جريدة الكترونية تأسست
1/1/2015
الرئيسية / جريدة اليوم / الراعي في احتفال اليوبيل المئوي الثاني لدير مار ضومط للراهبات الانطونيات: لا يمكن الاتكال على الأسرة الدولية لتأمين عودة النازحين
الراعي

الراعي في احتفال اليوبيل المئوي الثاني لدير مار ضومط للراهبات الانطونيات: لا يمكن الاتكال على الأسرة الدولية لتأمين عودة النازحين

أقامت رئيسة وجماعة دير مار ضومط للراهبات الانطونيات في رومية احتفالا بمناسبة اليوبيل المئوي الثاني للدير، برعاية البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي وحضوره على مسرح “نديم خلف” للراهبات الانطونيات في المدرسة الانطونية – روميه.

حضر الاحتفال ممثل رئيس الجمهورية العماد ميشال عون المدير العام لرئاسة الجمهورية أنطوان شقير، الرئيسة العامة لجمعية الراهبات الأنطونيات الأم جوديت هارون، الرئيس العام للرهبانية الأنطونية الأباتي مارون أبو جودة، المطرانان سمير مظلوم وسمعان عطالله، القائم بأعمال السفارة البابوية المونسنيور إيفان سانتوس، مدير المركز الكاثوليكي للاعلام الخوري عبده أبو كسم، رئيس بلدية روميه عادل بو حبيب، وزراء ونواب حاليون وسابقون ولفيف الرهبان والراهبات وفاعليات رسمية وسياسية وعسكرية وقضائية وتربوية.

هارون
بعد النشيد الوطني ونشيد المدرسة، ألقت الرئيسة العامة الأم هارون كلمة لخصت فيها “قصة دير مار ضومط للراهبات الانطونيات في بلدة روميه على مدى مئتي سنة”، وقالت: “إنه دير ومدرسة، نسك ورسالة، صلاة وعمل، عبادة وخدمة، صمت وكلمة، حياة مستترة مع المسيح، وجماعة رهبانية على أهبة الاقلاع. إن قصة ديرنا لا تكتب بمداد وكلمات بشرية، بل تصاغ وتنسج من صلوات الراهبات وساعات التأمل والسجود أمام القربان الاقدس ومن المشاركة الخاشعة في الاحتفال بالليتورجيا المارونية – المارونية اليومية والترانيم البهية”.

وشكرت الام هارون للبطريرك الراعي “مبادرته في فتح ملف دعوى تطويب وتقديس الام بالروح للراهبات الانطونيات ايزابيل خوري”.

كما شكرت “أساقفة سينودس الكنيسة المارونية، خصوصا المطران بولس مطر لمتابعة هذا الملف”.

ندوة عن الكتاب
وعقدت ندوة عن كتاب “دير مار ضومط” استهلت بكلمة لرئيسة مدرسة مار ضومط الأخت باسمة خوري قالت فيها: “إن كتاب دير ما ضومط هو شهادة حية لكنيسة ديرية عاشت في الخفاء ولشباب وصبايا كرسوا حياتهم لله بالصلاة والخدمة”.

ولفتت إلى أن “الكتاب يتألف من 3 أقسام يمكن إدراجها تحت عنوان حياة نبوية في دير ورسالة تربوية”، وقالت: “يبرز القسم الاول نشأة الحياة الرهبانية كقوة نبوية تميزت عن منطق العالم ومفاهيمه، ويتناول القسم الثاني رسالة التعليم التي اضطلعت بها جماعة الراهبات في الدير. أما القسم الثالث فيضيء على تاريخ المكتب التربوي لجمعية الراهبات الانطونيات، الذي اخذ من مباني الدير مركزا له”.

أضافت: “ندعو السياسيين إلى أن يقتدوا بكلمة الله ونهج الراهبات ليجدوا الحلول للمدارس الكاثوليكية، بدلا من جرنا الى الفشل القانوني والاداري الذي يسود اليوم ويهدد مصير مدارسنا”.

راجح
وتحدث رئيس دير مار الياس – أنطلياس الأباتي أنطوان راجح عن “صلة الرهبان الانطونيين بالراهبات الانطونيات، ووهب الرهبان دير ما ضومط للراهبات”، مؤكدا أن “انطلاقة الراهبات المستقلة لم تطفىء ود التلاقي والتكامل، ولم تدع الى التغرب والتجاهل، ولا قطعت تواصل الرابط الاخوي، ولا أبهتت بهاء الشهادة الانطونية التي لطالما أشيد بحميد صنيعها”.

