ينعقد في بروكسل، اليوم الثلاثاء وغداً، المؤتمر الدولي لدعم لبنان والدول الاخرى المضيفة للنازحين السوريين. والجزء اللبناني من المؤتمر ينبثق من اهداف مجموعة الدعم الدولية حول لبنان، وحيث وضع لبنان خطة وبرنامج استجابة لوضع النازحين السوريين، استناداً الى مصادر حكومية معنية.
وتقول المصادر، انه في الاجمال، واستناداً الى السنوات السابقة، تقدّر الاحتياجات ﺑ ٢,٥ مليار دولار. هذا مع المجتمعات المضيفة لهم. في السنتين الاخيرتين عمل المجتمع الدولي على تقديم ١,٥ مليار دولار من اصل المبلغ الاجمالي لدعم النازحين. والآن التوقعات اللبنانية، تشير الى ان المساعدات الدولية خلال المؤتمر ستكون شبيهة الى حد كبير بما قدمه المجتمع الدولي خلال السنتين الاخيرتين، اي ١,٥ مليار دولار. وهذه المساعدات سيطغى عليها الطابع الانساني، ولا تعطى للدولة اللبنانية، بل للنازحين مباشرة. وهي تغطي كلفة المعيشة من مأكل وطبابة، والتعليم والحاجات الملحة.
وسيشارك الاردن وتركيا في المؤتمر كونهما يستضيفان النازحين السوريين. وبالتالي، المؤتمر ليس مخصصاً للبنان فقط. وهو يشكل استجابة لحاجات السوريين في لبنان، والاردن، وتركيا وفي الداخل السوري ايضاً.
وستترأس المؤتمر الممثلة العليا للسياسة الخارجية والامن الاستراتيجي في الاتحاد الاوروبي فيديريكا موغريني. وينعقد المؤتمر على مستوى وزراء الخارجية لكن رئيس مجلس الوزراء اللبناني سعد الحريري سيشارك في المؤتمر.
اليوم الاول للمؤتمر، مخصص لمناقشة مواضيع محددة تعنى بأمور النازحين. اما اليوم الثاني فهو مخصص اكثر للوضع السياسي المحيط بأزمة النازحين السوريين وبالوضع المالي. وفي ما خص الوضع السياسي، ستتم مناقشة كيفية رؤية الدول لتطور الواقع السياسي في سوريا، وسيبدي كل طرف وجهة نظره بالامر. اما في ما خص المال، فستتم مناقشة حجم دعم كل هذه الدول للنازحين في الدول المضيفة لهم.
على ان لبنان وفي الجزء السياسي من النقاش، سيؤكد مجدداً على موقفه من ازمة النازحين الى أراضيه، حيث يقف الى جانب عودتهم الآمنة والكريمة، وضمن اطار الحل الذي ترسيه الامم المتحدة وبالتنسيق مع الدول الكبرى. هذا هو الموقف الرسمي اللبناني. وان لبنان سيشكر الدول على تعاونها واهتمامها. ولبنان دائماً يذكّر بالمشكلات الانسانية في العالم، واليمن مثلاً يواجه مشكلات انسانية، وهناك في العالم صراعات حول دول تواجه مثل هذه المشكلات، في حين ان هناك موارد محدودة تؤثر في المخصصات المالية للنواحي الانسانية.
وبالتالي، يشكل المؤتمر مناسبة للبنان لاعادة وضع مسألة النزوح السوري على جدول الاولويات الدولية، وسط ضخامة الازمات التي يواجهها العالم مالياً، وحيث يأمل لبنان دائماً ان لا تنسى الدول مساعدة لبنان، واستقراره. وضرورة السعي لحل موضوع النازحين السوريين فيه، والحصول على مساعدات لمواجهة لبنان مشكلة إيواء النازحين.
الاموال التي سترصد، ستتسلمها المنظمات الدولية، واخرى تتسلمها وزارة الصحة عبر المستشفيات الحكومية، واخرى الى وزارة التربية، وجزء آخر من اجل دعم المجتمعات التي تستقبلهم.
بالنسبة الى الاردن وتركيا، فان لديهما مساراً آخر من الدعم الاوروبي والدولي، في ما خص النازحين السوريين. وهما من الدول النشيطة في مجال متابعة مساعدات الدول لها. ولديهما مع الدول برامج ثنائية، وعبر الصندوق الاوروبي وعبر الامم المتحدة، وعبر منظمات غير حكومية تساعد النازحين مباشرةً.
مصادر ديبلوماسية لها الفضل في انشاء مجموعة الدعم الدولية للبنان، تقول ان الاموال التي ستخصص لمساعدة النازحين السوريين، يجب ان تكون في جزء منها: في انتظار عودتهم لكي لا يتحولوا الى عدائيين نتيجة الفقر والعوز. وفي الجزء الآخر، يفترض ان تكون تشجيعية للعودة، بحيث يتم الدفع في سوريا ولكل من يعود الى قريته في سوريا ومن اجل اعمار منزله، بدلاً من ان يبقى في الخيم في لبنان. اذ ان هناك مناطق باتت آمنة في سوريا ولا يجب الوقوف في وجه عودتهم ان ارادوا. كما انه يجب ان يتم ذلك بالتزامن مع احصاءات انجزها لبنان حول اوضاع النازحين على اراضيه واعمارهم، وقراهم وتوزيعهم وانتشارهم. وهذا كله يفترض ان يأتي في اطار خطة للحل الشامل لعودتهم ووضع لبنان تصوره لذلك وعرضه على المؤتمر، وفي كل مناسبة دولية. وبالتالي العنوان الاساسي هو كيفية تأمين عودتهم الآمنة الى سوريا. ومسألة مساعدتهم في سوريا تحفزّهم على العودة اليها لا سيما اذا كان هناك نوع من الاستقرار في مناطق معينة. وبالتالي، ان الرأي العام اللبناني يتوقع من لبنان التسويق دولياً لخطة معقولة لبرمجة عودتهم في ظل وجود مناطق آمنة هناك. وتتركز المناطق الآمنة على دمشق ومحيطها وحمص وحلب. ويمكن لجزء من السوريين الذين ليسوا في خطر في ظل النظام العودة الى بلادهم، ويجب اعطاؤهم حوافز لذلك، عبر المساعدة.
فمشكلة النازحين السوريين تختلف عن مشكلة اللاجئين الفلسطنيين. ومؤتمر بروكسل يختلف عن مؤتمري “سيدر” و”روما” بسبب وجوب وجود حل لمشكلة النازحين.
(جريدة المستقبل)