جريدة الكترونية تأسست
1/1/2015
الرئيسية / جريدة اليوم / الراعي:نجدد النداء والتحذير إلى الرؤساء الثلاثة لدعم المدارس الخاصة بتحمل الدولة كلفة الدرجات الست
1521289908_44

الراعي:نجدد النداء والتحذير إلى الرؤساء الثلاثة لدعم المدارس الخاصة بتحمل الدولة كلفة الدرجات الست

ترأس البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي قداسا إحتفاليا في الذكرى الستين لتأسيس مدرسة ودير راهبات العائلة المقدسة المارونيات في كنيسة السيدة في مجدليا قضاء زغرتا.

عاونه في القداس المطارنة: جوزف نفاع، جورج بو جودة، حنا علوان، وقدس الأب العام مالك بو ضاهر رئيس عام جمعية المرسلين اللبنانيين الموارنة، وخادم الرعية الخوري عبود جبرائيل، بمشاركة لفيف من كهنة أبرشية طرابلس المارونية.

حضر القداس رئيس بلدية زغرتا اهدن الدكتور سيزار باسيم، رئيسة بلدية مجدليا الآنسة جومانا بعيني، مرشح حزب “القوات اللبنانية” في دائرة الشمال الثالثة عن مقعد زغرتا النقيب ماريوس البعيني، مختار بلدة مجدليا جوزف البعيني، رئيسة الصليب الأحمر في زغرتا السيدة جوزفين حرفوش، رئيسة مدرسة راهبات العائلة المقدسة الأخت ماري جيرمان انطونيوس وأفراد الهيئة التربوية في المدرسة، مديرة مدرسة مجدليا الرسمية السيدة ريتا معوض، رئيس مركز مخابرات الجيش في زغرتا العقيد الركن طوني أنطون وحشد من ممثلي الهيئات والجمعيات الثقافية والتربوية والاجتماعية ومن أبناء مجدليا وزغرتا الزاوية.

في بداية القداس، تحدث الخوري جبرائيل مرحبا بالبطريرك الراعي والحضور، شاكرا له عاطفته الأبوية وقال: “لنا في ذكريات الأمس أياد بيضاء زرعت حبة خردل فنمت ومدت أغصانها لتجمع في ظلالها أجيالا وأجيالا، هم أبناء مجدليا والجوار الذين درسوا وتربوا وكبروا وترعرعوا في أحضانها ونهلوا من غزير نبعها، إنها مدرسة السيدة مجدليا لراهبات العائلة المقدسة المارونيات”.

بعد الانجيل المقدس، ألقى الراعي عظة بعنوان “أنتم نور العالم. لا تخفى مدينة مبنية على جبل” قال فيها: “يسوع المسيح نور العالم (يو 9: 5) جعل من المؤمنين به والمؤمنات، المستنيرين من نور شخصه وكلامه، نورا للعالم. ففي عظة الجبل، التي تبدأ بالتطويبات، وأرادها الرب يسوع دستور الحياة المسيحية، قال لتلاميذه وللجموع: “أنتم نور العالم. لا تخفى مدينة مبنية على جبل، ولا يوقد سراج ويوضع تحت وعاء بل في مكان مرتفع، حتى يضيء لجميع من هم في البيت. فليضئ نوركم أمام الناس ليروا أعمالكم الصالحة، ويمجدوا أباكم الذي في السماوات” (متى 5: 14 و16).
هذه الآية الإنجيلية جالت في خاطر البطريرك الكبير خادم الله الياس الحويك، عندما عقد النية على تأسيس جمعية راهبات العائلة المقدسة المارونيات، سنة 1895. هذا ما كتبه لبناته الراهبات في 16 تموز 1924 “رغبتنا منذ ذاك الحين أن تكون جمعيتكن المباركة مدينة مشيدة الأركان على جبلنا المقدس؛ وسراجا ساطعا يرسل أشعته الوضاءة من أعالي ذراه، فينير الجميع، ويرشدهم سواء السبيل، ذلك ليس فقط بالتعليم والتثقيف الذي يسد كل خلل، ويقوم كل اعوجاج يطرأ على الحياة العائلية، وبالتالي على الحياة الإجتماعية، بل وبخاصة بالسيرة الملائكية والكمالات المسيحية التي يعطر شذاها الأرجاء، ويكون تأثيرها أنجع وأفعل في النفوس من سواها”.
وهكذا انطلقت الجمعية تؤسس المدارس في مختلف المناطق اللبنانية، وتربي الأجيال، وتساعدها على السير في نور المسيح ونور العلم والمعرفة، وتعمل من أجل إعداد عائلات مسيحية ملتزمة، ومجتمع أفضل”.