أضاف: “إن وهب الراهبات هذا الدير بممتلكاته الواسعة الموقوفة أو المكتسبة بعرق الجبين وسواه من الأديرة والأملاك المشحونة بمآثر الأنطونيين يشهد على وحدة الحال الأنطونية التي ملأت كنيستنا المارونية كرامة. لقد تخلى الرهبان عن نفيس رخصته مشاعر الاخوة المسؤولة. وفي المقابل، سرعان ما ضاعفت الراهبات هذه الوزنات، فأثبتن جدارتهن وأدرن شؤونهن بالكثير من الحكمة والنضج والكفاءة والحشمة بالحفاظ على حرمتهن وتراثهن، كما على فعالية رسالتهن، فباتت مراكزهن تضاهي اليوم، بل وقبل اليوم، كبريات الجمعيات الرهبانية في لبنان والشرق”.

ناصيف
من جهته، اعتبر الصحافي نقولا ناصيف أن “كتاب تاريخ دير ومدرسة مار ضومط ليس سيرة دير ومدرسة، وليس أيضا تأريخا للرهبانية الانطونية والراهبات الانطونيات مقدار، ما هو مسار رسالة راكمتها البشارة المسيحية كي تنتقل من حقبة إلى اخرى، لكن أيضا من رسالة إلى أخرى”، وقال: “بعد قرن ونصف من بنائه، يرسم الدير لنفسه علامة جديدة هي التحول العميق في المهمة الانطونية والتجديد الذي رافق رسالة الكنيسة، فاتحة هذا التجديد مدرسة مار ضومط، ثم مدارس ومعاهد على مر العقود التالية منذ عام 1932”.

الراعي
وألقى البطريرك الراعي كلمة قال فيها: “يسعدني أن أشارك في هذا الاحتفال باليوبيل المئوي الثاني (1818-2018) لدير مار ضومط للراهبات الأنطونيات هنا في روميه العزيزة، فأهنئ الجمعية بشخص رئيستها العامة الأم جوديت هارون ومجلس المدبرات، وأشكر رئيسة الدير والمدبرة العامة الأخت باسمه خوري على الدعوة لرعاية هذا الاحتفال. وأهنئها باليوبيل مع جمهور راهبات الدير والثانوية، بل مع جميع الراهبات الأنطونيات، وهو ديرهن الأم فمنه انطلقن سنة 1818، مع الآباء الأنطونيين أولا الذين أحييهم بشخص قدس الرئيس العام الأباتي مارون أبو جوده ومجلس المدبرين. ثم سنة 1932، انطلقت الرهبانية متجددة مع خادمة الله الأم إيزابيل خوري، التي نرافق دعوى تطويبها بالصلاة، كي يظهر الله قداستها، وتعلنها الكنيسة على مذابحها، فكانت غاية تجديد الجمعية، على يدها، تجددا عميقا في الحياة الروحية والديرية أولا، ثم التزاما في حقل الرسالة لخدمة الكنيسة والمجتمع، مع قراءة مستمرة لعلامات الأزمنة. وفي المناسبة، تصدرن كتاب “تاريخ دير ومدرسة مار ضومط، مسيرة شكر وشغف ورجاء”، باعتناء الأخت باسمة، والأستاذ الياس كرباج، والآنسة مدلين الحاج، مشكورين على هذا الانجاز الذي يحيي ذكريات مسيرة المئتي سنة”.

