افتتح رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري صباح اليوم، في فندق “الفور سيزونز”، مؤتمر الاستثمار في البنية التحتية في لبنان، والذي تنظمه مجموعة “الاقتصاد والأعمال” بالاشتراك مع مكتب رئاسة مجلس الوزراء، وبالتعاون مع الهيئات الاقتصادية اللبنانية. حضر المؤتمر أكثر من 600 مشاركا من 20 دولة أوروبية وآسيوية وعربية يمثلون أكثر من 200 شركة ومصرف، إضافة إلى عدد من هيئات وصناديق التمويل التنموي والاستثمار المباشر.
وحضر الافتتاح نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الصحة العامة غسان حاصباني، وزراء: الأشغال العامة والنقل يوسف فنيانوس، الطاقة والمياه سيزار أبي خليل والاتصالات جمال الجراح، سفراء عرب وأجانب ونواب ووزراء سابقون ورؤساء الهيئات الاقتصادية.
وعكست المشاركة المتنوعة، مدى الاهتمام بهذا المؤتمر من زاويتين، الأولى أنه يأتي تحضيرا للمؤتمر الاقتصادي الدولي “سيدر” لدعم لبنان المزمع انعقاده في 6 نيسان المقبل في باريس، والثانية تتمثل في فتح المجال أمام القطاع الخاص للمشاركة بتمويل نسبة 40 في المئة من المشاريع المطروحة، بما يتراوح بين 6 إلى 7 مليار دولار، وذلك وفقا لقانون الشراكة، في توجه تسعى من خلاله الحكومة لتعزيز دور القطاع الخاص.
الرئيس الحريري
وقال الرئيس الحريري: “بداية، أتقدم بالشكر من مجموعة الاقتصاد والأعمال والأستاذ رؤوف أبو زكي على الجهود المبذولة لتنظيم المؤتمر اليوم. الأستاذ رؤوف هو سباق دائما في مواكبة الحكومة في عملها وأولوياتها. كما أرحب بالمبعوث الفرنسي المنتدب لشؤون المتوسط، سعادة السفير بيار دوكان معنا، وهو الذي كلفه فخامة الرئيس إيمانويل ماكرون، تنسيق التحضيرات لمؤتمر “سيدر”، في باريس بعد اسابيع قليلة، والسفير دوكان نفسه هو الذي وضع هذا الاسم للمؤتمر، واعتقدنا بداية أنه يعني الأرزة، ولكن بعد ذلك علمنا من خلال تفصيله لمعنى الاسم أن هناك عمل كبير علينا القيام به ولا سيما على صعيد الإصلاحات”.
أضاف: “نجتمع اليوم لنطلق سويا مؤتمر الاستثمار في البنى التحتية في لبنان، هذا المؤتمر الذي نسعى من خلاله إلى إطلاق مشاريع شراكة مهمة وطموحة بين القطاعين العام والخاص. بالفعل إن لبنان يبدأ اليوم مرحلة جديدة وواعدة تتمثل بإشراك القطاع الخاص في تنفيذ مشاريع البنى التحتية، لا سيما بعد إقرار مجلس النواب لقانون الشراكة بين القطاعين العام والخاص العام الماضي. إن إشراك القطاع الخاص في برنامج النهوض بالبنية التحتية هو موضوع أساسي وركيزة مهمة للمرحلة المقبلة. ومن هنا، فإن هذا المؤتمر يشكل بداية الطريق، وسيليه تواصل مكثف وجدي بين الدولة والقطاع الخاص على أكثر من مستوى لتعزيز مشاركة القطاع الخاص في برنامج الإنفاق الاستثماري الذي سنطلقه قريبا، وأود الإشارة هنا أن الدور الذي نرتقبه للقطاع الخاص هو أساسي في نجاح البرنامج”.
