إفتتح وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل مؤتمر الطاقة الاغترابية – أوروبا في The Westin Paris-Vendome في باريس، في حضور رئيس الحكومة سعد الحريري، وزير الطاقة والمياه سيزار أبي خليل، وزير الاقتصاد والمال الفرنسي برونو لومير، مستشار رئيس الجمهورية للشؤون الخارجية إلياس بو صعب، رئيس مجلس إدارة شركة رينو- نيسان كارلوس غصن، رئيس مجلس إدارة بنك بيروت سليم صفير وعدد من الشخصيات السياسية، الديبلوماسية، الاقتصادية، القانونية، الثقافية والدينية وأطباء ومهندسين، إضافة إلى عدد كبير من رجال الأعمال وحشد من أبناء الحالية اللبنانية في أوروبا.
تكلم في الجلسة الافتتاحية الحريري وباسيل ولومير وغصن وصفير.
باسيل
وقال باسيل في كلمته: “إننا نلتقي بكم اليوم في مؤتمر الطاقة الإغترابية الأول لقارة أوروبا والثاني عشر في العالم، بعد مشاركتنا البارحة في مؤتمر “سيدر” لدعم الإقتصاد اللبناني، لكي نحمي ما تبقى من لبنانيين في لبنان ونمنع عنهم الهجرة إلى أصقاع الأرض (مؤتمر أثبت أن لبنان إستعاد ليس فقط ثقته بذاته بل إستعاد ثقة العالم به). هجرة إستنزفت طاقاتنا الشبابية وأفرغت لبنان من أبنائه الأصليين، ليتجرأ البعض بطرح إستبدال اللبنانيين بتوطين لاجئين من هنا وإدماج نازحين من هناك، ونحن بالمقابل نتجرأ بكل لبنانية على جمع اللبنانيين في الخارج وربطهم ببعضهم وبلبنان ونتجرأ على إعادتهم الى وطنهم جسدا، فكرا وروحا/ جنسية، لغة وإقتصادا/ إنتخابا أو سياحة/ زيارة أو إقامة دائمة، لا هم كيف، المهم أن تعودوا الى لبنانيتكم لينتصر لبناننا على أحاديتهم، وليكون لبنان وطنا نهائيا لكل أبنائه، لا تفرقة فيه بين مقيم ومقيم وبين مقيم ومنتشر سوى مدى إيمانه وإرتباطه بلبنان أولا وأخيرا”.
أضاف: “يستكتر البعض علينا حتى أن نلتقي في مؤتمر نموله نحن من دون أي عبء على خزينة الدولة، ونحن نتخطى بلقائنا أي حزبية أو طائفية أو مناطقية، ونعلو إلى مستوى اللبنانية LIBANITY LIBANITE، رابطة إنتمائنا التي هي فوق أي إنتماء آخر. يستكترون علينا كثرة الزيارات واللقاءات ونستقللها لعلمنا بمدى تقصيرنا تجاهكم. يستكترون عليكم قانون إستعادة الجنسية ونستقلل نحن أعداد الممنوحين إياها، فنطلب تعديل القوانين وتسهيل الإجراءات. يستكترون عليكم حق الإقتراع، ويستعظمون أعداد المسجلين ونستقلل نحن أعدادهم ونطلب تمديد المهلة للتسجيل فيرفضون. يستكترون علينا إعطاء القروض المنخفضة الفوائد للمنتشرين ونستقلل أعداد المستفيدين فيفرحون. يستكترون علينا نواب انتشار ونستقلل أعدادهم فنطالب بزيادتهم فيؤجلون. يستكترون علينا جواز السفر الخاص بالإقتراع بألف ليرة لبنانية، ونستقلل مدة وحجم الممنوحين. يستكترون عليكم حقوقكم لتكونوا لبنانيين كاملي المواصفات ونستقلل عليكم ما إستعدتموه ونعاهدكم العمل لكي لا ينقصكم شيء من حقوق فتنتقص لبنانيتكم، بل نريدها زيادة تعويضا لما فاتكم”.
