أكد الرئيس نجيب ميقاتي “أن المبالغ التي تم رصدها للبنان في مؤتمر سيدر عبارة عن قروض وضعت بناء على شروط معينة، أهمها شفافية الدولة اللبنانية، وانا كرجل دولة، لا أستطيع القول بالمطلق إنني ضد المؤتمر، لكنني أعتقد أنه لن يكون ذا مردود، لأن هناك شروطا تتعلق بأداء الحكومة وشفافيتها في تنفيذ المشاريع، وهذا غير متوافر في الوقت الحاضر”.
وشدد على “أننا نحن لا نشهر بأحد، ولا نشتم أحدا، لأن الشتائم ترتد على أصحابها، ولا نتبنى الكلام الطائفي والمذهبي وتحريك الغرائز، لأن ذلك ينتهي في ساعته، بل نكتفي بالفعل والعمل”.
وفي لقاء حواري نظمته “جامعة العزم” في حضور أعضاء “لائحة العزم”، قال ميقاتي: “نحن أمام استحقاق انتخابي يحتاج إلى تضافر جهودنا جميعا لاستعادة قرار طرابلس والشمال، المسلوب منذ فترة ليست قصيرة، وهو دائما مرتبط وملحق بمناطق أخرى، وبأشخاص تعنيهم طرابلس فقط في الانتخابات، أو لتكون صندوق بريد. لقد تحالقنا مرات عدة في الماضي من أجل وحدة الصف، ولكن وحدة طرابلس صارت ثابتة عندي، وهي الأولوية والأساس. من هنا، شكلنا “لائحة العزم”، من نسيج طرابلس والمنية والضنية، وهدفنا تشكيل كتلة طرابلسية فاعلة، وقادرة على الإنجاز. صوتكم مهم جدا، في السادس من أيار يوم مهم جدا، وأنا متأكد من وفائكم ومحبتكم. غايتنا ان نخدم البلد. اما غيرنا فيستعمل البلد وسيلة للوصول إلى غايته، نحن نعرف حدودنا، حدودنا أن تبقى طرابلس في القمة، وأظن أن هذا الطموح لا حدود له. وهذا لا يتحقق إلا بدعمكم، وعزمكم، لنكون جمينا سعداء بإذن الله”.
وردا على أسئلة الحضور، قال: “إن عمل كتلة العزم سيكون على مستويين، وطني وشمالي. فعلى المستوى الوطني ثوابتنا واضحة وهي التمسك بالدستور والطائف، وتطبيقه بحذافيره. أما في ما يتعلق بموضوع السلاح، فنحن من دعاة أن يكون السلاح في يد الدولة اللبنانية، ضمن استراتيجية دفاعية كاملة، عمادها الجيش .البعض يوجه الينا سهامه في موضوع العلاقة مع سوريا، أما أنا فأقول انا من شعار النأي بالنفس، ونحن ضد زج لبنان في صراعات المنطقة. كونوا فخورين، وتكلموا بكل فخر، ان الذي أمامكم هو الذي أسس للاستقرار وأرسى الأمن في البلاد، وكان الأكثر حرصا على دم الشهيد رفيق الحريري من خلال تامين استمرارية عمل المحكمة الدولية، وأسس لعلاقات عربية دولية سليمة للبنان، واحترم القرارات الدولية وحافظ على الاستقرار في لبنان بعد بداية الثورات العربية”.
وأضاف: “أما على المستوى الشمالي، فإن لدينا خطة لشمال قوي، فالشمال ليس صندوق بريد، وليس المطلوب منه فقط أن يكون ملحقا بكتل أكبر: طرابلس والشمال لطالما أعطيا لبنان، من دون أن يحصلا من الدولة على شيء. من هنا نقول إنه من يتفق معنا على العناوين التي ذكرناها ضمن كتلة شمالية، فأهلا وسهلا به، نضع يدنا بيده، ونقول: هذا ما نريده للشمال. فاليوم نحن نرى الكثير من القطاعات المهملة في الشمال، في ظل عدم وجود الإدارة الصحيحة لها، وهذا ما سنعمل عليه”.
