أنهت الأسواق الآسيوية تعاملات آخر أيام الأسبوع متراجعة بما بين 2 و5 في المئة، كرد فعل على هبوط كبير آخر في أسواق وول ستريت ليل الخميس/الجمعة على غرار ما حدث ليل الاثنين/الثلاثاء في نهاية تعاملات أول أيام الأسبوع في نيويورك وإن بدرجة أقل حدة.
وفي المتوسط، هبطت مؤشرات الأسهم الرئيسية في نيويورك بنحو 4 في المئة، ليتردد صدى الهبوط في آسيا وربما في أوروبا قبل إغلاق الأسواق لعطلة نهاية الأسبوع.خلال الأسبوع، فقدت أسعار الأسهم الأميركية كل ما أضافته من ارتفاع هذا العام (نحو 10 في المئة)، ويتوقع المحللون أن عملية “التصحيح التقني” في أسواق الأسهم الرئيسية في العالم لم تنته بعد أخذا في الاعتبار استمرار منحنى المؤشرات في الارتفاع في العامين الأخيرين والارتفاع الكبير في أسعار الأسهم الأميركية العام الماضي منذ تولي الرئيس الجمهوري دونالد ترامب مهام منصبه.
أما تفسير حدوث الهبوط الشديد في نصف الساعة الأخير قبل اقفال السوق فمرده إلى ما يسمى “تداولات لوغارتمية” لمتعاملين وصناديق استثمار في الأسهم تطلق عمليات بيع وشراء آلية استنادا إلى تقديراتها لاهتزاز السوق واستقراره.
وفي البداية تبدأ عمليات البيع الكبيرة (التي تقود لهبوط الأسعار وبالتالي المؤشرات) في آخر جلسات التعامل حيث تكون السيولة في السوق عند حالتها القصوى. ومع بدء البيع تنطلق عمليات البيع “التقنية اللوغارتمية” تلك.
الأسهم والسندات
كان الهبوط الشديد في أول أيام الأسبوع مفاجأة لكثيرين، لكن من يتابعون أسواق السندات يعرفون أن ارتفاع العائد إلى ما يقرب من 3 في المئة (وبالتالي هبوط سعر السندات الذي يتناسب عكسيا مع العائد عليها) سيجذب السيولة من أسواق الأسهم إلى أسواق السندات – خاصة سندات الدين الحكومي (السندات السيادية).
وتشهد أسواق السندات غليانا في الأعوام الأخيرة ينذر بفقاعة هائلة، ليس فقط لارتفاع معدلات الديون (السيادية وديون الشركات) فحسب بل لأن ذلك له تأثير واسع في الاقتصاد على المغالاة في أسعار الأصول بأكثر من قيمتها الحقيقية بفارق كبير.
وبداية الأسبوع، وصل العائد على سندات الخزانة الأميركية لمدة 10 سنوات إلى نحو 2.9 في المئة ليتراجع بعد الهبوط الشديد في مؤشرات الأسهم إلى أقل من 2.7 في المئة.
وتكرر ذلك الخميس حين وصل العائد على تلك السندات مرة أخرى إلى 2.9 في المئة.
ولأن صناديق الاستثمار في الأسهم والسندات توزع استثماراتها على السوقين، فإن بيع السندات يعني في أغلب الأحيان شراء السندات وبالتالي “سحب بعض حرارة الغليان من السوق”.
وبالطبع هناك استثمارات لصناديق أخرى تذهب إلى ملاذ آمن مثل الذهب.
عوامل أساسية
تظل العوامل الأساسية التي تؤثر في السوق دون تغيير كبير، رغم تقديرات المستثمرين بارتفاع معدلات التضخم في أميركا والاقتصادات الرئيسية بأسرع من المتوقع.
وزاد من تلك التوقعات ما أعلن عقب الاجتماع الشهري للجنة النقدية في بنك انجلترا (المركزي البريطاني) عن احتمال الاتجاه لرفع أسعار الفائدة بأسرع وأكبر مما كان مقدرا من قبل.
ولأن الأسواق في حالة اهتزاز بالفعل منذ مطلع الأسبوع، جاء رد الفعل على احتمالات رفع الفائدة البريطانية كبيرا، على الرغم من أن الاحتياطي الفدرالي (البنك المركزي) الأميركي أكد في وقت سابق من هذا الأسبوع أن سياسته النقدية لن تشهد تغييرات كبيرة.
وبانتظار الإعلان عن أرقام التضخم في الاقتصاد الأميركي خلال أيام ستظل أسواق الأسهم في حالة عدم استقرار، بغض النظر عن العوامل الأساسية التي لا تشهد تغيرات كبيرة تبرر حركة المؤشرات العنيفة تلك.