انتهت “سكرة” الانتخابات، لتبدأ معها “فكرة” الاتصالات والمشاورات الحكومية بهدف الوصول الى رسم أولي واضح للمرحلة المقبلة، إن على مستوى رئاسة الحكومة أو على مستوى المجلس النيابي. ومن هنا كانت الجولة التي قام بها رئيس الحكومة سعد الحريري أمس على كلّ من رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري. وقد سعى الحريري من خلالها الى العمل على حلحلة ما يمكن أن يظهر من مطبات في سياق اعادة هيكلة المؤسسات الدستورية، ولا سيما ما يتعلق بتشكيل الحكومة، التي يعتبرها رئيس الجمهورية “حكومة العهد الأولى”.
لقاء ودي وطويل جمع ما بين الرئيس عون والحريري، لم يقتصر البحث فيه فقط على ما بعد الانتخابيات النيابية، بل تم فيه التوافق أيضاً، بحسب صحيفة “اللواء” على عقد جلسة لمجلس الوزراء الاسبوع المقبل قد تكون الجلسة الوداعية إلا إذا تقرر انعقاد أكثر من واحدة الاسبوع المقبل على أن يكون موعدها قبل 20 أيار الجاري . وفهم أن هناك نية لأن تكون جلسة يتم فيها تمرير سلسلة مشاريع من دون أن تجزم ما إذا كان المجال سيكون مفتوحا لبحث ملف الكهرباء.
هل تولد حكومة العهد الأولى سريعاً؟
ولفتت مصادر سياسية لصحيفة “اللواء” الى أن الرئيس عون يرغب حقيقة بأن تكون الحكومة المقبلة حكومته الأولى، وبالتالي يفترض ألا تتأخر عملية تشكيل الحكومة، على رغم العقد والعراقيل والشروط والشروط المضادة، لأن أي تأخير سيستنزف رصيد العهد، ويعرض البلاد لخضات هو في غنى عنها، خصوصاً ان التطورات الحاصلة في المنطقة تفرض نمطاً جدياً من التعامل مع استحقاقات المرحلة، وهو ما تتفق عليه كل القوى السياسية التي ستنخرط في الحكومة الجديدة، بمن فيهم “حزب الله” الذي يوجه بوصلة اهتماماته في اتجاه الداخل، وفي شكل خاص نحو الاقتصاد ومكافحة الفساد.
ومن هنا خلص لقاء عون – الحريري، بحسب “الجمهورية” الى الاعتبار أن المشاورات المسبقة حول الحكومة، ليست مهمة بل يمكن ان تسهل عبور هذه الإستحقاقات لتجري في مواعيدها الدستورية وفي افضل الظروف، مع التفاهم على أن لا احدا لوحده يمكنه أن يقود أي من هذه المحطات الدستورية وعلى اهل الحكم التفاهم لعبورها بما يضمن قيام “حكومة العهد الأولى” بعد ولادة المجلس النيابي الأول المنتخب في هذا العهد.
الحكومة بين سندان الشروط ومطرقة الشروط المقابلة
وفي ما يتعلّق بموضوع تشكيل الحكومة وحصة كل فريق منها، علمت “الجمهورية” أنّ “التيار” سيَستند الى النتائج التي أفرَزتها صناديق الاقتراع، أمّا مفاوضات التشكيل فسيقودها باسيل حصراً، علماً أنّ “التيار” لم يَطرح بعد أيّ أسماء مرشّحة للتوزير.
في المقابل، أكّدت المصادر لصحيفة “الجمهورية” أنّ “القوات” لن تفصِح اليوم عمّا تريده من عدد مقاعد وزارية وحقائب. فالمسألة تنطلق مع المشاورات خصوصاً وأن لها رؤيتُها لطبيعة المرحلة ولكيفية تمثيلِها، وبالتالي من حقّها الطبيعي ان تكون شريكةً داخل السلطة التنفيذية نسبةً لحجمها النيابي والشعبي، ولأنها جزء لا يتجزّأ من تفاهم معراب ولأنها تشكّل توازناً على المستوى السيادي والإصلاحي انطلاقاً من ممارساتها الشفّافة.
وأكّدت المصادر لصحيفة “الجمهورية” حِرص “القوات” على “ترجمة الفوز الذي حقّقته في الانتخابات داخل المؤسسات الدستورية، فهي نجحت في مضاعفة نوابِها، الأمر الذي يمكّنها من مضاعفة تأثيرها وفاعليتها على المستويات الوطنية والحياة البرلمانية والحكومية، ولا شكّ، هناك من سيحاول تزويرَ الوقائع من خلال نفخِ حجمِه، لكنّ الوقائع واضحة للغاية، فـ”القوات” مِن ضِمن الكتل السياسية الكبرى، وبالتالي شريكةٌ مع سائر الكتل في المرحلة الجديدة، وهي تنصَح بعدم التفرّد الذي لن يؤدّي إلى النتائج المطلوبة، فيما الشراكة هي المعبَر الوحيد لتحقيق تطلّعات اللبنانيين”.
ماذا عن البيان الوزاري؟
وفي حين لم تتوقع المصادر المطلعة لصحيفة “اللواء” ان يطول مسار التكليف والتأليف، على الرغم من كل العقد والمطبات، اعتبرت أن مسألة اعداد البيان الوزاري، لن تكون بسهولة تأليف الحكومة، لجهة صعوبة التوفيق بين مواقف مجموعة الدعم الدولية، ومعها كتل وازنة في المجلس مثل “المستقبل” و”القوات اللبنانية” ومطالب الثنائي الشيعي في شأن القرارات الدولية، والتمسك بالمعادلة الثلاثية: الجيش والشعب والمقاومة، علماً انه امكن إيجاد حل لهذه المعادلة في بيان حكومة “استعادة الثقة” حاز على رضى جميع الأطراف، ويمكن العودة إلى هذه الصيغة، في حال رضى الحزب بأن يكون الحوار حول الاستراتيجية الدفاعية مخرجاً لمعادلته الذهبية.