اعتبر البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، أن ما يقوم به رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والحكومة والمؤسسات الدستورية، “عزز الثقة الدولية بلبنان الذي برغم صغره، فإنه عنصر استقرار في المنطقة ونقطة لقاء، ويجب ان يبقى كذلك”. ودعا البطريرك الراعي اللبنانيين الى العمل لتوفير الاستقرار السياسي والامني والاجتماعي والاقتصادي، لافتاً الى ان الرئيس عون يحمل هماً كبيراً لجهة النهوض بالوضع الاقتصادي في البلاد.
موقف البطريرك الراعي جاء بعد زيارة قام بها قبل ظهر اليوم الى قصر بعبدا، وحضر جانباً منها النائب البطريركي الجديد المطران رفيق الورشا، ومدير الاعلام والبروتوكول في البطريركية المارونية المحامي وليد غياض. ووجه البطريرك للرئيس عون دعوة لحضور سيامة المطران الورشا والمطران سيمون فضول.
وخلال الخلوة بين الرئيس عون والبطريرك الراعي، عُرضت الاوضاع العامة في البلاد والتطورات السياسية الراهنة، واوضاع القطاع التعليمي والمؤسسات التربوية.
وبعد اللقاء توجه البطريرك الراعي الى الصحافيين بالتصريح التالي:
” تشرفت بزيارة فخامة الرئيس بصحبة المطران الجديد رفيق الورشا الذي انتخب معاوناً بطريركياً، ووجهت اليه دعوة لحضور حفل سيامة المطران الورشا، والمطران الجديد للأبرشية المارونية في افريقيا سيمون فضول في 7 تموز المقبل. ووجهت اليه ايضاً دعوة لحضور قداس الفصح في بكركي، كما جرت العادة.
وهنأت الرئيس عون على انعقاد المؤتمرات الهادفة الى دعم لبنان، ونوهت بالدعم الدولي الذي يسعى الى الحفاظ على استقرار بلدنا على كل المستويات، وبالثقة الدولية بلبنان. واعربت عن تقديري للموقف الذي اتخذته الدول المشاركة في مؤتمر روما-2 لدعم الجيش والقوى الامنية. ولا شك ان ما يقوم به فخامة الرئيس والحكومة والمؤسسات الدستورية، عزز الثقة الدولية بلبنان، والتي نحن بأمسِّ الحاجة لها. وهذا يعني ان العالم يعنيه لبنان، وبلدنا مهم على صغره، وهو عنصر استقرار في المنطقة، وعنصر لقاء، ويجب ان يبقى كذلك. وعلى اللبنانيين ان يعرفوا كيف يوفرون الاستقرار السياسي والامني والاجتماعي والاقتصادي”.
وأضاف:” هناك هم كبير نحمله جميعا، ويحمله الرئيس. فصحيح أن هناك عطفا دوليا على لبنان، ودولاً تريد مساعدتنا، ولكن هذه المساعدة هي قروض، ولو كانت ميسرة، وديون على لبنان ان يحملها. في المقابل، الرئيس عون يتكلم دائما عن الاقتصاد الانتاجي، خصوصا ان الفقر يزداد والمشاكل تتفاقم.
كما تطرقنا في خلال اللقاء الى قضية المدارس، وعجز الأهل عن دفع الأقساط، وكيف يمكن حل هذه المشكلة. وللرئيس نظرته حول الموضوع. وعرضنا أيضاً مشاكل الكهرباء وغيرها من الأمور”.
سئل: يقال ان القانون الانتخابي الجديد يحفّز ازدياد صرف المال الانتخابي. هل بحثتم هذا الامر مع الرئيس؟
أجاب: “لم نتطرق الى المسألة، ولكن الصحافة هي التي تثير هذا الموضوع. نحن سررنا باقرار قانون انتخابي جديد لكن الذين وضعوه غير راضين عنه. ومع ذلك نشكر الله ان الانتخابات ستحصل، ونتمنى ان تأتي بوجوه جديدة، وعلينا الا ننظر دائما إلى الوراء”.
سئل: كيف تعلّقون على لغة التخاطب المشينة بين المرشحين؟
اجاب: “هذا امر مؤسف. ندعو المرشحين الى عرض برامجهم الانتخابية بدل التخاطب بالاساءات، ليتمكن المواطنون من منح اصواتهم على اساس البرنامج، وكنت اتمنى حصول مناظرات إعلامية بين المرشحين، ليطلع الشعب على برامجهم وافكارهم، فيكون التنافس على اساسها لخدمة البلد.”
واضاف: “البلد مفلس كما ابلغني الرئيس، وهذا يعني انه بحاجة للجميع لضبط المال والفساد. وعلى من سيدخلون المجلس النيابي ان يعرفوا ان الامر ليس نزهة ترفيهية، بل عليهم ان يتحملوا مسؤولية بلد في حال الخطر. نحن في حالة غير عادية ونريد اشخاصا غير عاديين. مشكورة الدول التي تهتم بنا، ولكن ان لم يبن الرب البيت عبثا يتعب البناؤون”.