وتابع: “أزعجهم اليوم أن لا وصاية على الإنتشار، فأنتم أحرار بجامعتكم أو تجمعكم ولا وصاية عليكم من وزارة أو مديرية بل أنتم أوصياء على لبنانيتكم وعلى إنتشاركم. أزعجهم اليوم أن لا وصاية على صوتكم فأنتم أحرار بالإقتراع في الخارج متحررين من عوامل وضغوط الداخل. أزعجهم اليوم أن طاقاتكم لا تسخر لأحد وأن إنتشاركم لا حدود له سوى العالم ولا حصر له في قارة أو فريق. أيها اللبنانيون، إلى أوروبا وباريس أرض التنور، حزم اللبناني أمتعته وأتى حاملا معه أحلامه لحياة أرقى، فكم من لبناني لم يجد فسحة لإبداعه في أرضه فكانت باريس بارقة أمل لتألقه. كم منكم باع والده أرضا أو رهن عقارا أو إستدان مالا ليرسل إبنته أو إبنه للتخصص في جامعات هذه القارة، على أمل أن يحقق عبره ما لم يستطع تحقيقه هو من نجاح. كم قصة نجاح لدينا هنا لنستمع إليها، كم من الأحلام قد تحقق ومن الآمال قد عرف اليقين، كم من أم تحملت فراق أبنائها، وكم من طالب عاش في غرفة وسهر الليالي وعاند الحياة وتحدى واقعه الإجتماعي ورفض الإستسلام. إني أرى أمامي الكثير من هؤلاء، ويمكنني أن أقول لكم أن وطنكم يعتز بكل واحد منكم تماما كإعتزاز كل أم من أمهاتكم. فأنتم الثروة الحقيقية ولا يمكن لأحد بعد الآن أن يمنعنا عنكم أو أن يمنعكم عنا، إنتهى زمن الغربة عن لبنان وحل زمن الإنتشار بإسم لبنان”.
وقال: “علاقة لبنان بأوروبا علاقة تاريخية، فلبنان هو الحديقة الخلفية لأوروبا ومعبرها الى الشرق وأوروبا هي الحديقة الأمامية للبنان والمدخل له إلى الغرب. وقد إستقبلت توسكانا الأمير فخر الدين ومن ساحاتها إستوحى فن العمارة ونقله الى لبنان. وكانت فرنسا الأم الحنون التي إحتضنت الآلاف منا وحضنت مؤسسات لبنان. وكانت إنكلترا التي ما عادت تخص جزءا من اللبنانيين بل أصبحت تخصص لهم جميعا فرص النجاح المالي. وكانت ألمانيا التي أصبحت الملاذ الآمن لآلاف الهاربين من ويلات الميليشيات والإجتياحات. وكانت إسبانيا حب الحياة ومرسى الفينيقيين الذين أسسوا برشلونة. وكانت اوروبا الشرقية التي قاومت الهيمنات الأيديولوجية وإستقبلت طالبي العلم. وكانت اليونان وقبرص الإغريقيتان الجارتين اللتين لم نتحارب معهما يوما بل نعمل جاهدين معا للبناء والتطور. وكانت بلجيكا عاصمة الإتحاد ورمز التعددية منها إنطلقت الوحدة الأوروبية لتحقيق التوازن العالمي. وكانت سويسرا التي نحن طامحين لإعادة مجدها وإزدهارها إلى لبنان ليكون سويسرا الشرق مجددا”.
