عند تشكيل الحكومة الحريرية في العهد الجديد انعقد لقاء بين الرئيس سعد الحريري ونائب طرابلس محمد عبد اللطيف كبارة الذي كان حينها يتقرب من الرئيس نجيب ميقاتي، حيث رافقه لاكثر من لقاء سياسي. في اللقاء الذي عقده كبارة مع الحريري يومذاك طرح ان يكون وزيرا في الحكومة على ان يترشح نجله كريم للانتخابات النيابية. وقيل ان الرئيس الحريري وافق على ذلك فجرى توزير كبارة وتسلم حقيبة وزارة العمل على ان يخوض نجله كريم الانتخابات النيابية وبذلك يحفظ لنجله الارث النيابي والشعبي في طرابلس.
في اليوم الاخير لمهلة الترشيح فوجئ الطرابلسيون بترشح كريم كبارة بعد ان كان الوزير محمد كبارة تقدم بترشيحه بناء على متغيرات تدارسها مع الرئيس الحريري الذي فضل ان يكون الوزير كبارة هو المرشح وتأجيل ترشح نجله كريم الى الدورة المقبلة بعد اربع سنوات وان الحجة كانت هي صعوبة المعركة الانتخابية التي يقودها تيار المستقبل في مواجهة لوائح قوية كلائحة الرئيس نجيب ميقاتي ولائحة الوزير اشرف ريفي ولائحة الوزير فيصل كرامي. لكن ما حصل في الاسابيع الماضية ان امين عام المستقبل احمد الحريري ينظم جولات انتخابية في طرابلس والضنية والمنية ويرافقه النائب سمير الجسر وحده دون باقي المرشحين المحتملين على لائحة الحريري في الدائرة الثانية بل ان احمد الحريري تجاهل ان في طرابلس حليفا اساسيا لتيار المستقبل هو الوزير محمد كبارة وركز جولاته في الاحياء التي تشكل قاعدة شعبية لكبارة، الامر استفز انصار كبارة واعتبروا ان الحريري ينافسهم في عقر دارهم ومتجاهلا كبارة حتى انه لم يزره منذ ان بدأ جولته الانتخابية ونصب عيني الحريري هو توجيه الصوت التفضيلي نحو مرشحهم سمير الجسر.
انصار كبارة اعتبروا ان تيار المستقبل يعمل لتأمين الصوت التفضيلي لمرشح التيار ومن جهة ثانية يعتقد انه يضمن الكتلة الناخبة التي يمون عليها كبارة. وقد ازعج هذا الوضع كبارة والمقربين منه الذين بدأوا يظهرون امتعاضهم من جولة الحريري وتجاهله لهم. فأقدم عندئذ كريم كبارة على الترشح، وتسرب شائعات ان كبارة يتجه لتشكيل لائحة مستقلة في حال لم يلب تيار المستقبل مطالب الوزير كبارة بأن يكون رئيسا للائحة. وجرى ابلاغ الحريري بالمطالب.
اربك تيار المستقبل بالوضع الجديد الذي نشأ في طرابلس وبمطلب الوزير كبارة بعد ان اعلن النائب سمير الجسر في لقاء شعبي له ان حليف تيار المستقبل الوحيد في طرابلس هو محمد كبارة. وكأنه اوحى بأن الصوت التفضيلي سيكون لمرشح المستقبل. وما كان من احمد الحريري الا المسارعة الى زيارة مكتب الوزير كبارة وعقد لقاء مع نجله كريم والاعلان من مكتب كبارة ان الوزير كبارة هو بوابة طرابلس مصححا بذلك الخطأ الذي ارتكبه بقيامه بالجولات متجاهلا كبارة منذ البدء بالجولات.
لكن هل يمكن القول انه تم التوصل الى اتفاق بين تيار المستقبل والوزير كبارة على ان يكون رئيسا للائحة المستقبل؟
حتى مساء امس رشحت معلومات ان كريم كبارة سيسحب ترشيحه مما اوحى بان الاتفاق قد تم مع المستقبل وان قيادة المستقبل قد خضعت لمطلب كبارة لان المستقبل يحتاج الى رافعة شعبية لا يستطيع تأمينها الا كبارة. بالرغم من ان حجم كبارة لا يوازي حجم اللوائح المنافسة وان المعركة ستكون صعبة للمستقبل الذي يبدو انه حتى الان سيكون الخاسر الاكبر في هذه الدائرة ولان لائحة المستقبل لا تحتوي اسماء تستطيع تأمين الحاصل الانتخابي الا عبر محمد كبارة الذي يعتبر الاقوى شعبيا من سمير الجسر. لكن لوائح ميقاتي وريفي وفيصل كرامي لها حيثيات شعبية ومعركتها مع المستقبل باتت توحي بالنتائج منذ اليوم. وان تيار المستقبل يتخبط في اختيار المرشحين على لائحته. ولذلك كان مضطرا لتسوية الوضع مع كبارة.
(الديار)