وتابع: “أي أنني أرى أن مشاركة القطاع الخاص بنفس أهمية مشاركة الدول في المؤتمر. فقد آن الأوان لأن يكون القطاع الخاص في شراكة مع القطاع العام. وأنا لدي إيمان بأن القطاع الخاص يدير الأعمال بشكل أفضل وقادر على القيام بهذه المشاريع الاستثمارية، إن كان في الكهرباء أو الطرق أو المطارات أو غيرها من مشاريع البنى التحتية بشكل أفضل من الدولة. علينا كدولة أن نشجع القطاع الخاص على القيام بهذه الأعمال”.
وقال: “لا يخفى على أحد أن الوضع الاقتصادي في لبنان اليوم صعب، وبأننا نواجه تحديات كبيرة. فمعدلات النمو منخفضة ونسب البطالة تجاوزت الـ 30 في المئة، ومعدلات الفقر إلى ازدياد، وميزان المدفوعات يعاني عجزا، والدين العام إلى ارتفاع بوتيرة متسارعة وقد تخطى الـ80 مليار دولار، وعجز الخزينة وصل الى مستويات غير مستدامة. أضف إلى ذلك كله، أن الأزمة في سورية القت بثقلها على الاقتصاد الوطني وحركة الصادرات الوطنية وتدفق الاستثمارات الخارجية، إضافة إلى تداعيات موجة النزوح الكثيفة التي أثقلت البنية التحتية والخدمات العامة وعجز الخزينة والاقتصاد بشكل عام. إن الأزمات والخضات المتلاحقة التي تعرض لها لبنان في السنوات الماضية، سواء الداخلية او الخارجية منها، استنزفت الاقتصاد الوطني واستنزفت مناعته وأضعفت مؤسسات الدولة. كما ان تنامي عجز الخزينة حد من قدرة الحكومة على اتخاذ الإجراءات التي من شأنها تحفيز الاقتصاد ودعم القطاعات الإنتاجية. من هنا، كان لا بد من وضع برنامج استثماري ضخم وطموح يعيد اطلاق العجلة الاقتصادية ويعيد ثقة المستثمرين بلبنان”.
أضاف: “إن برنامج الإنفاق الاستثماري الذي وضعناه بالتعاون والتنسيق مع كافة الإدارات والوزارات المعنية، والذي تم التشاور حوله مع كافة الكتل النيابية، يفوق حجمه الـ16 مليار دولار، ويضم أكثر من 250 مشروع في قطاعات الكهرباء والنقل والمياه والري والصرف الصحي والنفايات الصلبة، بالاضافة إلى المناطق الصناعية ومشاريع النهوض الثقافي. مشاريع تمتد على كل المحافظات وتهدف إلى إرساء بنية تحتية وخدمات عامة تواكب العصر وتواكب متطلبات القطاع الخاص وتؤمن متطلبات العيش الكريم لكل مواطن لبناني. إن هذا البرنامج الذي يراعي مبدأ الإنماء المتوازن، هو استكمال لمشروع إعمار لبنان الذي أطلقه الرئيس الشهيد رفيق الحريري في بداية التسعينات والذي سمح بعودة لبنان للحياة بعد سنين الحرب والدمار”.
وتابع: “إننا اليوم نعيد إحياء مشروع رفيق الحريري، المشروع الوطني الذي حاول أعداء لبنان إيقافه باغتياله في 14 شباط 2005، ولكننا بإذن الله تعالى ودعم كل محب للبنان وخصوصا الدول العربية الشقيقة وفي مقدمتهم المملكة العربية السعودية، حافظنا على الأمانة وسنكمل الحلم من حيث توقف لبناء مستقبل أفضل لكل اللبنانيين. وكما تعلمون، نحن نعمل جاهدين بالتنسيق مع أصدقاء لبنان في المجتمع الدولي على تنظيم مؤتمرات دعم لاستقرار لبنان. ومؤتمر “سيدر” الذي تستضيفه فرنسا في 6 نيسان المقبل هو حجر الأساس لسياسة إعمارية طموحة تتمثل بتنفيذ برنامج الإنفاق الاستثماري على السنوات العشر المقبلة. وأبعد من مساعدة لبنان على تنفيذ البرنامج الاستثماري، فإن مؤتمر باريس يهدف إلى دعم الاستقرار الاقتصادي في لبنان ووضع الأسس المتينة التي ستسمح لنا في السنوات القادمة بالنهوض باقتصادنا الوطني وتحقيق معدلات نمو مرتفعة وإيجاد فرص عمل مستدامة لشبابنا وشاباتنا”.
