كتبت صحيفة “الجمهورية” في افتتاحيتها: مع اقتراب موعد الانتخابات النيابية والتي ستبدأ من باب اقتراع المغتربين، تتّسع الهوّة عميقاً بين أهل السلطة، ويَظهر تباعاً الخللُ والتخبّط في تطبيق قانونٍ انتخابي، كان الهمّ الأوّل تسجيل إنجاز بولادته من دون إدراك عواقبه التي باتت جليّةً عند التطبيق، تماماً كما بدا واضحاً كالشمس تفصيله على قياسات بعض القوى الطاغية. وقد أبدى رئيس مجلس النواب نبيه بري امتعاضَه من الخروق التي تحصل ومِن صرفِ أموالٍ في عدد من الدوائر والمناطق، ودعا إلى التصدّي لمِثل هذه التصرّفات والأعمال ومعالجتِها. وكرّر القول “إنّ عدداً من الثغرات ظهر حتى الآن في قانون الانتخاب، وإنّ هناك حاجة إلى تطويره، وهذا سيكون برسم المرحلة المقبلة والمجلس القادم”.
تعالت الأصوات من استمرار لجوء مرشحين في السلطة إلى استخدام مؤسسات الدولة ومرافقها لمنافع انتخابية خاصة، وكثرَت الشكاوى من اندفاعة رئيس “التيار الوطني الحر” الوزير جبران باسيل في عملية توظيف مناصرين له في دائرته الانتخابية طمعاً بأصواتهم الانتخابية، ونيتِه مع آخرين إمرارَ سلّةِ تعيينات في الفئة الأولى لاستدرار عطفِ الناخبين.
مئات الطعون
وقالت مراجع دستورية لـ “الجمهورية” إنها تتوقع أن يفيض عدد الطعون الانتخابية المقدمة امام المجلس الدستوري على المئة طعن في ضوء النتوءات التي سمح بها قانون الانتخاب والهوامش المعطاة للمرشحين الخاسرين باللجوء الى المجلس.
وقالت هذه المراجع إنّ وجود 77 لائحة تخوض الانتخابات في 15 دائرة انتخابية واعتماد النظام النسبي و”الصوت التفضيلي” في القانون الانتخابي الجديد وسّع هامش لجوء الخاسرين الى الطعون في وجه جميع اعضاء اللائحة المنافسة بكلّ طوائفهم ومذاهبهم، كذلك في مواجهة زملائهم في اللائحة عينها التي خاضوا الانتخابات من ضمنها، وليس في وجه المرشح المنافس في دائرته ومن المذهب عينه كما كان قائماً في القانون السابق.
وقالت المراجع الدستورية نفسها “إنّ بعض الممارسات ستسمح بكثير من الطعون نتيجة المخالفات التي تُرتكب، بدءاً من وجود رئيس حكومة ومعه 16 وزيراً يخوضون الانتخابات ومن خلال الضغوط التي تمارَس ومحاولات صرفِ النفوذ التي لجأ إليها البعض من اليوم وتسخير مؤسسات الدولة لمعركتهم الإنتخابية، عدا عن القرارات المتناسبة والحاجات الانتخابية الضيّقة.
وكلّ ذلك يضاف الى الاتهامات باستخدام المال لشراء الأصوات التفضيلية والشكاوى التي تعدّدت من جرّاء التصرّف بـ “داتا” الناخبين في الاغتراب والتي وضِعت في تصرّف بعض الماكينات الانتخابية دون سواها.
تشكيك بشفافية الاقتراع
وعلى رغم محاولة رئيس الحكومة سعد الحريري إدراجَ جدول أعمال أكثر من عادي على طاولتها، وَقعت جلسة مجلس الوزراء أمس في مطبّ عملية اقتراع المغتربين، إذ شكّكَ عدد من الوزراء بشفافيتها ونزاهتها، خصوصاً انّ وزارة الداخلية غائبة عنها، والسفراء والقناصل لا يمكنهم ان ينتشروا في يوم واحد على 140 مركز اقتراع.
وأُثيرَ هذا النقاش قبل أن يتمكّن الحريري من رفعِ الجلسة على بَياض قبل توجّهِه الى باريس، فنغّصَ النقاش أجواءَ التوافق فيها وذهبَ وزير التربية مروان حمادة الى تجديد اعتراضه على مؤتمرات المغتربين في الخارج التي تُستثمر وتوظَّف لمصلحة اشخاص وتيارات سياسية على حساب الدولة، داعياً إلى وقفها، ما دفعَ وزير الخارجية جبران باسيل الذي لم يتلفّظ بكلمة داخل الجلسة الى استخدام منبر السراي الحكومي للرد، فأعلنَ أنّ “كلّ المؤتمرات التي حصلت في الخارج إنّما حصلت بتمويل خاص”، وقال إنّ “كلّ وسائل المراقبة والشفافية متوافرة لاقتراع المغتربين”، ودعا إلى “وقفِ حفلة التشكيك في انتخاب المغتربين”، وأكد “أنّ “داتا” المغتربين ليست عملية مقفلة، فكلّ واحد لديه جزء منها ويمكن ان توزّع، وهناك من يعمل على تجميعها، والمطلوب منّي ومن وزير الداخلية عدم تسليمها رسمياً، ولكن، في رأيي، إنّها قد تصل الى الجميع كغيرها من الامور، والموضوع ليس سرّياً”.
وقد ظهرَ حِلف “التيار الوطني الحر” ـ “المستقبل” جليّاً في كلام وزير الداخلية نهاد المشنوق الذي تعالى عن خلافِه الدائم مع باسيل ودافعَ عن “شفافية” الاقتراع.
(الجمهورية)