اضاف: “يسعدنا اليوم أن نحتفل معكم بهذه الليتورجيا الإلهية، إحياء لمرور ستين سنة على تأسيس مدرسة السيدة هنا في مجدليا العزيزة. وقد أنشأتها جمعية راهبات العائلة المقدسة نزولا عند طلب أبناء البلدة الملح، وفي طليعتهم الخوري بيوس البعيني والسيدة ماري إيليا البعيني والمختار الياس خطار. فبدأت المدرسة في بيت الشيخ فرنسيس البعيني بستين تلميذا. هذا ما نقرأه في سجلات الجمعية اليومية. ثم توسعت المدرسة على عقار تابع للوقف، وبعده على عقار ابتاعته الجمعية، حتى بلغ عدد التلامذة سنة 1974 سبعماية وخمسين”.

وتابع: “إننا نحيي الجمعية العزيزة بشخص رئيستها العامة الأم أنطوانيت سعاده، ورئيسة المدرسة الأخت ماري جرمان انطونيوس، وجمهور الراهبات، والأسرة التربوية فيها، إدارة وهيئة أساتذة وتلامذة وأهال، نحيي كل الراهبات الأحياء اللواتي تعاقبن على إدارة هذه المدرسة والعمل فيها بدءا من الأخت ألكسين خشان. ونذكر بصلاتنا كل اللواتي سبقننا إلى بيت الآب، وكل المحسنين الذين واكبوا التأسيس. ونحيي كل أبناء مجدليا العزيزة والمنطقة الذين اختاروا هذه المدرسة لتربية أولادهم علميا وروحيا وأخلاقيا ووطنيا. إن هذه التربية النوعية تندرج في عمق رسالة جمعية راهبات العائلة المقدسة المارونيات، كما شاءها لها مؤسسها خادم الله البطريرك الياس الحويك، رجل العناية الإلهية. ونحن نصلي مع الجمعية مواكبين دعوى تطويبه سائلين الله أن يظهر قداسته، وترفعه الكنيسة على مذابحها. أجل، لقد شاءها المؤسس جمعية تعنى بتربية الأجيال الطالعة “على سنن الديانة ومبادئ الفضيلة التي تعمر البيوت، وتحفظ العيال، وتصون الهيئة الإجتماعية من الفساد”، كما كتب في رسالته إلى بناته الراهبات في 14 آب 1915”.

وقال: “لقد مرت مدرسة السيدة في مرحلتين صعبتين اضطرت إلى إقفال أبوابها. الأولى كانت في كانون الأول 1975 مع بدايات الحرب المشؤومة. وبسبب وقوعها بين المهاجمين والمدافعين، طالها الحرق والنهب والتخريب والتدمير. فتوقفت لمدة أربع سنوات. ثم فتحت أبوابها في تشرين الأول 1979 بعد أن ضمدت جراحها ولملمت شتاتها وجددت مبانيها. وكان الإقبال عليها كبيرا فاضطرت الجمعية إلى توسيع رقعة المدرسة فابتاعت أربعة عقارات، وزادت في الأبنية والملاعب. وكانت المرحلة الثانية من سنة 1983 إلى 1985، من جراء معارك طرابلس، إذ سطا عليها عناصر غير منضبطة من المسلحين عاثوا فيها نهبا وتخريبا. ولكن الراهبات صمدن في المدرسة متحملات، كغيرهن من اللبنانيين، الصعوبات الجمة، محرومات من الكهرباء والمياه والهاتف. ولكن بعزيمة أكبر انطلقن من جديد، وبنين طوابق جديدة، ومنشآت رياضية ومسرحية، وأجرين تحديثات في المختبرات، وطورن المناهج التربوية والأساليب التعليمية، وأمن تنشئة الكوادر التعليمية والتربوية في المعاهد المتخصصة. وهن يتذكرن طيلة هذه الأحداث والمتغيرات والتطورات، كلمة المؤسس في رسالته لهن بتاريخ 14 آب 1915: وفيها “أن الله، سبحانه وتعالى، قد أنشأ هذه الجمعية العزيزة بعنايته ورحمته؛ وهو الذي أنماها وحفظها حتى الآن مصونة من كل عيب وخلل، وهو الذي يحفظها ويباركها إلى منتهى الدهر… بالحقيقة إن جمعيتكن هي حرث الله وبناء الله الذي شاءه بتحننه ورحمته نحو بلادنا”.