ورداً على سؤال حول الحلول المطروحة لمشكلة المدارس، اوضح البطريرك الراعي ان مجلس الوزراء سيدرس المشكلة ولديه عدة طروحات لحلها. وقال :” ما يعنينا ان تبقى المدرسة، وان يتمكن الاهالي من تعليم اولادهم، ويحصل الاساتذة على حقوقهم، دون صرف احد منهم بسبب اغلاق بعض المدارس لأبوابها. تصلنا الى بكركي رسائل من مدارس عدة تشتكي من عدم تمكنها من فتح ابوابها العام المقبل. نحن امام كارثة اجتماعية معيشية. ذكرت ذلك امام الرئيس، وعلينا ان نعرف كيف نحافظ على الاهل، والاستاذ ، والطالب، والمدرسة”.
الى ذلك اعلن الرئيس عون ان العلاقات اللبنانية – السعودية عادت الى ما كانت عليه ايجابية وطبيعية جداً، مطمئناً اعضاء مجلس الاعمال اللبناني- السعودي، الذين زاروه قبل ظهر اليوم في قصر بعبدا، ان ما من امر يمكن ان يكدِّر العلاقات بين البلدين.
وكان رئيس المجلس الاستاذ رؤوف ابو زكي القى كلمة احاط فيها الرئيس عون علما بتشكيل المجلس الذي يضم عددا من قادة الشركات اللبنانية العاملة في المملكة العربية السعودية او المتعاملة معها، عارضا لأهّم نشاطاته، وابرزها: تنشيط التبادل التجاري والسياحي والاستثماري، المساعدة في معالجة المعوقات الادارية والجمركية، تنظيم المؤتمرات والمعارض المتبادلة، تعزيز التواصل بين قيادات الاعمال مع ما ينتج عن ذلك من شراكات واستثمارات وسياحة اعمال. كما عرض الوفد للرئيس عون للتحضيرات الجارية لزيارة وفد اقتصادي لبناني الى السعودية اواخر نيسان المقبل، وعقد “الملتقى الاقتصادي السعودي-اللبناني” في بيروت خلال السنة الجارية.
واكد ابو زكي في كلمته “ان العلاقات بين البلدين مقبلة على تطورات ايجابية كثيرة، وان اللجنة العليا ستنعقد قريبا وحركة الزيارات الرسمية والاهلية ستكون ناشطة”، متوقعا “حصول صيف سعودي لا بل خليجي واعد في لبنان.”
وقال: “نحن في بداية مرحلة انفراج واسعة مع المملكة، في وقت تشهد المملكة حركة اصلاحات سياسية وادارية ومالية واقتصادية وثقافية شاملة وتشهد قيام مشاريع عملاقة من شأنها توفير فرص الاعمال والاستثمار لكل الشركات المؤهلة للمنافسة، وفي طليعتها الشركات اللبنانية العريقة في عملها هناك. وكل ذلك يأتي في وقت يشهد لبنان كذلك حالة استقرار امني وسياسي بقيادة فخامتكم، وفي وقت يطرح لبنان برنامجا استثماريا في مؤتمر “سيدر 1″، يتيح المجال لكل شركات القطاع الخاص العربية والدولية للمشاركة في هذه المشاريع.”
ورد الرئيس عون مرحبا بالوفد ومعربا عن سروره لأن الامور باتت ايجابية مع المملكة العربية السعودية، وقال: “صحيح ان حدثا معينا حصل لكننا تخطيناه معا، والعلاقات الثنائية عادت الى ما كانت عليه بشكل طبيعي جداً جداً، ولطالما كانت كذلك منذ القدم، وهو امر ينطبق كذلك على الاشقاء الخليجيين بشكل عام. ونحن منفتحون على كافة اشكال التعاون المشترك، سواء كان اقتصاديا ام تنمويا ام غير ذلك، كما اننا مستعدون لتأمين افضل الظروف لمثل هكذا تعاون”، مذكّرا “ان اول زيارة قمت بها كرئيس للجمهورية، كانت زيارة تقدير ومحبة الى المملكة.”
اضاف متوجها الى اعضاء الوفد: “نحن نتمنى لكم التوفيق، وكونوا على ارتياح لتعاوننا المشترك مع المملكة، فما من امر يمكن ان يكّدر علاقاتنا بها”.
دبلوماسياً، استقبل الرئيس عون سفير جورجيا في لبنان السفير غريغوري طاباطادزه يرافقه القنصل الفخري لجورجيا في لبنان مارسيل ديفيد خزامي، وذلك لمناسبة انتهاء مهمة السفير الجورجي بعدما امضى اربع سنوات سفيرا في لبنان. ونقل السفير طاباطادزه الى الرئيس عون تحيات الرئيس الجورجي جورجي مارغفلشفيلي ودعوة لزيارة جورجيا.
وقد تمنى الرئيس عون للسفير الجورجي التوفيق في مهامه الجديدة في وزارة الخارجية الجورجية، شاكراً له الجهود التي بذلها لتعزيز العلاقات بين البلدين.