وعن مؤتمر “سيدر” قال: “الدول المانحة ليست جمعيات خيرية، بل تفرض شروطا على الدول المعنية مراعاتها. وربما معظمكم لا يتذكر أنه عام 1979، عقد مؤتمر في بغداد، وتقرر حينها منح مبلغ 4 مليارات دولار للبنان، من دول الخليج، ومنذ ذلك الوقت والسؤال: أين هذا المبلغ؟ لم يصل منه شيء. وهكذا، فكل المؤتمرات اللاحقة، كانت ترصد مبالغ للبنان تقتصر على الوعود، رغم ان السعودية لم تكن مقصرة. أما بالنسبة لمؤتمر سيدر، فقد تغيرت تسميته ولم يسم باريس 5 لأن المؤتمرات السابقة لم تأت بنتيجة. أما المبالغ المقدمة من هذه الدول، فقد اقتصرت على القروض، ولم يتم تقديم هبات. وقد وضعت القروض بناء على شروط معينة، أهمها شفافية الدولة اللبنانية. لقد أشدت بالمؤتمر لأنني كرجل دولة، لا أستطيع القول بالمطلق بأنني ضده، ولكنني أعتقد أنه لن يكون ذا مردود، لأن هناك شروطا تتعلق بأداء الحكومة وشفافيتها في تنفيذ المشاريع،وهذا غير متوافر في الوقت الحاضر. وللمصادفة، فإنه في اليوم نفسه الذي أشدت فيه بالمؤتمر، كانت الحكومة منعقدة، وكانت هناك اتهامات متبادلة بين وزيرين بالسرقة، فيما رئيس الحكومة كان يحرص على عدم تسريب ذلك للإعلام، وهذا ما لا يشجع المجتمع الدولي على تصديق الإيفاء بتعهدات الحكومة اللبنانية، تمهيدا لتقديم التمويل”.
وعن الخطوات التنفيذية لبرنامج “لائحة العزم” قال: “هناك أمور كثيرة تتعلق بالشمال وبطرابلس، ولكن طرابلسيا بالذات، هناك ثلاثة أمور ينبغي العمل عليها، واثنان منها من المعيب طرحها أساسا، لأنها تأمنت في أصغر القرى على وجه الأرض، وهما معالجة موضوع النفايات وتأمين الكهرباء. فعلى صعيد النفايات، لا يخفى على أحد الروائح الكريهة في المدينة، ولكن هذه الروائح ليست شيئا أمام السموم التي تدخل أجسادنا، وهذا ستنتج عنه كوارث مستقبلا، لأن الفاتورة الصحية ستكون كبيرة، خصوصا وان لدينا سبع إصابات شهرية بالسرطان في طرابلس. وفي اجتماعنا الأخير مع المعنيين، تبين عدم وجود إدارة مسؤولة لحل هذه المسألة، بغياب وجود استشاري لمراقبة الأعمال. أما على مستوى الكهرياء، فمن غير المقبول أن تبقى الكهرباء غائبة عن طرابلس، وتعلمون أنني تقدمت بمشروع، ولكن تم توقيفه لأسباب سياسية. ولكنني سأطلق الصرخة وأقول: “لا توقفوا المشروع عندي، فمن لديه القدرة فليقم به، والمهم عندي أن تؤمن الكهرباء”. أما الموضوع الثالث فهو إيجاد مناخ استثماري يساهم في تأمين فرص العمل، بما يتضمنه من إيجاد التشريعات اللازمة لتحفيز المستثمر، من تأمين قروض ميسرة وطويلة المدى، وذلك من خلال مؤسسة تشجيع الاستثمار، إضافة إلى إعفاءات ضريبية طويلة المدى وتشجيع التصدير،كل ذلك يساهم في إيجاد فرص العمل، وهذا ما سنسعى إلى إقرار التشريعات المناسبة له”.
