“عماد كريدية يحقق حلم رفيق الحريري”. هذا ما قاله رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري في مقطع فيديو نشره على موقعه الخاص على الـ«تويتر»، تقديراً للدور الإيجابي الكبير الذي يقوم به الرئيس المدير العام لهيئة «أوجيرو» عماد كريدية. وقد أتى هذا المقطع بمثابة رد حاسم ومباشر على الحملة السياسية المُبرمجة التي تتعرض لها «أوجيرو» بشخص مديرها العام للنيل من سمعتها وسمعة من يمثل هذا الفريق على كل المستويات السياسية والفنية والإدارية.
قبل أيام، زف كريدية إلى اللبنانيين بشرى عبر تغريدة قال فيها: «بكثير من السعادة أبشركم بموافقة ديوان المحاسبة على بدء تنفيذ مشروع الألياف الضوئية على كامل الأراضي اللبنانية. بانتظارنا ٤ سنوات من العمل الجدي. القافلة انطلقت ولن يستطيع أحد إيقافها. مبروك للبنان واللبنانيين».
مشروع ربط كل لبنان بواسطة شبكة الألياف الضوئية (الفايبر أوبتيكس) مفصلي من خلال تطوير خدمة الإنترنت وتسريعها والتي تُعتبر العمود الفقري للانتقال إلى الاقتصاد الرقمي الحديث. هو مشروع ممول بقانون قيمته 450 مليار ليرة على مدى السنوات الأربع هي مدة التنفيذ المُحددة، ومن المُفترض أن يردّ قيمة الاستثمار كاملة في نهاية السنة الثانية على انطلاقه. فيما تشير التوقعات إلى أن الإيرادات التراكمية خلال السنوات الأربع ستبلغ نحو مليار دولار، ثم تبدأ بالارتفاع بعد إنجاز المشروع تبعاً لطبيعة الخدمات المُقدمة. ما يعني أن هذا المشروع من شأنه أن يزيد من استهلاك استخدام الإنترنت الذي تشير الأرقام المتداولة عالمياً إلى أهمية مساهمته في زيادة معدلات النمو الاقتصادي. فكل زيادة في نسبة استهلاك الإنترنت بنسبة 10 في المئة، تؤمن زيادة في النمو بنسبة 1.5 في المئة. وقد بدأت «أوجيرو» فعلاً بتنفيذ المشروع عبر تركيب خزانات ذكية (أولها كان في بشامون) بما يتيح للمستهلكين استعمال هذه التقنية للولوج إلى شبكة الإنترنت بسرعة 50 ميغابيت/ ثانية.
إنجاز مهم يتصدر الإنجازات التي دونتها «أوجيرو» في السنتين الماضيتين، تجري محاولات منسقة للتعتيم عليه وعلى ما تقوم به الهيئة من خلال حملة مبرمجة معروفة المرامي والأهداف تحاول ذر الرماد في العيون لإيهام المواطنين بأن الهيئة تغرق بالفساد، في وقت هي تُحارب الفساد.
أرقام غير صحيحة وخيالية وكم من المعلومات غير الدقيقة والمضللة يتم توزيعها ونشرها من دون التأكد من صحتها، لتصوير الهيئة والعاملين فيها بأنهم غارقون بالفساد. علماً أن ما تقوم به من أجل التحول الرقمي هو أفضل إجراء لقطع دابر الفساد في كل إدارات الدولة. لكن شعار وجوب مكافحة الفساد في «أوجيرو» تحوّل إلى شماعة يُعلّق عليها عند كل استحقاق سياسي، كون هذا القطاع يثير لعاب جميع الأطراف السياسيين.
الحملة تستهدف شخص كريدية الذي قال عنه الرئيس سعد الحريري في مقطع فيديو نشره على موقعه الخاص أول من أمس «إنه يحقق حلم رفيق الحريري» في هذا القطاع، وإنه وفريقه «يعملان ليل نهار من أجل تحقيق الأهداف، وإن استمرا على هذا النمط فسيصلان بالطبع إلى تحقيقها لا بل سيتجاوزونها». وتحدث الرئيس الحريري في الفيديو عن أهمية الإنترنت في لبنان، لافتاً إلى العمل على تطويرها، وذلك بمساعدة «أوجيرو».
«هي حملة مبرمجة تأتي من ضمن توزيع واضح للأدوار تنفذها أبواق مأجورة من أجل التشويش على إنجازات أوجيرو ورئيسها»، تقول مصادر مطلعة على الملف، و«لها أيادٍ عليمة بالهيئة وبمفاصلها وبتركيبتها.. لكن الإنجازات ستظهر آجلاً أم عاجلاً لأن ذلك يعود إلى نتاج العمل المتواصل لفنيي وإداريي الهيئة، خصوصاً في مشروع الألياف الضوئية الذي سيُحدث نقلة نوعية في قطاع الاتصالات في لبنان».
وترى المصادر أن للحملة وجهين، أحدهما ظاهري عنوانه مكافحة الفساد ووقف الهدر في «أوجيرو»، والآخر باطني في محاولة ليست بالجديدة لفصل رئاسة الهيئة عن المديرية العامة بهدف تقويض صلاحية الرئيس. لكن هذا الأمر يؤدي، بحسب المصادر، إلى كبح تطور هيئة «أوجيرو» ويدخلها في البيروقراطية المُستفحلة أصلاً في الدولة اللبنانية، وهو ما يتنافى مع مبادئ قطاع الاتصالات الصادر عن بروتوكولات الاتحاد الدولي للاتصالات والتي تشدد على ضرورة الخروج من البيروقراطية سعياً إلى التطور ومواكبة التكنولوجيا بشكل يومي.