أضاف: “الحياة الروحية في وسط الجماعة هي نمو في تقديس الذات، والتفاتة حب للأمور الصغيرة، كما نجدها في الإنجيل من مثل: نفاد الخمر في عرس قانا، ضياع خروف بين 99، الفلس الذي قدمته الأرملة في الهيكل، جلب زيت مع المصابيح في آنية في حال تأخر مجيء العروس، السؤال عن كمية الخبز في يد التلاميذ لإطعام الجماهير، تهيئة الجمر والسمك والخبز على شاطئ بحيرة طبرية بعد الرجوع من الصيد العجيب. بهذه الالتفاتة إلى تفاصيل وحاجات صغيرة، يتكون البعد الإنساني والجماعي في كل شخص، وتبنى الشركة في المحبة، ويعاش فرح الإنجيل، واختبار المسيح القائم في وسط الجماعة. من قلب الحياة الروحية في الجماعة، تنطلق الرسالة لإشراك الآخرين في هذا الفرح وهذا الاختبار، وفي جمال الشركة التي تعكس صورة الثالوث القدوس، على مثال العائلة المقدسة في الناصرة، “حيث كانوا كلهم قلبا واحدا ونفسا واحدة” (أعمال 2: 1). هذه الحياة الجماعية النابعة من الصلاة والقداس اليومي عاشتها الأم المجددة إيزابيل، واعتبرتها الأساس للعمل الرسولي الذي هو، بالنسبة إليها، تجسيد لإرادة الله التي يكشفها للراهبة في هذه الصلاة – الصلة بينها وبين من تكرست له”.

وتابع: “هكذا، من دير مار ضومط انطلق العمل الرسولي، وكانت بداية أول مدرسة فيه منذ خمس وثمانين سنة. وإذا بالدير والمدرسة ينموان مثل “حبة الخردل التي تصبح شجرة تعشعش فيها طيور السماء” (مر 4: 30-32)، فتفرع عنهما ثلاثة وثلاثون ديرا ومؤسسة رسولية، منها ستة وعشرون على ارض لبنان، وسبعة في بلدان الانتشار والاراضي المقدسة. يذكرنا قداسة البابا فرنسيس في إرشاده الرسولي الاخير “افرحوا وابتهجوا”، حول “الدعوة الى القداسة في عالم اليوم”، أننا “في ممارسة رسالتنا ونشاطنا، على تنوع مساحتهما، نبني مع المسيح ملكوت المحبة والعدالة والسلام الشامل، واننا لا نستطيع النمو في القداسة من دون الالتزام، جسدا وروحا، في اعطاء الاحسن لعالمنا. ليس من علامات الصحة الروحية أن نحب الصمت هربا من التفاعل مع الآخرين، وان نبحث عن السلام والهدوء تجنبا للعمل، وأن نخلد الى الصلاة احتقارا للخدمة، غير اننا مدعوون إلى التأمل حتى في وسط العمل، وإلى النمو في القداسة عبر القيام برسالتنا الخاصة بمسؤولية وسخاء” (راجع الفقرتين 25-26). وأكد البابا بندكتوس السادس عشر ان القداسة ليست سوى المحبة المعاشة بملئها”.

وأردف: “بهذه الروحانية، كانت انطلاقة الراهبات الانطونيات إلى عملهن الرسولي المتنوع في لبنان وخارجه، فأعطين التربية حقها، كما هو ظاهر في ثانوية مار ضومط هنا وفي مدارس الجمعية الاخرى، بفضل القرار بتأمين جودة التعليم، وتوفير التربية على القيم الروحية والاخلاقية والاجتماعية والوطنية لاجيالنا الطالعة، في مبان لائقة وبوسائل تربوية ومختبرات تتماشى مع التقدم العلمي، بهدف تخريج طلاب على أعلى مستوى من العلم، ومسيحيين ملتزمين، ومواطنين نشيطين محبين لوطنهم. من اجل تعميم هذا التعليم وهذه التربية، انشأت جمعية الراهبات في هذا الدير المكتب التربوي بغية تنشئة الكوادر الادارية والتعليمية تنشئة دائمة، وتعزيز التربية الروحية والتعليم المسيحي، ورصد التطلعات المستقبلية، ووسائل التعليم الفضلى”.

وقال: “ولكن في المقابل نرى أن الدولة اللبنانية، عن قصد أو عن غير قصد، بنية متعمدة أو عن إهمال، تعمل على هدم المدرسة الخاصة، ومن بينها المدرسة الكاثوليكية، وبالتالي النظام التربوي في لبنان والتعليم النوعي، بإصدارها القانون 46/2017 وتطبيقه على المدارس الخاصة، وإرهاقها به مع أهالي التلامذة، وتنصلها من واجب دعم هذه المدارس التي هي ذات منفعة عامة، مثل المدارس الرسمية، بينما تدعم الدولة هذه الاخيرة بفرض ضرائب على المواطنين وتأتي كلفة الطالب في المدرسة الرسمية اعلى منها في المدرسة الخاصة، ما يعني هدر مال الدولة من دون حساب”.

