على طريقة «قبلنا بالهمّ بس الهمّ ما قبل فينا»، تقبّل اللبنانيون على مضض، إجراء الانتخابات في ظل حكومة سياسية، أصبح أكثر من نصف أعضائها مرشحين، ويخوضون مواجهات انتخابية ضد منافسيهم، في معارك غير متكافئة، لأن مواقعهم في السلطة تحوّلت إلى أداة فعّالة من أدوات المعترك الانتخابي!
لم تعد مسألة استغلال نفوذ رسمي لمصالح انتخابية بحتة وحسب، بل وصلت إلى حد الاستعانة بأجهزة السلطة الشرعية، لتغطية تجاوزات واعتداءات على مؤيدي اللوائح المنافسة، كما حصل في برجا ضد مؤيدي المرشح في لائحة «بيروت الوطن» رئيس نادي الأنصار نبيل بدر، حيث سقط عدد من الجرحى، ولولا العناية الإلهية لتحوّل المشكل إلى صدام دامٍ، بين الجمهور وعصبة المتدخلين المسلحين بالعصي والسكاكين.
سياسة الترغيب والترهيب قائمة على قدم وساق، اللقاءات مع الموظفين والمختارين ومجموعات الأنصار حافلة بشتى أنواع الوعود والمغريات، من نوع العمل على تعيين ألف بيروتي في الوظائف العامة بعد الانتخابات. أما الترهيب فيطال كل مَن تسوّل له نفسه التصويت لغير لوائح السلطة، ويصبح مهدداً برزقه ووظيفته وأعماله، فضلاً عن الاستعانة بـ«قبضايات الشوارع»، لتمزيق الصور، وإشاعة أجواء من الذعر والخوف، قد يصل غداً إلى صناديق الاقتراع، لتهريب الناخبين من واجبهم الانتخابي، ومنعهم من ممارسة حقهم الديموقراطي في التعبير عن خياراتهم السياسية!
الواقع أن استمرار مثل هذه الممارسات الاستغلالية للسلطة، سيدفع المنافسين المتضررين إلى الإجراءات الكفيلة بحفظ حقوقهم القانونية، سواء من خلال تقديم شكاوى إلى هيئة الإشراف على الانتخابات، والمؤسسات اللبنانية والدولية المعنية بنزاهة وسلامة العملية الانتخابية، أو عبر الطلب إلى رئيس الجمهورية، بصفة كونه حامي الدستور، التدخل لوقف مثل هذه الممارسات والتجاوزات، التي ستؤدي إلى الطعن بنتائج الانتخابات ونزاهتها!