وأردف: “من هنا، فإن نجاح مؤتمر “سيدر” يرتكز بشكل أساسي على نية جدية لدى المجتمع الدولي للوقوف إلى جانب لبنان لدعم الاستقرار الاقتصادي فيه، كما أنه يرتكز على إرادة حقيقية لدى جميع الفرقاء السياسيين للمضي بعملية التصحيح المالي وتنفيذ الإصلاحات القطاعية والهيكلية التي من شأنها تفعيل نشاط القطاع الخاص واستقطاب الاستثمارات الأجنبية وخلق معدلات نمو وفرص عمل مستدامة. إن مؤتمر “سيدر” يشكل فرص مهمة لكل اللبنانيين لنسج عقد للاستقرار والنمو وفرص العمل بين لبنان والمجتمع الدولي. وأنا على ثقة أن هذا العقد هو لمصلحة لبنان وكل اللبنانيين”.
وقال: “أود التأكيد مجددا على الدور الأساسي للقطاع الخاص في المرحلة المقبلة. وإذا نظرنا إلى وضعنا قبل عام ونصف، وما تمكنا من تحقيقه اليوم بهذا التوافق السياسي الذي حصلنا عليه بعد انتخاب الرئيس ميشال عون، نجد أن هذا التوافق هو الأساس. أعلم أن التحديات كبيرة والعجز كبير وأعلم أن هناك خلافات سياسية بيننا في مكان ما، ولكن هذا التوافق السياسي مكننا من إنجاز موازنة العام 2017 وقانون انتخاب كنا نحاول طوال ثماني سنوات أن نعمل عليه، وقانون النفط والغاز وإنجاز العديد من المشاريع الأخرى التي كانت متوقفة في مجلس النواب”.
أضاف: “من هنا، علينا اليوم أن نستغل هذا التوافق السياسي، إن كان الآن قبل التوجه إلى مؤتمر باريس أو حتى بعد إنجاز الانتخابات النيابية. فالانتخابات ستفرز مجلسا نيابيا جديدا، وستكون أساسا، بعد إنجاز مؤتمر باريس، لاستكمال الخطة. وأيا كان من سيأتي في المستقبل، فإن هناك خطة واضحة في الإصلاح والإنماء والاستقرار والأمن وكل ما يهم المواطن اللبناني. لذلك أنا متفائل جدا رغم أن التحديات كبيرة. قد يتساءل البعض عن الطموح الذي يمتلكه اللبنانيون. هذا ليس طموح سعد الحريري، ولكني أرى أن كل لبناني لديه طموح بقدر ما لدى سعد الحريري وأكبر بكثير، وأعلم أن القطاع الخاص قادر على تحقيق هذا الطموح لأنكم أنتم من تقومون بالبلد منذ أيام الرئيس الشهيد رفيق الحريري”.
وتابع: “من هنا، فإن مؤتمر “سيدر” والمشاريع التي سترونها خلاله ستكون مربحة إن شاء الله، وهذا ما يهم القطاع الخاص. وخلافا لما يعتقده بعض السياسيين بأن القطاع الخاص يجب ألا يربح، وإنما هم فقط، نحن مع أن يكون لدى القطاع الخاص الوسيلة للعمل في البلد، ولذلك وافق مجلس النواب على قانون الشراكة، وأنا لدي أمل كبير جدا بأن يكون القطاع الخاص السباق في مؤتمر باريس. من هنا أدعو الجميع لاعتبار أن هذا المشروع هو لأولادنا وأحفادنا وهو لا يمكن أن يكون أكثر شفافية. والاختلاف بينه وبين باريس 1و2 و3 واضح اليوم أمامكم، فصحيح أن هناك 250 مشروعا نعرضها للاستثمار من قبل القطاع الخاص أو القطاع العام، ولكن وضوح هذا المشروع أننا وضعنا الإصلاحات أيضا كأساس لترجمة هذه المشاريع، وبذلك نربط الأموال التي ستتدفق إلى لبنان بهذه الإصلاحات”.