“شباب العزم”
وفي لقاء مع “شباب العزم”، قال ميقاتي: “ما يجمعنا اليوم مختلف عن كل الاجتماعات السابقة، فهو يعطي القوة التي لا حدود لها، والسبب شعوري بهذه القدرة الشبابية التي يمكنها أن تحمل المشعل وتمضي. نحن نزرع اليوم، ولكن الحصاد لكم، وبيدكم أن تحفظوا مبادئ العزم وتياره، التي يثبت يوما بعد يوم، أنه الخيار الصحيح. نحن لا نشهر بأحد، ولا نشتم أحدا، لأن التشهير والشتائم ترتد على أصحابها. لا نتبنى الكلام الطائفي والمذهبي وتحريك الغرائز، لأن ذلك ينتهي في ساعته. نحن نكتفي بالفعل والعمل، سيتحقق بإذن الله بوجودكم ودعمكم. أنتم القوة الحقيقية التغييرية، التي ستقوم بهذه الأعمال. نادينا بكتلة طرابلسية شمالية بكل معنى الكلمة، فقامت قيامتهم لأنهم يريدون ان تبقى طرابلس والشمال وسيلة لتحقيق غاياتهم.
وعن التنافس على الصوت التفضيلي قال” نحن اللائحة الوحيدة في لبنان، التي لا صراع بين أعضائها على ذلك، لأن جميعنا نشبه بعضنا، ونتنافس في الخدمة العامة. نحن على الموعد معكم لتختاروا من ترونه مناسبا”.
أعضاء “لائحة العزم”
وقال المرشح توفيق سلطان: “الاتكال عليكم، وانتم المستقبل. لا تستسلموا، ولا تحبطوا، لأن إمكانات بلدكم كبيرة، وبوجود الرئيس ميقاتي وقدراته، من الممكن أن تتفاءلوا بتأمين استنهاض اقتصادي وفرص عمل. لا تيأسوا، فليس ضروريا لكل من تعلم أن يهاجر، لا تهاجروا ولا تتركوا بلادكم. وما ترشحي لهذه الدورة الانتخابية، إلا محاولة لوقف المسار الانحداري في طرابلس، والعمل على استعادة المدينة لقرارها السياسي، بكتلة فاعلة قادرة على تحصيل حقوق طرابلس، وهذا لن يحصل إلا بمساعدتكم”.
وتلته الدكتورة ميرفت الهوز: “إن شباب العزم يعطون الأمل بالمشاريع المستقبلية، ونحن بنينا الأمل على قدرتكم على التغيير السلمي. نحن أصحاب قرارات، ونحن المتعلمون، الحل بأيدينا، بأيديكم انتم ، وبيدكم ان تقولوا في السادس من أيار، هذا قرارنا، وهذه رغبتنا بالتغيير. كفانا تهميشا، وعلينا أن نوجد الحل المناسب والأفضل لمدينتنا التي تستحق الأفضل”.
وأعقبها الدكتور رشيد المقدم: “على مسافة أيام من الاستحقاق الانتخابي، نجدد التذكير أن نهج الرئيس نجيب ميقاتي الوسطي البعيد عن المحاور، قد جنب البلد الكثير من المخاطر، وهذا يؤكد صوابية القرار وبعد النظر السياسي عنده. وكلنا يعرف ما يقدمه الرئيس ميقاتي من خدمات ومساعدات لطرابلس من خلال مؤسسات “العزم”، على مر السنوات دون انقطاع، ليخفف من تقاعس الدولة تجاه المدينة. لدينا اليوم حلم ليس صعب التحقيق، بل بيدكم ان تحققوه. إن نزولكم يوم السادس من أيار بكثافة إلى صناديق الاقتراع، منذ ساعات الصباح الأولى، سيغير هذا الواقع البشع الذي نعيشه. في المقابل، فإن عدم المشاركة بالعملية الانتخابية، سيقودنا إلى وضع أسوأ مما نحن فيه. كونوا القوة الحقيقية التي ستغير الوضع، وبقدر ما نصوت بكثافة، فإن التغيير سيكون أكبر نحو غد أفضل لنا ولأبنائنا. نعدكم بأننا سنكون الصوت المدوي للمطالبة بحقوق طرابلس على الدولة”.
