتغير الاوضاع في فترة قريبة ان يكون هناك كارثة اقتصادية.
(الجمهورية)