أضاف: “نحن هنا اليوم بعيدا عن الهموم، في هم لبناني واحد وفي عرس لبناني جامع، لبنان الصيغة التي وضعها آباء الجمهورية والتي ناضلنا من أجل الحفاظ عليها، لبنان الرسالة التي أكد عليها يوما ذاك الطوباوي البولوني الذي حرر أوروبا من نير الطغيان بالمحبة والتسامح فقط. هذا هو دورنا في هذا الشرق المعقد أيديولوجيا أن نكون الرسالة، أن نكون المثال في التعايش، متآخين متساوين ومتناصفين، باقة من الزهر منسقة بحكمة إله سماوي، فإذا غاب لون عن الباقة فقدت بريقها وخف وهجها، لذلك نحن اليوم نبحث عن كل وردة منكم لتكتمل ألوان الباقة ونحافظ على لبنان الذي لا يعود لبنان من دون كل ألوانه. حافظوا على لبنانيتكم أينما كنتم وعلموها لأولادكم من بعدكم، فيكبرون لبنانيين أولا مندمجين حيث هم ثانيا. وحيث هم نقول لهم: عيش لبناني وإشرب لبناني وكول لبناني وسهار عاللبناني ونجاح متل اللبناني وكون سفير للبنان وين ما نوجدت ورفاع إسم لبنان بالعالي. حافظوا على لبنان في وجدانكم، ولا تنسوا أصلكم وافتخروا بلبنانيتكم كما نحن نفتخر بكم وكونوا على ثقة أننا سوف نلهث وراء حقوقكم وسوف نطاردكم حتى آخر نقطة من هذه المعمورة لنربطكم مع وطنكم الأم. فأنتم الغاية الأسمى لوزارتنا، ولا وطن من دونكم ولا هوية إلا معكم ولا إنتماء إلا بكم”.
وختم: “أيها المنتشرون، نحن نستعمل معكم الدبلوماسية الإنتشارية وهي دبلوماسية فعالة نقالة في الزيارات ومؤتمرات الطاقة حيث نحن نذهب إليكم وأنتم تأتون إلينا مرة في السنة، وهذه السنة في 10، 11 و12 أيار لإحياء العيد الخامس للطاقة الإغترابية، هذه الطاقة التي أظهرت أن قوة الإنتشار اللبناني لا تخاف بل تخيف، حيث قال أحد الإسرائيليين: “أخاف وشوشة الإنتشار اللبناني أكثر مما أخاف قرقعة سلاح جميع الجيوش العربية متحدة”، لأصحاب هذه القوة نقول: نحن لن نقبل بعد اليوم بنعتكم بالمغتربين فأنتم لبنانيون منتشرون في العالم وأعلمكم أنني أعددت مشروع قانون لتعديل تسمية وزارة الخارجية والمغتربين لتصبح “وزارة الخارجية والمنتشرين والتعاون الدولي” وذلك للتأكيد على هويتكم اللبنانية وعلى إنتشاركم من خلالها وليس إغترابكم عنها، أنتم لبنانيون لبنانيون لبنانيون فمارسوا حقوقكم والتزموا بواجباتكم وتشبثوا بهويتكم، لبنان ينتظركم فاتحا يديه فهلموا اليه. اليوم أنتم مدعوون لأول مرة في تاريخ لبنان للمشاركة في الإنتخابات النيابية العامة وبرسم مصير البلد. أصبح حقكم أن تصوتوا وأضحى واجبكم أن تصوتوا لكي لا تخسروا هذا الحق بعدم ممارسته ولا تخسروا لبنانيتكم بعدم العيش فيها. صوتوا لمن تريدون ولكن صوتوا، لمن تسجل في الخارج، صوتوا بكثافة في الخارج ولمن لم يتسجل إذهبوا الى لبنان وصوتوا بكثافة هناك، لأن تصويتكم الكثيف باب لتحصيل المزيد من حقوقكم، وعدم تصويتكم هو وصفة لخسارة ما قد تحقق. وأنتم الناخبون غير المقيمين في لبنان لستم بإنعزاليين ولا يجب أن تكونوا، أو أن يفرض أحد عليكم ان تكونوا. كيف تختارون برنامج فريق أو مرشح إذا إنعزلتم عن أي تواصل معه، وعلى الماكينات الإنتخابية العمل ليل نهار للتواصل مع الناخبين، والمرشح الذي لا يتواصل معكم بأي وسيلة ويتهم غيره بالتواصل معكم لا يستحق صوتكم وهو يريد إفشال هذه العملية بالتأثير السلبي عليها بعدما بدأت تعيد لكم حقوقكم وتعيد للبنان توازنه. قوموا بواجبكم وإقترعوا وأثبتوا أنكم لبنانيون في كل المناسبات والأوقات”.