وختم: “أنا مع أن يجري لبنان هذه الإصلاحات لتشجيع القطاع الخاص وتكون لدينا إصلاحات تمكن الدولة من إيقاف الهدر والفساد وتعطي المواطن اللبناني ما يستحقه من خدمات في البنى التحتية. فالكل يعلم أنه من دون بنى تحتية لا يمكن للبلد أن يقوم، ولذلك التركيز هو على البنى التحتية التي ستخلق فرص عمل للبنانيين، وبدلا من أن يكون 30% من اللبنانيين لا فرص عمل لهم، فإن هؤلاء الشباب سيبقون في لبنان ويعملون، وهذا هو هدفنا”.
سلامة
من جهته، أشار حاكم مصرف لبنان رياض سلامة الى أن “مصرف لبنان يعتبر أن مبادرة دولة الرئيس سعد الحريري وحكومته بتنظيم مؤتمر دولي بمساعدة الدولة الفرنسية مشكورة، مبادرة ذات طابع إصلاحي سينتج عنها بداية تصحيح في الاقتصاد اللبناني، لا سيما أنه يشرك فيه القطاع الخاص”.
وقال: “إننا نتطلع إلى نسب نمو تفوق النمو بالدين العام ان تحققت وعود سيدر 1. من ناحية أخرى، إن توسيع حجم القطاع الخاص من خلال استثماراته في البنية التحتية وفي الاقتصاد، اصبح مصيريا للعودة إلى نسب نمو تولد فرص عمل وتعزز قدرة لبنان الإنتاجية والتنافسية. ارتفعت الفوائد على الليرة اللبنانية بما يساوي 2% على أثر أزمة استقالة الرئيس الحريري في تشرين الثاني والحملات المتكررة لاستهداف الاستقرار النقدي. إنما مع ارتفاع الفائدة على الليرة اللبنانية وعودة الأمور السياسية إلى طبيعتها، ارتفعت الموجودات في الدولار لدى مصرف لبنان بحوالي 1,4 مليار دولار اميركي لغاية آخر شباط 2018 مقارنة مع آخر سنة 2017”.
وأوضح أن “ميزان المدفوعات سجل في كانون الثاني فائضا يساوي 235 مليون دولار أميركي، مؤشرا إلى عودة التدفقات النقدية نحو لبنان. وهذا ما جعل مؤسسة S&P الابقاء على نظرة مستقرة للبنان للعام 2018”.
وقال: “يبقى مصرف لبنان ثابتا في سياسته الهادفة إلى تمتين القطاع المصرفي. وقد توصل هذا القطاع إلى تطبيق المعايير الدولية، وأصبحت ملاءته تفوق الـ15% تبعا لمعاير بازل-3. كما امتثل القطاع المصرفي بما هو مطلوب دوليا من حيث التأكد من أن الأموال الداخلة إليه لا تخالف قوانين الدول التي يتعامل مع مصارفها أو يستعمل عملتها”.
وأشار الى أن “لبنان شريك معترف به من منظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي (OECD) بمكافحته التهرب من الضرائب”، معتبرا أن “دعوة القطاع الخاص الى الاستثمار في البنية التحتية يشجع العودة إلى اقتصاد السوق ويعيد إحياء روح المبادرة والابتكار والتنافس، ويعزز الثروة الأهم لدى لبنان وهي العنصر البشري”.
ولفت الى أن “هيئة الأسواق المالية تستعد لإطلاق منصة الكترونية للتداول في الأوراق المالية من أسهم وسندات يديرها القطاع الخاص وتراقبها هيئة الأسواق”، آملا أن “يتم ذلك مع تخصيص بورصة بيروت”.
