كما كان متوقعا، توج فريق بايرن ميونيخ بالدوري الألماني للمرة الـ28 في تاريخه، فيما عجزت باقي أندية “البوندسليغا” عن وضع حد لسيطرة النادي البافاري على اللقب المحلي. خمسة عوامل تُكرس هيمنة البايرن على الدوري الألماني.
*
قبل خمس جولات على نهاية البطولة، تُوج فريق بايرن ميونيخ رسمياً السبت 7 نيسان 2018 بلقب الدوري الألماني لكرة القدم (بوندسليغا) للمرة السادسة على التوالي والـ28 في تاريخيه، وذلك بعد فوزه على فريق أوغسبورغ بنتيجة 4-1، في الجولة 29 من البطولة. وفيما يلي خمسة عوامل تُعزز سيطرة الفريق وإحكام قبضته على الدوري الألماني “البوندسليغا”.
جودة اللاعبين
يمتلك فريق بايرن ميونيخ تشكيلة مرصعة بالنجوم لا تتوفر لدى باقي الفرق الألمانية: ماتس هوملس، جيروم بواتينغ، يوسوا كيميش…، بالإضافة إلى لاعبين يغيبون عن المستطيل الأخضر من مدة طويلة، بسبب الإصابة على غرار مانويل نوير، نيكلاس زوله، ساندرو فاغنر وسيباستيان روده، إذ يلعب نصف لاعبي فريق بايرن ميونيخ في المنتخب الألماني، علاوة على ذلك فإن الفريق البافاري يعج بنجوم غير عاديين، مثل روبرت ليفاندوفسكي، آريين روبن، فرانك ريبيري، ديفيد ألابا، تياغو الكانترا، خافير مارتينيز، خاميس رودريغيز، كورينتين توليسو، آرتورو فيدال وكينغسلي كومان. وهذا ما يجعل منافسة فريق بايرن ميونيخ أمراً بالغ الصعوبة.
كما أن الفريق البافاري لا يتأثر في حال تعرض لاعب ما إلى الإصابة، حيث يمتلك بدائل مناسبة في دكة بدلاء الفريق، فضلا عن ذلك، يقود الفريق مدرب مخضرم اسمه يوب هاينكيس، الذي يقود هذا الموسم مجموعة من اللاعبين النجوم بطريقة هادئة نحو النجاح.
الإمكانيات المالية
تواجد لاعبين على أعلى مستوى في فريق بايرن ميونيخ مُرتبط أيضا بإمكانيات النادي المادية. إذ يستطيع الفريق البافاري دفع رواتب مختلفة عن باقي فرق الدوري الألماني. وحقق بايرن ميونيخ في السنة المالية 2017/2016 مبيعات قياسية بلغت 640.5 مليون يورو، أي بفارق كبير عن نادي بوروسيا دورتموند، الذي حل في المرتبة الثانية بـ 405.7 مليون يورو. أما أرباح الفريق البافاري بعد استقطاع الضرائب، فقد بلغت 39.2 مليون يورو، وهو أيضا رقم قياسي.
وتمنح المبيعات والأموال المُحصل عليها من مسابقة دوري أبطال وحقوق البث التلفزيوني، نادي بايرن ميونيخ نقطة تفوق أخرى على باقي أندية “البوندسليغا”، إذ تُمَكِّن هذه القدرات المالية الفريق البافاري من إقناع لاعبين أجانب وألمان بحمل قميص نادي بايرين ميونيخ. يُضاف إلى ذلك، أن النادي البافاري يفوز بشكل منتظم بالدوري الألماني ومسابقة كأس ألمانيا، وفي بعض الأحيان مسابقة دوري أبطال أوروبا ( آخر مرة سنة 2013)، وهذا ما يجعل كل لاعب يُفضل التتويج بالألقاب اللعب في فريق بايرن ميونيخ، عوضاً عن فريق بوروسيا دورتموند أو شالكه أو لايبزيغ أو ليفركوزن.