الحريري
وشدد الحريري في كلمته، على “ضرورة التفاف اللبنانيين حول دولتهم والعمل على كل ما يحفظ الوطن من المخاطر”، وقال: “علينا أن نغير من طريقة التعاطي السابقة مع المنتشرين اللبنانيين في العالم، وأن نعمل ما في وسعنا لأن يكون التواصل في ما بيننا يرتكز على الشعور الوطني واهتمام الدولة بالمنتشرين أينما كانوا”.
أضاف: “أولا، أود أن أشكر الوزير جبران باسيل وكل من يعمل بمشروع الطاقة الاغترابية، لان جمع اللبنانيين من الامور المهمة التي يجب ان نقوم بها كحكومة ودولة. لطالما كانت الفكرة الاساسية حيال المغتربين اللبنانيين في الماضي هي كيفية الاستفادة منهم ماليا فقط ونقطة على السطر، وهذا اكبر خطأ لان التواصل بينهم وبين بلدهم الام هو الاهم. هذا التواصل يجب ان يكون مبنيا على الشعور الوطني بان هذا اللبناني ينتمي الى بلده، وان بلده يهتم به اينما كان، وفي حال حدث اي امر طارىء لا سمح الله، فعلى الدولة ان تساعد اللبناني وليس اي احد آخر”.
وتابع: “يسرني اليوم انني اتحدث بعد مؤتمر “سيدر”، هذا المؤتمر الذي اعددنا له جميعا. صحيح انني انا عملت عليه، ولكن لا استطيع ان انكر ان فخامة الرئيس ميشال عون ودولة الرئيس نبيه بري ايضا عملا من أجله، فجميعنا عمل ليل نهار لتحقيق هذا المؤتمر الحيوي للبنان ولاقتصاده ولتغيير طريقة عملنا. لا يمكن للبنان ان يستمر بطريقة العمل الحالية، ومن المستحيل ان نستمر من دون اصلاحات وبقوانين تجارية تعود الى الخمسينات والستينات من القرن الماضي. علينا ان نحدث قوانيننا بما يتلائم مع متغيرات الزمن، فمثلا عندنا في الجمهورية اللبنانية لا يوجد في النص القانوني وجود للكمبيوتر إذ ما زلنا نعتمد على الداكتيلو. يجب ان نغير كل هذه الامور، ونعمل جديا بعد الانتخابات لتغيير طريقة عملنا ايضا، وكما قال معالي وزير المال الفرنسي برونو لو مير، عن ان فرنسا لا يمكنها ان تستمر كما هي عليه، كذلك نحن لا يمكن ان نستمر من دون اتخاذ قرارات شجاعة كما في فرنسا. علينا ان نأخذ قرارات شجاعة بتغيير طريقة العمل. نحن نتكلم عن ضرورة خلق فرص عمل ولكن ماذا نفعل من اجل ذلك؟ بل على العكس نستمر في التوظيف في الدولة التي ليست هي الاساس في عملية التوظيف، بل القطاع الخاص. جميعنا يعلم ان الاصلاح الحقيقي ومحاربة الفساد هو ما يؤمن فعلا فرص العمل”.
وأردف: “بالنسبة إلى مؤتمر “سيدر”، أشكر لفرنسا ورئيسها ايمانويل ماكرون العمل الدؤوب الذي قاموا به معنا، وكان التزامه في هذا المشروع كبيرا جدا واستطعنا ان نحصل المبالغ التي حصلناها أمس، ولكن الاهم بالنسبة إلي في هذا المؤتمر هو الاصلاح ثم الاصلاح ثم الاصلاح. نحن بالتأكيد لا يمكننا ان نستمر بالطريقة نفسها التي نعمل فيها حاليا، وهذا الموضوع يتطلب منا اتخاذ قرارات جريئة لكي نحسن طريقة العمل في البلد. يجب الا ننتظر في كل مرة الوصول الى مشكلة او انهيار اقتصادي ومن ثم نطلب اموالا من الدول. يجب أن نقوم بإصلاحات ومن ثم اذا كانت هناك فعلا أزمة اقتصادية خارجة من سيطرتنا، عندئذ نطلب عقد مؤتمرات. ما يحصل في لبنان اليوم خير دليل على ذلك. صحيح ان هناك مليون ونصف مليون نازح سوري في لبنان، ولكن لو كانت هناك اصلاحات من قبل، اؤكد لكم ان التأثير اقل بكثير مما هو عليه اليوم. ولو كانت لدينا كهرباء 24 على 24 ساعة وتعرفة مناسبة واتصالات وطرقات أفضل، لكانت الامور افضل، ولم نكن لنقع بهذه المصيبة”.
