هناك تخوف من ان تؤدي الطرق المتعددة في التعامل مع موضوع اعادة النازحين السوريين الى ديارهم، الى اشكالية داخلية، واخرى خارجية مع الامم المتحدة.
وتقول اوساط وزارية، ان هناك لجنة وزارية يرأسها رئيس مجلس الوزراء معنية بهذا الموضوع، وعليها ان تقدم اقتراحات الى مجلس الوزراء ليتخذ القرار المناسب، وانه ليس لكل وزير في الحكومة ان يقرر وحده في الموضوع، لكي لا يحصل تجاوز للّجنة او تجاهل لدورها.
ثم هناك الجدل القائم حول المناطق الآمنة وما اذا كانت متوافرة في سوريا. يوجد نازحون سوريون يتدخلون لدى الامن العام لعودتهم، وليس لاحد منعهم، لا لبنان ولا الامم المتحدة. وفي الوقت نفسه ان نازحين لا يعتبرون ان المناطق آمنة لعودتهم ومن يريد ارسالهم الى اماكن يقال انها مناطق تهدئة فانه يرسلهم الى محرقة. ومَن مِن المسؤولين اللبنانيين يستطيع ان يتحمل مسؤولية اعادتهم، ويأخذها على عاتقه، فليفعل. كما انه من يمكنه التوسط لايجاد ضمانات حقيقية لعودتهم فليفعل. مع انه من يستطيع العودة، على الرغم من المخاطر والتضحيات من اجل الحفاظ على وحدة سوريا وعروبتها، ومنع الفرس من السيطرة على سوريا، فهذا امر جيد.
ماذا يحصل بالنسبة الى التعامل مع ازمة النازحين السوريين؟ وهل بدأت الاجراءات التحضيرية للعودة لمن شاء؟
في احصاءات لدى السلطات اللبنانية، يتبين ان اكثر من ٩٠ في المئة من النازحين يرغبون بالعودة الى بلدهم لمجرد ان تتوافر ظروف الامن والامان، وفقاً لاوساط وزارية. وهؤلاء تركوا بلادهم نتيجة القتل، لكن الآن وفي الظروف التي يعيشونها بدأوا يشعرون بضرورة العودة. ولبنان يشجع عودتهم في اسرع ما يمكن حفاظاً على مرجعيتهم الوطنية، ورفض الاحتلال الايراني لبلدهم، وحفاظاً على عروبة هذا البلد وعلى منع التطهير الطائفي و”الترانسفير”، وكل ذلك يتحقق من خلال عودتهم الى بلدهم. وعلى ما يبدو هناك مجموعة كبيرة من النازحين تتواصل بواسطة احد المخاتير الذين يسكنون في عرسال، ويتم التسجيل لعودتهم الى القلمون الغربي، وهؤلاء لديهم رغبة بالعودة الطوعية، واذا كانت هذه رغبتهم، فلا يمكن للبنان ان يقف في وجه هذه العودة.
ويقول وزير شؤون النازحين في حكومة تصريف الاعمال معين المرعبي، ان لبنان لا يمكنه التواصل مع النظام، لذلك يعوِّل على دور المفوضية العليا لشؤون اللاجيئن التابعة للامم المتحدة، والتي تستطيع التفاوض مع النظام، او مع الجهات الاخرى المختصة، لتأمين عودتهم الآمنة والكريمة. وكحكومة، لبنان غير قادر على التعامل مع نظام غير معترف به دولياً، وفي الوقت نفسه ليس للبنان مصلحة في ان يحمِّل نفسه دور اجبارهم على العودة. ولبنان في الاساس، لم يقفل حدوده يوماً امام هروبهم من بلدهم نتيجة الحرب، لان من يجبرهم على العودة هو الذي يتحمل مسؤولية ارواحهم.
وينفي الوزير المرعبي، ان يكون لبنان ربط في اية مرحلة من المراحل عودة النازحين بالحل في سوريا، انما يعتبر ان الحل يساعد في العودة الآمنة، كونه يقدم ضمانات من كل الافرقاء حول سلامتهم، وهو لم يربط العودة بالحل وقد تدخل الوزير لاعادة سوريين يريدون العودة الى سوريا، وأوقفهم الامن العام اللبناني، بسبب ضرورة ان يسددوا الاموال، ووزارة الداخلية والبلديات مع الامن العام يعالجان بعض الامور. وافتتحت اخيراً عشرة مراكز لتسجيل النازحين وتأمين حصولهم على المستندات القانونية. ووفرت المفوضية العليا للاجئين تمويل المراكز وتأمين المستندات اللازمة للمساعدة في تسريع عودة النازحين. وتعتبر هذه المراكز مؤشراً جيداً في السعي لتأمين عودة مليون ونصف مليون نازح مسجل لدى الامم المتحدة، هذا عدا عن غير المسجلين. وان المسعى جدي وليس اعلامياً. وهناك خطوات ملموسة على الارض، وليس مواقف همايونية وشعبوية. واقترحت المفوضية زيادة عدد المراكز للحصول على المستندات. واللجنة الوزارية المكلفة بمسألة النازحين والتي يرأسها رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري، اتخذت القرارات اللازمة لتسجيل الولادات، اذ ان الامر يسهل عودتهم، فكيف يخرجون من لبنان اذا لم تكن لديهم وثائق؟
وتشير الاوساط، الى ان الرسالة التي ارسلها وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل الى المفوضية لم تكن صادرة عن الحكومة او عن اللجنة الوزارية. ومسألة النازحين هي قرار الحكومة ككل ولا يمكن لكل وزارة ان تطبق سياسة معينة حيالها. ومن المهم ان يعمل لبنان مع الدول الكبرى على مناطق آمنة، وضمانات منها حول استقرارها. ومن المهم ان يتدخل بعض الافرقاء في الداخل لدى حلفاء “حزب الله” مثلاً، لكي يخرج من سوريا، لا سيما من القلمون والقصير والزبداني. واذا خرج الحزب من هذه المناطق، يعود فوراً نحو ٥٠٠ الف نازح سوري، وتركيا مثلاً لا تريد الدخول في موضوع التطهير، فهي ترفض المساعدة التي تؤدي الى هذه الغاية.
وتؤكد الاوساط، انه من حق النازحين السوريين داخل الاراضي السورية وخارجها العودة الى قراهم في سوريا، عندما تتوافر الظروف، لان ليس من احد يريد ان يأخذ على عاتقه، او يضفي اي صفة شرعية لقطع اوصال البلد، ولحصول “الترانسفير”. كما ليس من يريد ان يأخذ على عاتقه تسليم سوريا الى ايران. ومن يريد ان يوطن السوريين في اماكن نزوحهم، يعني انه يساهم مع النظام في تسليم البلد لايران. الآن ليس هناك من منطقة آمنة في سوريا وضمانات متوافرة لها حول ذلك. انما ما يحصل هو وجود عودة طوعية تحدث كل يوم الى مناطق معينة في سوريا.
(المستقبل)