وقال: “لقد حضرنا الأسواق لكي تعمل على الأسس الحديثة من خلال تعاميم أصدرناها ومراقبة أجريناها عبر وحدة التدقيق في الهيئة، وبالتالي ستتمكن الشركات اللبنانية والشركات التي ستستثمر من خلال الشراكة مع الدولة، من الاستفادة من السيولة التي سوف تستقطبها البورصة والمنصة، لا سيما أنهما ستكونان منفتحتين على الخارج ويمكن التعاطي معهما من كل أنحاء العالم”.
دوكان
بدوره، أكد المبعوث الفرنسي المنتدب لشؤون المتوسط السفير بيار دوكان على “الإمكانات الاقتصادية للبنان”، لافتا إلى أن هذا المؤتمر هو “حدث تحضيري لمؤتمر سيدر الذي ستنظمه الدولة الفرنسية بالشراكة مع لبنان، ومن المفيد أن تشارك الشركات اللبنانية من القطاع الخاص”، مشيرا إلى أن “مؤتمر سيدر سيشارك فيه الرئيس ماكرون إضافة إلى وزير الشؤون الخارجية ووزير الاقتصاد والمالية ويحظى بمشاركة 50 بلدا ومنظمة دولية”.
ولفت الى أن “مؤتمرات باريس السابقة عبرت عن اهتمام فرنسا والمجتمع الدولي بدعم لبنان”. وقال: “أكد رئيس الحكومة سعد الحريري أن الاقتصاد اللبناني بحاجة إلى إصلاحات ونعني بها إصلاحات قطاعية بالإضافة إلى إقرار القوانين التي تم التصويت عليها من أجل تحفيز الاستثمارات. بعض الإصلاحات يمكن أن تطبق قبل انعقاد مؤتمر باريس، وتتمثل في اعتماد ميزانية للعام 2018 التي تفسح المجال للقطاع الخاص بالشراكة مع القطاع العام، وموافقة البرلمان على المشاريع التي تحظى بمساعدة دولية ومن بينها قانون المياه، وموافقة الحكومة على المراسيم الفنية الضرورية التي تمكن المجلس الأعلى للخصخصة من إتمام المشاريع التي تتطلب الشراكة بين القطاعين العام والخاص، والتعيينات في الهيئات التنظيمية مثل قطاع الاتصالات والطاقة والطيران المدني”.
وأوضح أن “هذه الإصلاحات تتطلب استثمارا على المدى الطويل، وتتطلب زيادة المدخول المالي وسد العجز، ومكافحة الفساد وإصلاح كهرباء لبنان، ومن الواجب أن تصب هذه الإصلاحات في مصلحة المستثمرين”، مشددا على أن “القطاع الخاص يلعب دورا مهما في حيوية الاقتصاد وريادة الأعمال وتعزيز قدرة القطاع المالي، إضافة إلى أن لديه القوى العاملة الكفوءة”.
وأكد أن “المشاريع المدرجة في هذا البرنامج الاستثماري مهمة جدا ومن شأنها استقطاب الشركات الصغيرة والمتوسطة، ومن المتوقع أن يفتح تطبيق الشراكة بين القطاعين العام والخاص مشاركة كبيرة من القطاع الخاص تعود بمردود كبير جدا”، لافتا الى أن “مؤتمر سيدر سيستكمل من خلال اجتماعات تنسيقية مع المسؤولين في لبنان، كما أنه تم إنشاء موقع الكتروني خاص بالمؤتمر”.
وشدد على أن “فرنسا تولي اهتماما كبيرا باستقرار لبنان لأسباب تاريخية طويلة بين البلدين”، وقال: “هذه الرسالة أنقلها إليكم من الرئيس ماكرون، كما حملتها باسم لبنان إلى مختلف البلدان والمنظمات الدولية المهتمة بلبنان”.