وقال: “بالتأكيد ان مصيبة النازحين كبيرة جدا وكلفت لبنان لغاية الآن بحسب البنك الدولي لغاية العام 2015، حوالى 18 مليار دولار، ولكن لو كنا أجرينا هذه الاصلاحات، فان تأثير ذلك علينا كان اقل مما هو عليه اليوم. نحن كلبنانيين يجب ان نقوم بالاصلاحات اللازمة، وانتم كمنتشرين كما قال الوزير جبران باسيل وأنا أوافقه الرأي لانكم فعلا القوة الاساسية وسلاحنا السري كما يقال، يجب ان تبقوا موحدين، ولكن مشكلتنا في لبنان اننا نفرق فيما بيننا ولا شك في ان الخلافات السياسية في البلد ستستمر، ولكن يجب عليكم انتم ان تبقوا موحدين الى جانب لبنان. الخلافات السياسية يجب ألا يكون لديها أي تأثير على ما تقومون به انتم من اجل لبنان. ومن هذا المنطلق قد يكون لغيرنا انتشار أقوى ولكن الانتشار اللبناني أقوى بمليون مرة من اي انتشار في العالم وهذا فعل ايمان وحقيقة”.
أضاف: “يجب ان نخرج من الحزبيات والطائفية والمذهبية وكل هذه الامور لان كل ذلك “لا يطعم خبزا”. ما يحمي لبنان هو ان يبقى هذا البلد اولا، ويبقى لبنان هدفكم. وانتم يمكنكم ان تجبرونا على القيام بالاصلاحات، ويجب ان تحثونا وتهددونا بالاصلاح، إذ يجب علينا ان نحسن اداءنا، ولنفعل ذلك يجب ان نشعر بأن هناك من يقف وراءنا وهذه هي طبيعة السياسة بأي حال. دائما نبحث عن ايجاد اصوات من هنا وهناك، لذا عليكم ان تشترطوا علينا وتقولوا لنا، اذا اردتم اصواتنا عليكم القيام بالاصلاحات اولا، والا لن نمنحكم اصواتنا، واذا لم أقم أنا بالاصلاح فلا تصوتوا لي، وانا جدي في هذا الكلام”.
وتابع: “أود أن أجدد شكري لفرنسا ولوزير المال السيد لو مير والرئيس ايمانويل ماكرون على انعقاد مؤتمر “سيدر” وعلى عمق هذه الصداقة والاخوة الحقيقية التي بدأت منذ زمن بعيد واستثمرها الوالد الرئيس الشهيد رفيق الحريري مع الرئيس الفرنسي السابق جاك شيراك، ورأينا كم ان هذه العلاقة كانت لمصلحة لبنان وفرنسا معا. واليوم ترون ان الرئيس ماكرون ونحن نكمل هذه المسيرة، لما فيه مصلحة البلدين. أنا أفتخر بأشخاص مثل كارلوس غصن رفعوا رأس واسم لبنان عاليا في كل العالم، والسبب في نجاح كارلوس غصن هو أنه عمل وأصلح، فقد تسلم شركة كانت تعاني من مشاكل، ونحن لدينا بلد فيه مشاكل لا نستطيع ان نستمر بالعمل فيه من دون إصلاحات”.
وأردف: “السبب الاساسي وراء تمكننا من تحقيق هذه الانجازات في لبنان وخصوصا بعد انتخاب الرئيس ميشال عون هو التوافق الحاصل في البلد، فالخلافات السياسية الصغيرة ستستمر ولكننا متوافقون على كل الامور الاساسية، وبان مصلحة المواطن اللبناني تأتي قبل أي أمر آخر، وهذا أهم شيء ويجب علينا ان نحافظ على روحية هذا التوافق لان التجربة أثبتت انه كلما اختلفنا فيما بيننا، البلد يدفع ثمن ذلك”.