اضاف الراعي: “اليوم تمر مدارسنا الكاثوليكية والخاصة ومدارسنا المجانية في مرحلة تهدد وجودها من جراء القانون 46/2017 الخاص بسلسلة الرتب والرواتب، إذا لم تتحمل الدولة كلفة الدرجات الست، لكون المدرسة الخاصة كالرسمية ذات منفعة عامة، فيما المدرسة تتحمل موجبات السلسلة وفقا للملحق 17 من القانون 46، كما قرر اتحاد المؤسسات التربوية الخاصة في اجتماع بكركي التربوي المنعقد في أول شباط الماضي. أما إذا تهربت الدولة من هذه المسؤولية، وقعت البلاد في أزمتين كبيرتين: الأولى تربوية هي إقفال عدد لا يستهان به من المدارس، ولا سيما مدارس الجبل والأطراف؛ والثانية اجتماعية هي زج عدد لا يستهان به من الإداريين والمعلمين والموظفين في حالة البطالة والعوز. فالمدرسة حريصة ليس فقط على بقائها من أجل حماية رسالتها، بل ومن أجل حماية أهالي التلامذة من زيادة مرهقة للأقساط، هي مرغمة عليها ولا تريدها، ومن أجل حماية حقوق المعلمين وحفظ فرص عملهم وإنتاجهم؛ ومن أجل حماية حق التلامذة في تحصيل العلم في مدرسة خاصة، يختارها لهم أهلهم بحكم حرية التعليم والاختيار، وفقا للدستور. فإننا نجدد معكم النداء والتحذير إلى فخامة رئيس الجمهورية والحكومة والمجلس النيابي، في هذا الوقت الذي تناقش فيه الموازنة العامة، وتعقد المؤتمرات الدولية، مشكورة، لدعم لبنان على التوالي في روما للجيش والقوى الأمنية وفي باريس للإنماء الإقتصادي، وفي بلجيكا لسد حاجات النازحين السوريين”.

وتابع: “لا يوقد سراج ويوضع تحت وعاء” (مت 5: 15). عندما يوضع السراج المضيء تحت وعاء ينطفئ. هذا الكلام ينطبق على مدارسنا، وهي السراج الكبير فإذا ارهقت بتداعيات القانون 46/2017 بسبب تملص الدولة من تحمل واجبها تجاهها، فإنها ترغم على إقفال أبوابها، فينطفئ نورها. وهكذا تقع كل المسؤولية على السلطة السياسية، مع كل النتائج التربوية والإجتماعية الوخيمة.
“أنتم نور العالم”. هذه هي هويتنا المسيحية ورسالتنا في العائلة والمجتمع، وفي الكنيسة والدولة. نحن نور بمقدار ما نتحد بالمسيح الذي هو نور العالم (يو 8: 12)، وبمقدار ما نستنير من كلام الله الذي نعكسه في حياتنا وأعمالنا والمبادرات. ونكون بدورنا نورا للعالم، بمقدار ما نمتلك كلام الله في قلوبنا وعقولنا.
نسأل المسيح الإله، أن يملأنا من نوره، ويؤهلنا لنعكس هذا النور في كل عمل وقول وموقف. فنرفع نشيد المجد والتسبيح للثالوث القدوس، الآب والإبن والروح القدس، الآن وإلى الأبد، آمين”.

