د. عامر مشموشي:
بات بالإمكان القول، أن لبنان دخل جدياً في مدار الانتخابات النيابية، وان زعماء الأحزاب الكبيرة الذين يتحكمون بالقرار السياسي في البلاد حسموا أمرهم بما لم يعد هناك أي مجال للشك لخوض غمار هذه الانتخابات كل من موقعه باستثناء الثنائي الشيعي الذي ظل محافظاً على وحدته في خوض هذه الانتخابات، مطمئناً مسبقاً إلى النتائج التي ستسفر عنها بمعزل عن تحالفاته المحتملة مع القوى الأخرى التي لم تحسم خياراتها بعد بانتظار أن تحدد علاقاتها التحالفية مع هذا الثنائي الذي أنهى أمس بالاعلان عن مرشحيه الشيعة في كل الدوائر الانتخابية التي حددها القانون الانتخابي النافذ وترك الأبواب مفتوحة لمن يرى له مصلحة انتخابية في التحالف أو في عدم التحالف معه.
وبإعلان الثنائي الشيعي وقبله بأيام معدودة رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي أسماء مرشحيهم للانتخابات النيابية المقبلة كرّت سبحة الترشيحات بالنسبة للاحزاب الأخرى لا سيما المسيحية منها، وتيار المستقبل، وبات من المقرّر أن تشهد الأسابيع الثلاثة المقبلة التي تسبق مهلة سحب الترشيح، تسابق هذه القوى على إعلان مرشحيها وترك الأبواب أيضاً مفتوحة أمام الاتصالات مع الأحزاب الأخرى لتركيب اللوائح الانتخابية إذا أمكن مع وجود اتجاه قوي لدى معظم هذه القوى بحكم القانون الذي ستجري على أساسه الانتخابات لخوضها بلوائح حزبية لكل منها، مع ترك الباب مفتوحاً لتحالفات ما يسمى بالقطعة.
وتدل الأجواء السائدة حتى الآن، على وجود صعوبات جمة في إمكان قيام تحالفات واسعة بين هذه القوى لأسباب كثيرة تضمنها القانون الانتخابي النافذ إن لجهة الصوت التفضيلي أو لجهة الحاصل الانتخابي بما يحتم على كل منهم الاعتماد أكثر على قوته الشعبية التي يستند أساساً عليها وتجميعها بدلاً من توزيعها على المرشحين في اللائحة وفقاً للتحالفات المفترضة.
من هنا لجأت هذه القوى التي كانت قبل القانون الحالي تتحكم بالعملية الانتخابية، ولا تخاف على مرشحيها من التحالفات التي تقيمها مع بعضها، إلى التفرّد في الترشيحات لكي تحدد عدد نوابها، وفق الإحصاءات الدقيقة التي قامت بها ماكيناتها الانتخابية حتى تتجنب الدخول في حسابات الحاصل الانتخابي والصوت التفضيلي الذي بات واضحاً انه وحده يتحكم بجزء كبير من المعركة الإنتخابية، ويحمل كل فريق ضمن التحالف الواحد في حال وجوده على خوض معركة تنافسية حامية داخل اللائحة الواحدة.
وبصرف النظر عما ستكشف عنه المشاورات الجارية بين رؤساء الكتل الرئيسية التي تعتقد انها ما زالت تتحكم بالعملية الانتخابية، فإن ذلك لا يحول دون خوف كل فريق داخل التحالف الانتخابي الواحد على مرشحيه من أن المنافسة، ولهذه الأسباب وباستثناء التحالف الثنائي الشيعي، وعلى الرغم من قرب موعد اقفال باب الترشيحات لم تستطع أي من الأحزاب التي قررت خوض الانتخابات أن تقيم أي تحالفات في ما بينها، وتؤكد في الوقت نفسه أن أي تحالف ممكن لا يقوم إلا على «القطعة» بمعنى على تقاطع المصالح الانتخابية، في هذه الدائرة أو تلك، مع علمها المسبق بأن مثل هذه التقاطعات تبدو شبه مستحيلة في ظل القانون الذي ستجري على أساسه هذه الانتخابات حتى انه من غير المستبعد أن ينسحب هذا التنافس على لائحة اللون الواحد.