وختم: “لا يمكن ان نختلف ولا يجب ان نختلف ولا شيء سيخلفنا، الا بعض الحساسيات الشخصية اكثر مما هي تتعلق بمصلحة البلد. أنا أشد على أيدي الرئيسين عون وبري وكل الافرقاء السياسيين في البلد، وخصوصا أننا كنا وصلنا في مرحلة سابقة لأن نخسر البلد، ولكن بسبب تعاون كل الافرقاء في الحكومة تمكنا من ايصال البلد الى مكان آمن يشعر من خلاله المواطن اللبناني بانه بدأ يستعيد ثقته بالبلد، ونحن سنستمر بهذه الروحية وبالعمل الدؤوب لنحقق أحلامكم وأحلام أولادنا”.
لومير
من جهته، أكد لومير أن “فرنسا والرئيس ماكرون عازمان على دعم لبنان، وقد تجسد ذلك خلال مؤتمر سيدر”.
وقال: “إن لبنان دولة شقيقة وغالية على قلوبنا، وباب ومعبر لفرنسا إلى باقي دول العالم. أنتم بالنسبة إلينا بريق أمل للشرق الأوسط والأدنى حيث تتعايش فيهما الأديان والتقاليد. من هنا أهمية لبنان، لأنه يمثل بصيص أمل لما يمكن أن يؤول إليه الشرق الأوسط مستقبلا، وهذا الشرق يفترض أن يستعيد طريق التعايش والسلم”.
أضاف: “إن الشعب الفرنسي لا يحمل الشعب اللبناني في روحه، بل في قلبه أيضا. إننا نحترم ونقدر لبنان عاليا لاستضافته مئات النازحين، ونحن عازمون إلى جانب الرئيس الفرنسي على تقديم دعمنا للبنان، ولهذا السبب عقدنا مؤتمر سيدر. إن ما حققه هذا المؤتمر، إن من خلال عرض المشاريع، أو ما حصده ب 10 مليارات دولار يكفي للبدء بالمرحلة الأولى من الاستثمارات. لقد نجح هذا المؤتمر لأنه جرى تلاق بين عزم الرئيس ماكرون وقيمة المشروع، الذي حمله الحريري. وأنا أكيد إنه لو سلكنا طريق الماضي واكتفيتا بطريق المنح والهبات لما نجح هذا الأمر”.
ودعا وزير الاقتصاد والمال الفرنسي إلى “اعتماد الشفافية في تقديم العروض والمشاريع وتحسين آلية العمل عبر إجراء اصلاحات”.
وتحدث عن “كيفية اعتماد الحكومة الفرنسية استراتيجية اقتصادية لتحرير الطاقات ورفع القيود، التي تضر بالمؤسسات الصغيرة، وتحويل الاقتصاد من خلال خفض الضرائب على الشركات ورؤوس الأموال”.
غصن
بدوره، قال غصن: “كلنا أوروبيون ونعيش في أوروبا، لكن نحن أيضا لبنانيون، ولم نختار مغادرة لبنان على الرغم من تعلقنا به”، مشيرا إلى أن “المناهج التربوية علمتنا أن نكون مواطنين في أي مكان لنتكيف مع الثقافات الأخرى. فرجال لبنان ونساؤه هم الثروة الأولى للبنان، واللبنانيون في أوروبا معروفون بروح الالتزام والريادة، وهذه الرغبة هي التي أوصلتهم إلى النجاح”.
أضاف: “يمكننا أن ندعم القطاع التربوي من خلال تقديم المنح، وإقامة المدارس والجامعات، وأن نستثمر في الحاضنات أو في العقارات، ويمكننا أيضا أن نسوح في لبنان لتنمية اقنصادنا. وعلينا أن نسعى للاستفادة من الخبرات في البلدان الأخرى، كما يجب أن نترك النزاعات جانبا ولا نسمح لها أن تضرب البنى التحتية، وهكذا نصبح أقوياء”.