وختم: “هذا المشروع صعب إنما ضروري”.
شقير
أما رئيس الهيئات الاقتصادية اللبنانية محمد شقير، فقال: “قبل التفكير بالاقتصاد والتنافسية الشعب اللبناني يستحق أن يعيش في بيئة مريحة ولائقة عبر توفير كل الخدمات بأفضل ما يمكن وبشكل مماثل للدول المتطورة. هذه آمالنا المعقودة على مؤتمر سيدر الذي يعتبر خطوة جريئة وجبارة لاستعادة ما فاتنا من تطور وحداثة واستعادة تنافسية بلدنا. لذلك، لا يمكن الحديث عن استعادة دور لبنان كمركز اقتصادي مرموق في المنطقة والعالم من دون هذه الورشة الكبرى، لذلك نقول أن مؤتمر سيدر هو استثمار للبناء والاعمار وهو استثمار لدور لبنان الريادي في المنطقة والعالم”.
أضاف: “مع هذا التراجع والترهل الذي اصاب البنى التحتية في لبنان، نعيد تأكيدنا، أنه لم يعد ينفع العلاج بالقطعة أو بالمفرق، فالمطلوب ورشة شاملة ومتكاملة. لذلك نعلن كقطاع خاص لبناني تأييدنا ودعمنا المطلق لهذا المشروع الرائد، وترحيبنا بتخصيص جزء من المشاريع المطروحة وقيمتها حوالي 7 مليارات دولار لتنفيذها عن طريق الشراكة بين القطاعين العام والخاص”.
وتابع: “مع مؤتمر سيدر والبدء بالتنقيب عن النفط والغاز البلد أمام فرصة تاريخية يجب عمل كل المستطاع لإنجاحها، لذلك ندعو إلى إقرار الاصلاحات المالية والقطاعية والإدارية للحصول على دعم المجتمع الدولي في هذا المؤتمر وللحصول على الفائدة المرجوة من المشاريع التي ستنفذ. كما ندعو للبدء بورشة تشريعية لتحديث القوانين خصوصا تلك المتعلقة بالشأن الاقتصادي”.
أبو زكي
وقال الرئيس التنفيذي في مجموعة “الاقتصاد والأعمال” رؤوف أبوزكي: “يشكل مؤتمر الاستثمار في البنى التحتية في لبنان منعطفا في مسيرة التنمية والنهوض في وقت يعاني لبنان من مؤشرات التباطؤ، ويواجه جملة من التحديات المحلية والإقليمية. ومع هذا المؤتمر تعود بنا الذاكرة إلى المؤتمر الذي نظمناه مع الرئيس الشهيد رفيق الحريري العام 1993، والذي خصص للاستثمار واعادة الإعمار بعد الحرب. واليوم، وبعد ربع قرن، ينعقد هذا المؤتمر حاملا معه كما في العام 1993 الرؤية والطموح. وعلى الرغم من اختلاف الظروف والمعطيات فإن القاسم المشترك بينهما هو النهج الحريري المتجدد مع الرئيس سعد الحريري، مع ما يحمله هذا النهج من قيم الاعتدال والحوار والتضحية والتصميم على الاعمار والاستثمار والإنماء والازدهار”.
أضاف: “إن البرنامج الاستثماري في البنى التحتية، موضوع هذا المؤتمر، خصص نحو 40 في المئة من كلفته أي نحو 6 إلى 7 مليارات دولار لمشاريع شراكة مع القطاع الخاص، وفق قانون الشراكة الذي يعتبر الأمثل في المنطقة. ولبنان هو بلد القطاع الخاص بامتياز بأبعاده المحلية والعربية والدولية. ويمكن القول إن لبنان، وبفضل حيوية القطاع الخاص فيه وامتداداته من خلال الانتشار اللبناني، استطاع أن يصمد أمام كل الصعوبات والأزمات المتتالية. ولذا فإن مؤتمرنا اليوم هو لشركات القطاع الخاص اللبناني والعربي والدولي التي أمامها مروحة متنوعة من المشاريع في معظم القطاعات والمناطق”.
