اشتعلت مواقع التواصل الاجتماعي بالتداول بخبر قرار مجلس الوزراء الصادر في 16 الجاري، والقاضي بالموافقة على طلب وزارة الاقتصاد والتجارة حماية القطاعات الانتاجية اللبنانية وطلب فرض إجراءات على الواردات لا سيما من تركيا.. «قرار الحكومة بمكانه من أجل مكافحة الاستيراد الإغراقي، خصوصاً وأن أوضاع الميزان التجاري في لبنان ليست على ما يرام»، قال رئيس جمعية الصناعيين اللبنانيين فادي الجميل لـ«المستقبل». ولفت إلى أن قرار الحكومة «لن تكون له تداعيات سلبية إلا على بعض المستوردين الذين لديهم مصالح خاصة، إلا أن إيجابية القرار أكبر على التجار والصناعيين في لبنان وعلى سوق العمالة عموماً». كما أعرب عن عدم خشيته من أي تداعيات تركية محتملة للقرار، «فمن حقنا حماية صناعتنا الوطنية». ولفت الجميل إلى أن وضع العملة التركية المتأزم يشكل مساحة أوسع للربح بالنسبة للمستوردين مقارنة مع البضاعة المحلية.
وخسرت العملة التركية هذا العام نحو 20 في المئة من قيمتها مقابل الدولار. وكان سعر صرفها ارتفع إلى 4.55 ليرات مقابل الدولار، بعدما كان وصل السعر قبل أسابيع إلى حدود 3.70 ليرات مقابل الدولار.
وكان مجلس الوزراء اطلع على المستندات الواردة من وزارة الاقتصاد والتجارة والتي تفيد أنه ورد من جمعية الصناعيين اللبنانيين عدداً من الكتب تعرض فيها للمشكلات والصعوبات التي تواجهها هذه القطاعات من منافسة «غير عادلة» من المنتجات المستوردة من بلدان عدة أبرزها تركيا. وبما أن لبنان لا يرتبط مع تركيا باتفاقيات تجارية تحظر اتخاذ أي إجراءات منع أو قيود على الاستيراد، لذلك اقترحت «الاقتصاد» إصدار قرار بمنع الاستيراد للأصناف المذكورة: – البسكيوت والويفرز (تأتي معظم الواردات من تركيا حيث بلغت 51 في المئة).
– مواد التنظيف (ارتفعت كمية الواردات من تركيا من منتج محضرات مهيأة للبيع بالتجزئة بنسبة 55 في المئة في العام 2016 مقارنة مع 2015).
– البرغل (ارتفعت كمية الواردات من البرغل بنسبة 95 في المئة في العام 2016 مقارنة مع العام 2013، في حين أن سعر الاستيراد للوحدة انخفض من 593 إلى 386 دولاراً للطن الواحد).
كما أشارت وزراة الاقتصاد في طلبها إلى أن بعض الأصناف تتضرر نتيجة التهرب من الرسوم الجمركية، إما من خلال الإنزلاق على بنود أخرى معفاة أو من خلال الاستيراد عبر المعابر غير الشرعية، لذلك فهي تقترح الإيعاز للجهات المعنية في الجمارك التشدد في مراقبة الأسعار، عبر تحويلها إلزامياً إلى المسار الأحمر لا سيما الأصناف التالية: كرتون صواني البيض، ورق التخديد وورق التست لايتر، والألبسة الجاهزة على كافة أنواعها (حيث تدخل إلى الأسواق اللبنانية عبر تصنيفها كألبسة مستعملة وهي خاضعة لرسم جمركي قدره 5 في المئة من القيمة المضافة، أو يتم التهرب الضريبي من خلال تقديم فواتير مخفضة لا تعكس القيمة الحقيقية للبضاعة). كما تقترح منع استيراد الألبسة المستعملة لأسباب صحية وبيئية.
وقال الجميل لـ«المستقبل» إن «السوق اللبنانية تعاني فعلياً بسبب الاستيراد السلعي الإغراقي، خصوصاً وأن تلك السلع مدعومة من المصدر أي من الدولة التركية، وهو ما يتسبب في ايجاد منافسة غير متكافئة مع الصناعة أو السلع الوطنية، وهذا مخالف تماماً لروحية ما تنص عليه مبادئ منظمة التجارة العالمية، رغم أننا لسنا من ضمن هذه المنظمة لكنها موجودة».
وأشار إلى هذا النوع من الاستيراد من شأنه الحاق الضرر بالتجارة والصناعة في لبنان، كما أن من شأنه زيادة عدد العاطلين من العمل، معتبراً أن هذا القرار يستهدف البعض من المستوردين الذين يبدّون مصالحهم على حساب المصلحة الوطنية. أضاف «من الطبيعي أن نكون داعمين لهذا القرار، وأن تتخذ الدولة مثل هذه الإجراءات كما تتخذها معظم دول العالم حين تصبح اقتصاداتها مهددة بالخطر».
وقلل الجميل من قيمة التداعيات التي من الممكن أن يشكّلها القرار، وقال «ماذا ستكون هذه التداعيات، فلنراقب أولاً الميزان التجاري هو لصالح منْ؟. نحن نستورد من تركيا بـ700 مليون دولار سنوياً ونصدر اليها فقط بـ30 مليون دولار. نحن لا نصدر سوى الخردة بنسبة عالية والقليل من الجلود. وفعلياً لا أضرار ستنجم عن هذا القرار والذي لا يشمل كل شيء كما هو واضح منه. نحن نريد تشجيع تجارتنا وزيادة عدد العمال من خلال الاستفادة من المواد الأولية».
أما لماذا تركيا هي المستهدفة؟، أجاب الجميل «إن القرار لا يستهدف تركيا وليست له خلفيات سياسية بل إن وزارة الاقتصاد كانت تراقب منذ عام التدفقات التي تغرق السوق اللبنانية وقد تبين أن مصدرها تركيا». أضاف «من المعيب الحديث عن إمكان فرض فيزا على تركيا. فما معنى أن يسوح اللبنانيين في تركيا فيما اقتصادهم ينهار، نحن كجمعية صناعيين ندعم هذا القرار ونطالب بأن يكون لدينا المعاملة بالمثل مع تركيا».
من جهته، اعتبر رئيس جمعية تجار بيروت نقولا شماس أن قرار الحكومة لن تكون له تداعيات، خصوصاً وأن مروحة القرار لا تطال شريحة واسعة من السلع، وقال إن الجمعية بصدد عقد اجتماع لتقويم هذه الخطوة، وهي تفضل التريث لتبني على الشيء مقتضاه.
(المستقبل)