صفير
وشكر صفير فرنسا “للدور الذي لعبته، بلاد حقوق الإنسان، مهد الإنسانية والتاريخ، الوطن المثال للكثير من الشعوب العطشى إلى الديموقراطية في العالم في دعم لبنان وحمايته”.
وقال: “أشكر الرئيس ماكرون لدعمه المستمر للبنان ولشعبه واستقراره ولحكومته الممثلة بشخص الوزير برنو لومير. كما أشكر رئيس الحكومة سعد الحريري لجهوده لتحقيق مؤتمرات الدعم للبنان، ولا ننسى الدور الديناميكي للوزير باسيل، الذي أشكره من موقعنا كشريك استراتيجي لمؤتمرات الطاقة الاغترابية، الذي اختار أن يكون في هذه المرة في قلب اوروبا”.
أضاف “بعد باريس 1-2-3 عقد أمس مؤتمر سيدر، وهو مبادرة أخرى من الرئيس ماكرون، ونأمل أن يسهم بإطلاق برنامج واسع للاستثمار بين بلدينا”.
وتابع: “نحن واثقون أن الدعم الدولي وحده غير كاف، فإذا لم تأخذ حكومتنا على عاتقها إيجاد الإصلاحات البنيوية اللازمة لتحفيز النمو وإيجاد الوظائف وضخ الثقة لدى المستثمرين والمؤسسات، فإن لبنان لن يتمكن من الخروج من حال اقتصاده غير المدعوم. وإذا لم يأخذ بلدنا على عاتقه تطوير البنى التحتية والقضاء على الفساد من جذوره، فإن كل الإرادات الطيبة الدولية لن تغير من واقع الأمر شيئا”.
وأردف: “إن هذه المقاربة محزنة خصوصا، وإن بعض الخبراء يصف لبنان بالمريض في حالة متقدمة تعينه على الاستمرار آلات الإنعاش. وفرنسا تأخذ على عاتقها هذه المرة هذه المسؤولية. وعلى لبنان أن يساعد نفسه، وإلا فإن سيدر لن يكون في مقدوره اجتراح المعجزات. وعلى لبنان أن يكافح الفساد المستشري والإدارة السيئة. ومن أجل أن يتمكن القطاع الخاص، الذي هو الأساس من إمكانية إفادة اقتصادنا من الفرص المتاحة، والتفاعل مع سيدر، على حكومتنا الإمساك بهذا الملف بتفاصيله من خلال استراتيجية عمل واضحة، شفافة وفعالة تطور المرافئ والمرافق وشبكة المواصلات والنقل العام والاتصالات. ولنتذكر دائما أن المعجزات لا وجود لها في الاقتصاد، وأن المناعة وحدها ليست كافية. فخطة الإنهاض المقدرة بأكثر من 16 مليار دولار قادرة على إعادة وضع لبنان على الخارطة الدولية”.
وأوضح أن “وجود حوالى المليون ونصف المليون نازح سوري على أرضنا، تضاف إلى نصف مليون لاجئ فلسطيني، سببان يدفعان إلى القلق بشأن المستقبل، والإفادة من مؤتمر بروكسيل لدعم قوانا المسلحة فرصة يجب أن نستفيد منها”، معتبرا أن “حال لبنان كمثل حال طائرة تجتاز منطقة مطبات هوائية قاسية، ولن يمكنه الاستمرار هكذا. ومن الواجب إيجاد حل جذري وأساسي قادر على اجتثاث الفساد ومواجهة التحديات المالية والاقتصادية”.
وتوجه إلى اللبنانيين، بالقول: “وطننا بحاجةإليكم، ولا يستطيع الاستمرار في حال “الستاتيكو” والانقسام السياسي والمذهبي. فوحدتكما ليست أبدا تهديدا ولا تتعارض مع التعددية الطائفية لنا كلنا. صوتوا في الانتخابات المقبلة، فلصوتكم معنى وله تأثير.أنتم سفراؤنا ولبنان فخوربكم”.
وكان سبق المؤتمر اجتماع لباسيل مع لومير وأبي خليل وغصن.