“حاربوهم مثل السجائر”.. حملة أطلقها موظفون سابقون في فيسبوك وغوغل لمحاربة إدمان التكنولوجيا، لكي تخفف من كمية الإدمان التي تسببها ومقدار تلاعبها بالمستخدمين. وتحصل هذه الحملة على تمويلها من Common Sense، وهي منظمة غير ربحية تنادي بإعلام وتكنولوجيا آمنة للأطفال، بحسب صحيفة The Guardian البريطانية.
لكن دراسة جديدة من كلية الاقتصاد بلندن ترى العكس! إذ قال الباحثون إن أجهزة الهواتف المحمولة وتطبيقاتها تساعد الآباء والأطفال على التواصل والمشاركة في نشاطات جماعية في أوقات الفراغ.
واعتبرت الدراسة، التي نشرها موقع صحيفة الغارديان البريطانية، أن الشبكات الاجتماعية تعزز الحياة العائلية ولا تدمرها، كما أنها تؤدي دوراً رئيسياً في حياة العائلات.
وتخالف الدراسة التي أجرتها كلية الاقتصاد بلندن، كل الأبحاث السابقة التي تقول إن الارتباط بالشبكات الاجتماعية يهدد الحياة العائلية، وتعزل أفراد العائلة، وتحرمهم من النشاطات المشتركة التقليدية.
بدلاً من ذلك تقول الدراسة، إن نشاطات الشبكات الاجتماعية أصبحت أكثر تكاملاً في الحياة العائلية، وأصبحت وسائل شائعة في تمضية الوقت المشترك، بدلاً من النشاطات التقليدية مثل تناول الطعام والتسوق معاً.
تقول الدراسة أيضاً إن الانخراط في نشاطات الوسائط الرقمية مثل مشاهدة الأفلام ولعب ألعاب الفيديو والتواصل عبر المكالمات الهاتفية وتطبيقات المراسلة تربط العائلات بعضها ببعض، بدلاً من أن تعزلهم.
بحسب تقرير الأبوة في المستقبل الرقمي الصادر في “يوم الإنترنت الآمن” في 2018، الذي اعتمد على استطلاع رأي شمل 2000 من الآباء فإنه “بخلاف الاعتقاد الذي دفعتنا العناوين المرتعبة إلى تبنيه، فإن الوسائط الرقمية بدلاً من أن تقوم بتفرقة الأسرة أسست طرقاً جديدة للتفاعل واللعب والتواصل قائمة على الوسائط الرقمية”، يقول التقرير.
اليوم تتناول العائلات البريطانية طعامها ويتسوقون ويقرأون معاً، وكذلك يشاهدون التلفاز والمحتوى المرفوع على الإنترنت، ويلعبون ألعاب الفيديو ويستخدمون التكنولوجيا التعليمية، يزورون أصدقاءهم وعائلاتهم ويراسلونهم عبر تطبيقات المراسلة، ويجرون اتصالات فيديو معهم، بحسب ذات الدراسة.
يرى التقرير أيضاً أن الوسائط الرقمية تساعد الآباء في تربية أطفالهم. قال غالبية الآباء المشاركين في الاستطلاع إنهم يستعملون الإنترنت على الأقل مرة في الشهر ومعظمهم استخدموه في مساعدتهم في نشاطات التربية.
قال ما يقرب من نصفهم إنهم استعملوه لأغراض تعليمية، في حين استخدمه 4 من كل 10 في تحميل المحتوى المرفوع على الإنترنت لأطفالهم، وثلاثة من كل 10 استعملوه سعياً للحصول على نصائح طبية مرتبطة بأطفالهم.
على الرغم من ذلك سلط مؤلفو التقرير الضوء على مخاوف الآباء من الوقت الذي يقضيه أبناؤهم أمام الشاشة، الذي يعد مصدراً للنزاع داخل المنازل، رغم أن النوم والسلوك يسببان خلافات أكبر.
كما أنهم أبرزوا نقص الدعم المقدم للآباء الذين يواجهون مشكلات معينة فيما يخص استخدام أبنائهم أو استخدام العائلة للوسائط الرقمية.
على سبيل المثال حين تواجههم مشكلات مع الأطفال في موضوعات أخرى يتوجهون إلى آبائهم طلباً للنصحية، لكن فجوة جيل الوسائل الرقمية قد تعني أنهم على الأرجح لن يكونوا قادرين على مساعدتهم.
قال 9% فقط من المشاركين في الاستطلاع، إنهم يتوجهون إلى آبائهم طلباً للنصيحة، مقابل نسبة 28% الذين يطلبون من آبائهم النصح بشكل عام.
أكد التقرير أن النشاطات التقليدية المشتركة ظلت موجودة في العائلات، إلى جانب النشاطات الرقمية الجديدة.
على مدار أسبوع، تناول 8 من كل 10 آباء الوجبات، وشاهدوا التلفاز أو الأفلام مع أطفالهم؛ 6 من كل 10 اشتركوا في نشاطات رياضية أو التسوق أو الزيارات العائلية مع أطفالهم، وأكثر من النصف لعبوا وقرأوا مع أطفالهم.
بحسب التقرير شاركت الأمهات في نشاطات أكثر مع أطفالهن بشكل عام، بينما كان معظم الآباء يقولون إنهم لعبوا ألعاب الحاسوب والفيديو مع أطفالهم. واستخدم الآباء شبكات التواصل الاجتماعي للتواصل مع أبنائهم المراهقين.
قالت مؤلفة التقرير الدكتورة سونيا ليفينجستون من قسم الوسائط والاتصالات بكلية لندن للاقتصاد “بدلاً من القلق بشأن الوقت الكلي الذي يقضيه الأطفال أمام الشاشة، قد يكون من الأفضل دعم الآباء الذين نشأ الكثير منهم على الوسائط الرقمية، في تقرير متى ولماذا تساعد نشاطات رقمية معينة أو تضر أطفالهم، وما الذي يجب عليهم فعله بهذا الخصوص.
يقول جاستن روبرتس المدير التنفيذي ومؤسس موقع “مامز نت” للتربية، إن المحادثات عن استخدام الأطفال للإنترنت على مامز نت كشفت طيفاً واسعاً من وجهات النظر.
وتضيف أن الآباء الذين نشأوا دون إنترنت تربكهم المصطلحات وطرق التشغيل؛ بينما الآباء الذين نشأوا على الإنترنت من جيل الألفية عادة ما يكونون أكثر حزماً من الآباء الأكبر سناً، ويميلون لوضع قواعد صارمة للاستخدام.
تعتبر روبرتس أن الإنترنت، تقدم النصيحة الجيدة التي تشكل ركناً أساسياً من حياة العائلات مساعدة كبيرة، وكما يشير هذا التقرير فإن الآباء يرحبون بدعم أوسع اطلاعاً وأكثر تفصيلاً.
(هاف بوست عربي)