وسأل: “هل يعلم اهالي الطلاب، ان مجموع الزيادات على رواتب ال17 ألف معلم ومعلمة، بين داخلين في الملاك ومتعاقدين، في المدارس الكاثوليكية، التي تفرضها الدرجات الست الاستثنائية، والملحق 17 من السلسلة، يبلغ 117،529،320،000 ل.ل. ما يوازي 118،352،880 دولارا اميركيا، بحسب دراسة علمية دقيقة أجرتها الأمانة العامة لمدارسنا الكاثوليكية؟ اي مدرسة تستطيع تحمل المبالغ الخاصة بها من دون زيادة اقساطها؟ وكيف ستساعد العائلات المتعثرة؟”.

وقال: “أصبح من واجب أهل التلامذة الوقوف الى جانب مدرستهم لمطالبة الدولة بواجبها الدستوري، كما في سائر البلدان، بتحمل العبء المفروض منها على عاتقهم، لا على عاتق مدرستهم. واذا لم تساعد الدولة أهالي تلامذتها ستقفل ابوابها، ويتشرد تلامذتها، ويزج معلموها وموظفوها في عالم البطالة. فهل يعلم أهالي التلامذة ان وزارة التربية طلبت أمس في مؤتمر بروكسل الخاص دعم مستقبل سوريا والجوار بملغ 364 مليون دولار سنويا لتأمين التعليم للنازحين السوريين؟ أليس بمقدورها تأمين 118 مليون دولار لتعليم الطلاب اللبنانيين في المدارس الكاثوليكية، وهو مبلغ أقل بكثير من نصف المطلوب لتعليم النازحين السورين؟ ماذا لو بقي السوريون في لبنان، كما تبين من إرادة الأسرة الدولية التي انكشفت بالأمس في مؤتمر بروكسيل، حيث الحديث عن أن الظروف الراهنة في سوريا تمنع عودتهم، وعن عودتهم الطوعية والموقتة، وعن انخراطهم في المجتمع اللبناني وسوق العمل، وعن حمايتهم المستمرة في مواجهة خطر الطرد والعودة القسرية، وعن تحسين وضعهم القانوني”؟.

أضاف: “نؤكد ونتبنى بيان كل من فخامة رئيس الجمهورية ودولة رئيس مجلس النواب، بالإضافة إلى المؤتمر الصحفي لوزير الخارجية، في هذا الخصوص، فنفهم تماما أنه لا يمكن الاتكال على الأسرة الدولية لتأمين عودة النازحين السوريين إلى بلادهم. هذا حقهم وواجبهم، بحكم المواطنة والمسؤولية عن تراثهم وثقافتهم وحضارتهم ووطنهم”.

وسأل: “أليس أهل التلاميذ اللبنانيين أولى بمال الدولة من الذين يمعنون في الفساد بسرقته وهدره والصفقات والرشى، وبالتهرب من الضرائب، وبالعمولات على المشاريع، وكل ذلك باعتراف المسؤولين أنفسهم؟ ويقولون: إن الخزينة فارغة. أجل، لأنها أفرغت في الجيوب، حتى بات ثلث الشعب اللبناني تحت مستوى الفقر المعروف عالميا، وباتت البطالة تتآكل ثلث شبابنا وقوانا الحية”.

وختم الراعي: “مع هذا كله، سنظل نطالب المسؤولين في لبنان، ونهز ضمائرهم، وننبههم للكارثة الاجتماعية الآتية. وفيما هم يربطون الاصلاح بالبرلمان الجديد الآتي في 6 أيار المقبل، لعله يأتينا برجالات دولة حقيقيين غير عاديين، فنحن نضع رجاءنا الحقيقي في المسيح القائم من الموت، الذي إليه نرفع صلاتنا لينشلنا بقدرته من الظلمة التي تتخبط فيها بلادنا وشعبنا. وصلاتنا تسبيح وشكر وتمجيد للآب والابن والروح القدس، الآن وإلى الأبد، آمين”.

تسليم الدرع
بعد ذلك، سلمت الأخت خوري درع اليوبيل إلى كل من البطريرك الراعي وممثل رئيس الجمهورية والام هارون والاباتي ابو جودة ورئيس بلدية روميه وآخرين.

وتخلل الحفل عرض وثائقي عن تاريخ الدير وفقرات غنائية قدمها تلامذة المدرسة التابعة للدير وتوزيع الكتاب على الحضور.