منذ أيام، راح الناس يتداولون برقم 112 مليون ليرة على أساس أنه راتب كريدية عن شهر أيار، ناهيك عن أرقام لمديرين ومسؤولين آخرين في «أوجيرو»، وهو ما أثار سيلاً من الانتقادات، وأدى إلى تحرك النائب العام المالي علي ابراهيم. فاستمع الأسبوع الماضي إلى إفادة كل من كريدية ومدير الشبكات عضو مجلس الهيئة هادي بوفرحات. وقد تسلم النائب العام المالي من كريدية كل الجداول المتعلقة بمستخدمي «أوجيرو» وبمديريها ومستشاريها لتبيان حركة الافتراء التي شُنت على الهيئة في هذا السياق وعدم صحة ما يتم تداوله. وسيستمع اليوم الإثنين إلى إفادة مدير الموارد البشرية في الهيئة بسام جرادي.
المصادر تؤكد أن لا رواتب فلكية كما يُشاع بل هي عبارة عن حقوق تمت استعادتها لسائر موظفي الدولة اللبنانية، وذلك بما يتوافق مع أحكام القانون رقم 46 والأثر الرجعي العائد لعشرة أشهر والذي تنص عليه تلك الأحكام. وقد تم سداد مجموع قيمة الأثر الرجعي، دفعة واحدة ولمرة واحدة بطبيعة الحال، وذلك على شكل زيادة لحقت بأول راتب استحق بعد نفاذ القانون.
المستندات التي اطلعت عليها جريدة «المستقبل» في ما يتعلق براتب كريدية تظهر الآتي:
-الراتب الأساسي 9 ملايين ليرة، علماً أن مرسوم تعيين كريدية لم يحدد هذا المبلغ.
– تضاف إلى هذا الراتب بدلات اختصاص وساعات عمل إضافية.
– لأن تعميم تطبيق القانون 46/2017 الصادر في 15 كانون الأول 2017 استثنى مستخدمي وموظّفي المؤسّسات العامة والمصالح المُستقلة من سلسلة الرتب والرواتب، وبعد جولات عدة من المفاوضات بين الهيئة وبين وزارتي الاتصالات والمالية، قر الرأي على منح المستخدمين في «أوجيرو» أربع درجات إضافية بعد موافقة مجلس الإدارة.
– بعد تطبيق «السلسلة» الجديدة، زيدت نسبة ٣٢ في المئة على مجموع الرواتب لجميع المستخدمين، والتي تحق للمدير العام بطبيعة الحال، وذلك وفق النظام والمراسيم ذات صلة.
– أدى تطبيق نسبة الـ ٣٢ % على راتب المدير العام إلى زيادة شهرية في مجموع مقبوضاته الشهرية لتصل إلى 11.8 مليون ليرة. علماً أنه تم تطبيق «السلسلة» مع مفعول رجعي بدءاً من تاريخ 1/9/2017. وهذا ما يبرر المبلغ الذي حصل عليه كريدية وغيره في أيار الماضي، وليس كما أشيع بأن راتبه هو 112 مليون ليرة.
وتجدر الإشارة إلى أن راتب كريدية هو من بين الأقل على مستوى رؤساء مجالس الإدارة المديرين العامين للمصالح المستقلة والمؤسسات العامة. فتعويضات أعضاء مجلس إدارة هيئة إدارة قطاع البترول تبلغ 28.6 مليون ليرة شهرياً، على سبيل المثال لا الحصر.
«ما يتم التداول فيه هو تظهير مبرمج للرأي العام بأن راتب كريدية هو 112 مليون ليرة لتأليب الرأي العام على أوجيرو وتصويرها على أنها مرتع للفساد»، يقول المصدر. وهو يؤكد أن الحملة «سياسية، إذ تم انتقاء أسماء للنشر والتشهير بقيمة الفروقات من لون وخط سياسي معين، في حين أن أخرى لم تُنشر وتقاضت أكثر مما تقاضى زملاؤها في الحالة عينها».
منذ يومين، أطلقت «أوجيرو»هاشتاغ بعنوان «#الفساد _ يحارب _ أوجيرو»: من المستفيد من هذه الحملة الشعواء؟ «أظهرت أن 70 في المئة من الذين صوّتوا يعتبرون أن ما يحصل نتيجة «المزودين غير الشرعيين، والمتاجرين بحقوق المواطن، والمنتفعين من سوء الخدمة». «لن نقبل لأنفسنا إلا أن تكون لأوجيرو الرائدة من بين كافة المؤسسات العامة في مجال مكافحة الفساد وكبح الهدر وتطوير الخدمات وزيادة الإنتاجية لصالح الوطن والمواطن»، تقول الهيئة.
مستندات عديدة يملكها كريدية باتت في حوزة النائب العام المالي تدحض ما يُنشر من حملات تشهير وفبركة حالياً، ليس في ما يتعلق بمسألة الرواتب فقط إنما في مجمل الملفات التي تمت فبركتها وستعرضها «المستقبل» تباعاً، ومنها ملف التوظيفات والتلزيمات والمناقصات.
(المستقبل)