من جهته قال الوزير السابق نقولا نحاس: “أيها العزميون، أيها الشباب، انتم ستكونون الخطوة الأساسية والأولى للتغيير، وأنتم مدعوون لتكونوا الحاضنة الأولى للتغيير. لأول مرة في لبنان تقوم كتلة سياسية قادرة على أن تكون نواة التغيير، لأن الشباب هم الأقدر على حمل هذا اللواء. كفانا ثلاثين عاما من الكلام، دون أن يتغير شيء. فإذا كان المستقبل سيتغير، فلأجلكم أنتم. أنتم الذين يجب أن تكونوا النواة الصلبة والصعبة لهذا التغيير. عليكم المسؤولية أن تحملوا المشعل مع الرئيس ميقاتي، ومع “كتلة العزم”، من أجل بداية هذا المشوار من جديد. لأن هذا المشوار لن ينتهي: معكم سوف ننتفض، ومعكم سنحقق النصر، ومعكم سنحمل لواء التغيير، لأن طرابلس ولبنان لا يتحملان المزيد من الفساد، ولا الهدر، ولا الوعود الكاذبة. ثلاثون عاما من التسويف والوعود، من دون أن تجد لها رصيدا على أرض الواقع، بل التراجع مستمر. باسمكم، ومع الرئيس ميقاتي نقول: إن السادس من أيار هو بداية التغيير في لبنان، انتفضوا أيها الشباب، فقد حان الوقت”.
لقاء شعبي
وفي لقاء شعبي لأعضاء “لائحة العزم”، شارك فيه ميقاتي، الوزير السابق جان عبيد، والمرشحان توفيق سلطان والدكتور محمد نديم الجسر، قال ميقاتي: “نحن لن نطلق الوعود، بل قدمنا خطة للمشاريع التي ننوي القيم بها في مهرجان إعلان اللائحة، ولكن هناك ثلاثة أمور ملحة هي النفايات والكهرباء وكيفية تأمين فرص جديدة، وهذا لا يتحقق إلا بإيجاد مناخ استثماري يعطي تشجيعا للاستثمار في مناطق الشمال، بحيث تنال المشاريع التي تشغل يدا عاملة كبيرة، حوافز متعلقة إما بتمويل ميسر، أو إعفاءات ضريبية لسنوات، أو مساعدات على مستوى التصدير، وهذا ما من شأنه وضع الشمال كنقطة ارتكاز اقتصادي”.
وتحدث عدد من أعضاء “لائحة العزم”، فقال الدكتور محمد الجسر: “العلة الأساسية في لبنان هي الطائفية المتحالفة مع الفساد، الأمر الذي يؤدي إلى هدر المال العام، وبالتالي إلى إفلاس الدولة. إن أول عمل تشريعي ينبغي العمل عليه بقيادة الرئيس ميقاتي، هو تطبيق مقدمة الدستور لجهة إنشاء مجلس نيابي خارج القيد الطائفي، تزامنا مع إنشاء مجلس شيوخ للمحافظة على حقوق الطوائف”.
وقال الوزير السابق جان عبيد: “طموحنا ان نصل إلى وضع لبنان على سكة النظام الديموقراطي السليم، الذي يضم معارضة وسلطة، ويتضمن إمكانية لتداول السلطة، ولكن ذلك ليس بمقدور عدد محدود من النواب. يبقى أمر أساسي، فإن لبنان مزيج من التنازع التاريخي الذي أثر في إنشاء النظام، ومن عدم قدرة النظام على تطوير نفسه. نحن مدعوين لنعمل لا كعمل فردي، أو ككتلة نيابية صغيرة، بل هو عمل أكبر بكثير”.
وتلاه سلطان: “علينا ان نبذل مجهودنا الذاتي، ولا نتكل كليا على الدولة. الرئيس ميقاتي أسس “جمعية العزم والسعادة الاجتماعية” بجهد متواضع، ليطور خدماته الاجتماعية بشكل ملموس. صحيح انه غير قادر على الحلول محل الدولة، ولكنه تمكن من سد فراغ ما. من الضروري أن لا نتكل اتكالا كليا على الدولة، وأن نعي ان ثقافة إحراق الدواليب وقطع الطرقات لا تبني وطنا. علينا ان نعمل، خاصة وانه لدينا الإمكانات والرافعة المناسبة: فمن دون رفيق الحريري لم يكن شيء ليبصر النور في بيروت، وانا أقول إن عمود المدينة هو نجيب ميقاتي، ومن أراد هدم مدينة، يهدم أعمدتها”.