ثبات المستوى
“الخسارة أمام بايرن ميونيخ مسألة ممكنة”، عبارة يتم سماعها من قبل لاعبين ومدربين تجرعوا مرارة الهزيمة أمام الفريق البافاري. فالكثير من الأندية الألمانية تلعب بحماس كبير أمام بايرن ميونيخ، وتُدافع بنجاح لفترة طويلة، بيد أنه بمجرد تلقي شباكها لهدف واحد في مواجهة بايرن ميونيخ، تضعف مقاومتها قليلا حتى ولو بشكل لا شعوري.
مدربون كبار أُجبِروا على مغادرة سفينة بايرن ميونيخ
من جهة أخرى، يعرف الفريق البافاري أنه قادر دائما على هز الشباك، وتحقيق النصر بغض النظر عن طريقة لعبه. زيادة على ذلك، بالكاد يتجرع بايرن ميونيخ مرارة الهزيمة أمام الفرق الضعيفة، على حكس ما يحدث مع باقي أندية المُقدمة. فمنذ بداية موسم 2013/2012 فاز الفريق البافاري بحوالي 80% من أصل 200 مباراة في الدوري الألماني، وتعرض للخسارة في أقل من 10% من المباريات. في حين حقق فريق بوروسيا دورتموند، منافس بايرن المباشر، في نفس الفترة الزمنية 55% من الانتصارات مقابل 21% من الهزائم. وتثبت الأرقام أنه يُمكن التغلب على الفريق البافاري في مباراة واحدة، لكن ليس على مدار الموسم بأكمله. والخلاصة هي أن بطل ألمانيا هو فقط نادي بايرن ميونيخ.
عقلية الفوز
وعي الفريق البافاري بقوته له علاقة بمبدأ النادي “ميا سان ميا”، (نحن من نحن)، والتي تعني نحن الأفضل، إذ يستنشق كل لاعب يلعب في النادي هذا المبدأ بشكل يومي، لأن اللاعبين الآخرين والمدربين وإدارة النادي ساروا على هذا التقليد وعاشوه. فكل لاعب يحمل قميص النادي البافاري يجب أن يُثبت نفسه، أما إذا فشل في ذلك، فيكون الابتعاد عن النادي مصيره. وهناك أمثلة كثيرة عن لاعبين يمتلكون إمكانيات كروية كبيرة، غير أنهم لم يستطيعوا إثبات علو كعبهم مع الفريق البافاري: تورستين فرينغس، لوكاس بودولسكي، ماريو غوتزه وغيرهم. ومن جهة أخرى، يعني هذا أن اللاعبين الذين يحملون قميص النادي الألماني العملاق نجحوا في في عملية الاختيار الصعبة، ويمتلكون القدرة على الإجادة والتفوق.
استطاع يوب هاينكيس إعادة قطار بايرن ميونيخ إلى سكته الصحيحة..
الخبرة
يعرف فريق بايرن ميونيخ كيفية الفوز بالألقاب، ويستفيد من هذه الميزة من أجل تحقيق ألقاب جديدة. أما بالنسبة للفرق الأخرى، التي تكون في مقدمة ترتيب الدوري، فإنها لا تمتلك قدرة ذهنية كبيرة على غرار البايرن وتبدأ في طرح الأسئلة: هل يمكننا حقا النجاح؟ هل نحن جيدون بما فيه الكفاية للتتويج بلقب الدوري الألماني؟. وهذا ما يُقوض من أداء الفريق ويؤثر على نتائجه، فكلما لم يفز فريق ما بلقب الدوري الألماني منذ مدة طويلة، ارتفعت التوقعات وزاد خطر الوقوع في هذه “المصيدة النفسية”. وأفضل مثال على ذلك فريق بايرن ليفركوزن ( لم يُتوج بالدوري ولو مرة واحدة) و فريق شالكه ( أخر لقب سنة 1958). أما بالنسبة لفريق بايرن ميونيخ فلا مكان لهذه الأفكار في قاموسه، إذ أصبح تتويج الفريق البافاري بلقب الدوري الألماني أمراً عادياً.
DW