وفي الختام، ألقت الرئيسة العامة لراهبات العائلة المقدسة المارونيات الأم ماري أنطوانيت سعادة كلمة جاء فيها: “غبطة أبينا البطريرك بشارة الراعي الكلي الطوبى، أيها الحضور الكريم، ستون سنة من تاريخ جمعية وبلدة، ستون سنة من تاريخ جمعية راهبات العائلة المقدسة المارونيات في بلدتكم، في بلدتنا مجدليا. تغيرت الأسماء والوجوه، ولم يتغير الحضور ولا تغيرت الرسالة. لبت الجمعية سنة 1957 طلب أهالي بلدتكم الكريمة، وفتحت مدرسة تابعة لها فيها. كانت المدرسة في بداياتها في بيوتكم، وتحديدا في بيت السيد فرنسيس البعيني بسعي من الخوري بيوس البعيني والسيدة ماي عبود البعيني والدة السيدة جومانا البعيني رئيسة البلدية الحالية وإبنة الجمعية. واليوم، ما زلنا في جمعية راهبات العائلة المقدسة، بإصغاء الى حاجاتكم. نسعى لتدبيرها وتأمينها بمساندتكم. وما زالت ذكرى الأخوات اللواتي تعاقبن على خدمتكم حية في قلوبكم، وما إجتماعكم اليوم هنا اليوم إلا دليل عرفان جميل للأخوات الحاضرات والغائبات منهن”.

أضافت: “نحن هنا بينكم نلبي نداءين، نداء أبينا المؤسس الذي أرادنا جمعية رهبانية رسولية في خدمة العائلة، خصوصا في القرى والبلدات، ونداء أبنائكم وحاجاتهم الى تربية تليق بالكنيسة والوطن، وتدعم أساسات العائلات على الفضيلة المسيحية التي تبني البيوت وتحمي المجتمعات من الفساد. ستون سنة تقاسمنا فيها النجاحات وتساندنا في المصاعب والنكبات التي حلت على الوطن بأسره. يوم أرسلت الجمعية أول راهبتين الى مجدليا، كان البيت – المدرسة فقيرا، وأبناء البلدة يقفون في الصف للدخول الى المدرسة في الطريق العام بين البيوت، ويلعبون وقت الفرصة في ساحة الكنيسة. وما هي إلا سنوات قليلة حتى إزدهرت المدرسة وذاع صيتها، فبلغ عدد الطلاب بعد عشرين سنة من التأسيس 750 طالبا مما إضطر الجمعية الى مزيد من التوسع في البناء. واليوم ما زالت الجمعية تسعى جاهدة لتأمين أفضل المستويات التربوية في كل المجالات. وما زال همها الأول وشغلها الشاغل، مستقبل أبنائكم، أي أبنائنا، فنضحي سوية لكي تتسع ديار المعرفة لطالبيها”.

وتابعت: “مرات عديدة، عرفت مدرسة مجدليا الحرب والتخريب وتدمير محتوياتها (1975-1983-1985). وكانت تقوم بعد كل شدة لأن إرادة البقاء في خدمتكم والبذل في سبيل الرسالة الموكلة إلينا تجاهكم لم تتبدل يوما. واليوم، نواجه معا حربا من نوع آخر، ولكنها ليست أقل تهديدا لقيمنا وأهمها قيمة العائلة التي تميز رسالتنا. فكل من عمل معنا أو عاش بيننا، يعرف معرفة اليقين، ويختبر إختبارا حسيا روح العائلة التي تميز علاقتنا بأساتذتنا وأهلنا وطلابنا. العيد اليوم عيدنا كلنا، فرحنا وفخرنا أننا بنات وأبناء العائلة المقدسة، نحتفل بمسيرة ستين سنة من الحياة. نحتفل بستين سنة من التعليم والتربية، من العطاء والرسالة، ونشكر كل من عاش معنا ورافقنا في هذه المسيرة من اهالي بلدة مجدليا وضواحيها، من أساتذة وإداريين وموظفين، وأهالي طلاب وطلاب”.

وختمت: “الشكر الأكبر للمعطي الأعظم، الشكر لله الذي يدبر ويعتني وينمي غرسة يمينه، فمنه كل شيء وبه وإليه، كما يقول الأب المؤسس البطريرك الياس الحويك، لمجد وجوده الإلهي الأعظم، وخير النفوس والكنيسة والوطن”.

وفي الختام تم تقديم دروع تكريمية للخوري بيوس البعيني تسلمها إبنه الخوري أنطون البعيني والى الأخت الكسين خشان والمختار الياس أبي خطار والسيدة ماري إيليا البعيني.

كما، قدم للبطريرك الراعي درعا وهدية من المدرسة وأخرى من رعية السيدة وبلدية ووقف السيدة مجدليا وهدايا أخرى كثيرة ودروع.

كما تم عرض ريبورتاج من إعداد وإخراج بدوان البعيني عن المدرسة منذ تاريخ تأسيسها حتى يومنا هذا. وأقيم حفل كوكتيل في المناسبة.