وتابع: “يفرض على لبنان أن يساعد نفسه قبل أن يطلب مساعدة الأخرين. وهذه المهمة تبدو اليوم مطلوبة وبإلحاح. فلبنان، يحتاج إلى متابعة واستكمال حركته الإصلاحية ويحتاج إلى إزالة كل المعوقات الطاردة للاستثمار وإلى تبني أنظمة الحوكمة والشفافية، واتخاذ التشريعات الرامية إلى تحسين بيئة الأعمال. إن الصعوبات كبيرة لكن الاقتصاد اللبناني هو من أعرق الاقتصادات الحرة في المنطقة، والثقة بقدرة القيادات على حلها كبيرة أيضا. يساعدنا على ذلك توافق على استمرار الهدوء والاستقرار، والاهتمام الخارجي بالبلد وبدء دخول نادي الدول المنتجة للنفط والغاز. ويضاف إلى ذلك كله ما بدأ يرتسم في الأفق من إنفراج في أجواء العلاقات الخليجية – اللبنانية. ولا بد من التنويه هنا بالدور الفرنسي المحوري في مؤتمر سيدر، وما هو إلا امتداد للسياسة الفرنسية التاريخية الداعمة للبنان مع تعاقب الرؤساء”.
حايك
وأوضح الأمين العام للمجلس الأعلى للخصخصة والشراكة زياد حايك أن المجلس بمثابة “لجنة وزارية دائمة يترأسها رئيس مجلس الوزراء”. وأشار إلى أن “هذه المقاربة الوزارية لهيكلية الوحدة المسؤولة عن مشاريع الشراكة أثبتت فاعليتها الكبيرة في دول كثيرة”، مبديا ثقته بأنها ستتيح “تحقيق الكثير وتخطي عقبات جمة”.
ورأى أن “إقرار قانون الشراكة بين القطاعين العام والخاص وتصديقه في أيلول 2017، سيغير هذا الواقع”، معتبرا أنه “شكل نقطة تحول في المسار الاقتصادي للبنان، إذ أرسى للمرة الأولى إطارا تشريعيا لاعتماد مشاريع الشراكة، يتفق مع المعايير المعتمدة دوليا وأفضل الممارسات في العالم في هذا المجال”.
وأشار الى أن القانون “يحدد إجراءات لتصميم مشاريع الشراكة بين القطاعين العام والخاص ولاختيار الشريك الخاص”، مؤكدا أن هذا القانون “يضمن تحقيق الشفافية في كل مشروع، ويتيح تعاطي القطاع العام باحتراف مع مشاريع الشراكة”، مشددا على أن القانون “سهل مساهمة القطاع الخاص بروحية الشراكة”.
وإذ لفت الى أن “هذا القانون لا يتطلب أي مراسيم تطبيقية”، رأى أن “تسهيل عمل المجلس الأعلى يستلزم اعتماد مراسيم مرتبطة بالإدارة الداخلية والموارد البشرية والإدارة المالية”، آملا أن “يقر مجلس الوزراء هذه المراسيم في أسرع وقت ممكن”. واعتبر أن “إقرار قانون الشراكة، وما حظي به من توافق وطني جسده الدعم الذي أبدته كل الأحزاب السياسية الأساسية في لبنان للشراكة بين القطاعين، من شأنه أن يريح الجهات الشريكة المحتملة من القطاع الخاص”.
وشدد على أن “توسيع الاقتصاد وتوفير مئات الآلاف الوظائف وزيادة الناتج المحلي الإجمالي، هو الطرق الوحيدة التي تتيح للبنان الخروج من عبء الدين العام”، معتبار أن “الشراكة بين القطاعين العام والخاص تشكل المفتاح لهذا النمو المنشود”، آملا “الحصول على الدعم غير المجتزأ والكامل من المجتمع الدولي والمنظمات المتعددة الطرف لسعي لبنان إلى تطوير بناه التحتية”.